الفساد الأعلامي!

تراجع مشروع الأعلام الحر في العراق بعد 2003 ، وانحسرت مساحات استقلالية الصحافة بعد ان تهيكل الأعلام وفق انكفاءات او نزعات سلطوية وطائفية وحزبية شيعت أهم مرتكز للنظام الديمقراطي .

أزمة الأعلام العراقي وحريته، أزمة بنيوية، ترتبط بأزمة العقل السياسي العراقي وطبقته الحاكمة خلال السنوات العشر الماضية، واذ تتظاهر مؤشرات الأزمة السياسية بجلاء تام في مظاهر الفساد وغياب مشروع بناء الدولة المدنية الديمقراطية، وعسكرة المجتمع، والتوالد المستمر للميليشيات الطائفية، فأن الترابط الجدلي بين بنية النظام السياسي وبنية المؤسسة الأعلامية، أعطى صورة واضحة للحكم على فشل وتراجع الأعلام العراقي كرافعة لمشروع الحرية والديمقراطية .

العقل السياسي الحاكم يعبر عن رؤية ومنطق تفكير شمولي ان لم نقل دكتاتوري، ومن هنا فأنه لأ يؤمن بوجود حرية فاعلة لسلطة الأعلام، بل صار يطالب باستعادة دور الماكنة الدعائية التي يقدمها الأعلام للسلطة، وهو ما نراه على نحو صارخ سواء في أعلام الحكومة، ام في الأعلام الحزبي والطائفي .

وهكذا اختفت بيئة الثقافة السياسية للأعلام، وانعدمت التشريعات التي تهيئ قواعد العمل الحر، وتلاشت عمليا اي بناءات او مظاهر دعم واحترام ومراعاة للقواعد الدستورية التي جاءت بالمواد 37 و38 من الدستور العراقي الدائم .

توظيف الأعلام في المشاريع التجارية والأهداف السياسية المنحطة اخلاقيا، وصراع المصالح والتنافس على النفوذ والمال، أشر خروجه عن مسار الأهداف الوطنية الرقابية والأصلاحية، ووضع له وظيفة تختلف عن سياقاته في ظل النظام الديمقراطي والدولة المدنية .

الفساد السياسي اقترح للبلاد ديمقراطية مهشمة وأزمات فوق العادة، أنعكست آثارها على استقلالية الأعلام وغيبت مصادر او اسباب حريته ولم تبق له سوى هامشا ضيقا، لكن الجدل والحراك الثقافي ومشروع الحرية كضرورة أجتماعية، سيعطي اشاراته في ايجاد بدائل عبر فضاءات أخرى، منها الصحافة الألكترونية حيث تسعى جريدة (العالم الجديد) لتشكيل طابوقة أولى في عالم الأعلام المتحرر من التبعية لشروط الناشر والتساوق مع الشروط المهنية وفق مفاهيم حرية الأعلام كسلطة رقابية ومعلوماتية .

أنجاح هذا المشروع الطموح لمجموعة من الأعلاميين المهنيين يدعونا للتصفيق لهم، وتقديم كل ما يمكن من دعم واسناد، لأنه سيكون نجاحا لنا جميعا، ونحن نرتاد عالم الصحافة الألكترونية.

falah.almashal@facebook.com

إقرأ أيضا