إسرائيل وأمريكا: توترات متصاعدة وتحالفات متبدّلة

تطورت العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية بشكل سريع خلال الفترة القصيرة الماضية إلى حالة من التدهور بسبب البرنامج النووي الإيراني الذي تسعى تل أبيب لضربه عسكرياً في أسرع وقت، وهو ما ترفضه واشنطن بشدة وخاصة في الوقت الراهن.

 

وفي سياق التدهور الأخير في العلاقات بين البلدين الحليفين، والشد والجذب في التصريحات بين مسؤوليهما، اتهم وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون الولايات المتحدة بالضعف على الصعيد الدولي. وقال إن إسرائيل لا تستطيع الاعتماد على حليفها الرئيس في أخذ زمام المبادرة في المواجهة مع إيران بشأن برنامجها النووي. وكان يعلون أثار خلافاً مع الولايات المتحدة قبل شهرين فقط عندما وصف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأنه يتعامل كأنه المخلص المنتظر في مسعاه لإحلال السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

 

وذكر يعلون الذي أشار إلى الأزمة الأوكرانية كمثال للضعف الذي تبديه واشنطن \”كنا نعتقد أن الولايات المتحدة هي التي ستقود الحملة على إيران\”.، وأضاف أنه لمس خلال زيارة لآسيا في الآونة الأخيرة \”خيبة أمل لتزايد قوة الصين وضعف الولايات المتحدة\”.

 

وكان نتنياهو انتقد الاتفاق المؤقت الذي أبرمته القوى العالمية مع إيران في نوفمبر للحد من أنشطتها النووية الحساسة مقابل تخفيف بعض العقوبات ووصفه بأنه \”خطأ تاريخي\”، وطالب بأن يكفل أي اتفاق نهائي تفكيك أجهزة الطرد المركزي الإيرانية المستخدمة في تخصيب اليورانيوم، وهو موقف يتعارض مع تلميح أوباما إلى إمكان السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم على نطاق محدود للأغراض المدنية. وبالمقابل تقول إيران إن برنامجها سلمي للغاية.

 

وفي إطار ذلك يمكنني القول إنه ليس هناك من تفسير لهذا التمرد الإسرائيلي إلا الشعور بالاستقواء باللوبي اليهودي الواسع النفوذ في الولايات المتحدة، وقدرته على التأثير في صانع القرار الأمريكي وبالتالي تغاضيه عن أي مواقف إسرائيلية مسيئة حتى لو كانت تشكل إهانة أو تطاولاً على السياسة الأمريكية.

 

فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين أن المسؤولين الأمريكيين يعرفون مدى نفوذ إسرائيل على الساحة السياسية الأمريكية، ويعرفون أن مستقبل الساسة الأمريكيين نفسه بيد الإسرائيليين. وفي وقت سابق تابعنا تلك المهزلة على الساحة السياسية الأمريكية، كيف أن المرشحين للرئاسة الأمريكية، دخلا في سباق مخز لإثبات الولاء لإسرائيل والتبعية لمواقفها وسياساتها، وقد وصل الأمر حد ما تابعناه لإعلان الاستعداد للاعتراف بالقدس العربية المحتلة عاصمة لإسرائيل، والذي يمثل خرقاً لكل القوانين والمواثيق الدولية، وذروة الخضوع للمشروع الصهيوني.

 

وفي سياق ذلك لا ينبغي التعويل على توتر في العلاقات بين الطرفين، ولاسيما أن المصالح المشتركة لا يمكن التفريط فيها من الجانبين، وحتى إن بدا أن هناك خروجا نسبيا للولايات المتحدة من المنطقة كنتاج لتحول إستراتيجي ينصب فيه الاهتمام على مناطق أخرى في آسيا، إلا أن أمريكا لا يمكن أن تترك المنطقة دون حليف إستراتيجي، كذلك حجم التشابكات لا يمكن فصلها أو تجزئتها، وقد لخصها بريجنسكي، مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس كارتر، بقوله \”إن العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل علاقات حميمة، مبنية على التراث التاريخي، والفاعلية التي تتعزز باستمرار من خلال النشاط السياسي لليهود الأمريكيين\”.

 

وأخيراً ربما يمكنني القول إنه من المعيب أن نسمح لأمريكا وحليفتها إسرائيل بأن تحكمنا وتحكم مصائرنا وتعيث في بلادنا فساداً وتسعى إلى إثارة الفتن والاضطرابات لتقويض أمن دولنا واستقرارها.

* كاتب وباحث سوري متخصص في العلاقات الدولية، Khaym1979@yahoo.com

إقرأ أيضا