جرائم المهاجرين الجنسية الى الواجهة مجددا في فنلندا والأخيرة تسعى لاتفاقية العودة القسرية مع العراق

منذ شهر كانون الأول ديسمبر الماضي، أخذت وسائل الاعلام الفنلندية تصعد من حملتها الاستثنائية بشأن…

منذ شهر كانون الأول ديسمبر الماضي، أخذت وسائل الاعلام الفنلندية تصعد من حملتها الاستثنائية بشأن ما يثار في الرأي العام من ارتباط الجرائم الجنسية ضد القاصرات بالمهاجرين ومنهم العراقيون، ما دفع اليمين المتطرف الى استثمار تلك الورقة والضغط على جميع الأطراف بهدف معالجة ملف المهاجرين، وخصوصا ممن حصلوا على قرارات رفض، كونهم قد يشكلون تهديدا للسلم الاجتماعي الفنلندي.

وتعود أسباب إثارة هذا الملف مجددا في الصحافة الفنلندية التي ترصدها “العالم الجديد” بعد الضجة الكبيرة التي صاحبت موجة الهجرة الكبيرة التي عمت أوروبا في 2016 الى اقتراب الانتخابات البرلمانية الفنلندية والمقررة في نيسان أبريل المقبل، والانتخابات البرلمانية للاتحاد الأوروبي في أيار مايو المقبل، فضلا عن تفاعل مجموعة من الملفات الجنسية في توقيت متقارب، ما جعل الملف يطفو للسطح بشكل مبالغ فيه.

ففي كانون الأول ديسمبر الماضي، تم الكشف عن جريمة اغتصاب ثلاث قاصرات في مدينة اولو الفنلندية، وكان المتهمون فيها تسعة مهاجرين بينهم عراقيون، إذ تضاعف الملف حينما أعلن تزامنا مع تلك القضية التي أخذت تنشر تفاصيلها وسائل الاعلام بشكل تدريجي ثمانية قضايا أخرى منفصلة.

تلت هذه القضية، جريمة مماثلة في العاصمة هلسنكي، حيث كانت جميع الضحايا قاصرات أيضا، الأمر الذي أدى لتفاعل وسائل الاعلام المحلية معه حتى الآن، لأن تداعياتها وبعض تفاصيلها تطورت بشكل مثير، فالمتهم الأساسي بالقضية الأولى كان عراقيا يدعى (قيصر محسن صباح) والذي هرب الى المانيا، ما استدعى نشر صوره في وسائل الاعلام لعدة أيام حتى تم إلقاء القبض عليه في المانيا وتسليمه الى فنلندا.

Image

وما زاد الطين بلة ان جميع المتهمين بتلك القضايا كانوا مهاجرين، بعضهم طالب لجوء، والبعض الاخر مقيم، والبعض الاخر حاصل على الجنسية الفنلندية، فيما تراوحت أعمارهم بين 20ـ30 عاما. أما أعمار الضحايا فلم تكن تتجاوز الـ15 عاما.

وبحسب الاحصائيات الفنلندية فان نسبة المهاجرين المتسببين بالجرائم الجنسية تمثل حوالي 25 بالمئة من مجموع الجرائم الجنسية في فنلندا وفقا لاحصائيات العام 2017. في ذات الصعيد نشرت الشرطة الفنلندية إحصائية لافتة، تفيد بتسلمها 3826 بلاغا عن جرائم جنسية في العام الماضي، وأن القضايا التي تورط فيها أجانب بلغت 657، فيما بلغت القضايا التي كان طرفها عراقيون 174 جريمة، تلاها الأفغان بـ102، فيما حل في المرتبة الثالثة المنحدرون من استونيا بـ44 جريمة.

وتعليقا حول الأمر، أصدر رئيس الجمهورية الفنلندي ساولي نينستو بيانا خاص بتلك الازمة، ووصف ما يجري بأنه غير قابل للتحمل. كذلك أصدر رئيس الوزراء يوها سيبيلا بيانا منفصلا طالب من خلاله الجميع بضرورة احترام قوانين وأعراف فنلندا، وأن من يريد البقاء فيها فان عليه احترام المجتمع الفنلندي، فيما استنكرت جميع الأحزاب الفنلندية تلك الجريمة.

ورغم اقتراب موعد الانتخابات الفنلندية والحمّى الانتخابية التي تصيب جميع الأحزاب، إلا أن الحدث وتأثيره على مجمل الأوضاع في فنلندا دفع أحزاب البرلمان الفنلندي في لحظة تاريخية نادرة الأسبوع الماضي، الى عقد اجتماع خاص ومؤتمر صحفي أعلن من خلاله بالاجماع الاتفاق على تمرير مشاريع قوانين منها تسهيل إبعاد طالبي اللجوء المرفوضين وتشديد قوانين الجرائم الجنسية وإعادة تعديل قانون الاغتصاب، والعمل بشكل جدي على مناقشة إمكانية سحب الجنسية الفنلندية عمن يرتبط اسمه بجرائم كبرى.

وفي هذا السياق، أعلن وزير الداخلية الفنلندي لوسائل الاعلام، أن الحكومة تحاول مرة أخرى “حث العراق على عقد تفاهم بخصوص إعادة طالبي اللجوء المرفوضين، مقابل الحصول على معونات من الاتحاد الأوروبي، وفقا للمصالح المتبادلة بين البلدين”.

وأضاف “سنحاول البحث عن حلول بشكل ثنائي مع العراق، وكذلك من خلال الاتحاد الأوروبي”.

يشار الى أن فنلندا كانت قد اقترحت في العام 2016 جملة من المحفزات للجانب العراقي، منها فتح مشاريع خاصة بالشباب، ودعم معاهد تعليمية، ومحفزات أخرى إذا ما أعطى الضوء الأخضر، لإبرام اتفاق ثنائي بين العراق وفنلندا من أجل إعادة طالبي اللجوء المرفوضين، لكن الجانب العراقي رفض ذلك، حيث تعيد فنلندا في الوقت الحاضر بشكل فردي بين الحين والأخر بعض طالبي اللجوء المرفوضين، لكن المسؤولين في مطار بغداد يرفضون تسلم المبعدين.

الملف تحول الى مناقشة علاقة المهاجرين بالجرائم الجنسية، وخصوصا ضد الأطفال، بالاضافة الى أزمة الهجرة عموما، وهذان الملفان يثيران حساسية كبيرة داخل المجتمع الفنلندي، فضلا عن تحولهما الى أوراق سياسية انتخابية مهمة بيد خصوم المهاجرين، وخصوصا اليمين المتطرف، ما يمثل ردا واضحا جدا على جماهيرية اليسار الكبيرة.

اللافت أن قوى اليسار وجدت نفسها في موقف لا تحسد عليه، ومن أجل أن لا تكون في مواجهة التيار، قدمت عددا من المقترحات تجاه معالجة الموقف بما في ذلك مقترحات سحب الجنسية عن مزدوجي الجنسية، ما يعكس عمق الأزمة.

إقرأ أيضا