عالم بلا أمم متحدة؟!

قبل أيام مرت الذكرى 68 على تأسيس الامم المتحدة التي تعتبر المنظمة الدولية الاكبر في العالم، والتي تأسست في اكتوبر عام 1945 على خلفية فشل منظمة \”عصبة الامم\” التي كان يفترض بها ان تؤدي ذلك الدور، لكنها فشلت ولم تمنع العالم من دخول حرب عالمية ثانية، فاستحدثت المنظمة الجديدة وفق شروط المنتصرين في تلك الحرب الكونية وبمباركة 51 دولة بهدف \”صون السلم والأمن الدوليين، وتنمية العلاقات الودية بين الأمم وتعزيز التقدم الاجتماعي، وتحسين مستويات المعيشة وحقوق الإنسان\” كما جاء في اعلان التأسيس. اليوم وبعد مرور اكثر من نصف عقد على تأسيس منظمة الامم المتحدة اصبحت الدول الاعضاء قرابة مائتي دولة، والرقم مرشح للازدياد، فهناك اطراف دولية في طريقها للانضمام، لكي تكون عضوا متكامل العضوية تحت راية المنظمة الدولية المعروفة.

واضحة للجميع تلك السلبيات الكبيرة التي تحيط عمل ودور الامم المتحدة وخصوصا الحظوة التي تميّز اعضاء مجلس الامن الدائمين من خلال \”حق النقض-الفيتو\”، الامم المتحدة مؤسسة اختزلت في كثير من الاحيان في مجلس الامن فهي مقادة من قبل خمسة اعضاء فقط، وقد تختزل القيادة فيها الى اقل من ذلك، ولهذا فهي تتعرض الى انتقادات لاذعة حتى من قبل الشخصيات التي تبوأت مراكز قيادية فيها، كما هو الحال مع الامين العام السابق بطرس غالي الذي طالما انتقد الطريقة التي تدير فيها الامم المتحدة شؤون العالم واصدر كتابا خاصا بضرورة اعادة النظر بهيكلية الامم المتحدة ومجلس الامن. قبل ذلك وحينما علت الاصوات في النصف الثاني للقرن العشرين بضرورة مراجعة ميثاق الامم المتحدة اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1974 قراراً يقضي بإعادة النظر في ميثاق الأمم المتحدة والبحث في السبل المؤدية إلى تعزيز دور المنظمة وجعلها أكثر فاعلية، لكن تلك التوصية لم تأخذ طريقها الى التنفيذ واستبدلت طريقة المعالجة بإشراك اطراف دولية فاعلة ومؤثرة خارج مجلس الامن، مثل المانيا على سبيل المثال في معالجة العديد من الازمات الدولية من خلال ما يسمّى بمجموعة \”خمسة + واحد\” او من خلال مجموعة الثماني التي تضم \”الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، ألمانيا، روسيا الاتحادية، إيطاليا، المملكة المتحدة، فرنسا، وكندا\”.

ومع جميع ما يثار حول عمل المنظمة الدولية الاكبر في العالم من لغط، ومع كل ما يسجّل عليها من اخطاء وخطايا وسيل من الملاحظات فإن بلدان العالم الكبرى والصغرى لا تجرؤ ابدا على المطالبة بإلغاء الامم المتحدة، على الاقل لأنها تمثل الحد الادنى من التعاون الدبلوماسي المشترك بين بلدان العالم. انها منظمة سيئة ولكن الغاءها ربما يؤدي الى نتائج اسوأ. ان اكثر بلدان العالم تضررا من تلك المؤسسة الدولية لا تريد الغاءها تماما، بل اقصى ما تطالب به هو اعادة النظر في دور مجلس الامن وحق الفيتو، او حتى توسيع مجلس الأمن. هل لنا ان نتخيّل شكل العالم بلا امم متحدة ؟! ما الذي سيحصل؟! مع وجود الامم المتحدة فإن بعض القوى الكبرى تتجاوز على جميع تلك المواثيق الدولية احيانا، وتشن حربا ضد هذه الدولة او تلك، فما بالك اذا لم تكن هناك امم متحدة اساسا؟!

في نهاية المطاف وبعيدا عن المواقف العاطفية، فإنه لا يمكن الاستغناء عن تلك المنظمة الدولية بأي شكل من الاشكال، على صعيد تنظيم العلاقات الدولية، اضافة الى دورها الكبير الذي لا يمكن تجاهله فيما يتعلق ببعثاتها التي تقوم بعمليات حفظ السلام في العديد من مناطق النزاع حول العالم، ناهيك عن الدور الانساني والثقافي الذي تقوم به المنظمة من خلال اذرعها الكثيرة مثل اليونيسيف، اليونسكو، منظمة الصحة العالمية، مفوضية شؤون اللاجئين، وغيرها من المنظمات العديدة التابعة للأمم المتحدة. وبدل ان نكتفي بلعن دور تلك المنظمة الدولية علينا استثمارها بشكل جيد قدر الامكان، ليس ذلك مستحيلا ان كانت دبلوماسيتنا فاعلة تحت سقف تلك المظلة الدولية، هناك العديد من البلدان الصغيرة في العالم لها دور فاعل ومؤثر في الامم المتحدة دون ان تكون عضوا في مجلس الامن الدولي.

gamalksn@hotmail.com

إقرأ أيضا