مسيحيو العراق.. أكثر من 80% هاجروا وتمنيات بتنفيذ الكاظمي لـ”وعوده”

“بحثا عن السلام وهربا من المآسي”، لهذه الأسباب فقد العراق أكثر من 80 بالمائة من…

بحثا عن السلام وهربا من المآسي”، لهذه الأسباب فقد العراق أكثر من 80 بالمائة من أبناء المكون المسيحي، وسط تمنيات بتنفيذ رئيس الحكومة لوعوده التي قطعها للبابا فرنسيس، في ظل عدم تنفيذ أي مشروع خاص بالمكون منذ 2003 ولغاية الآن، ما جعلهم أمام خيارين إما تحمل “الألم والإهانة” في بلادهم أو الهجرة.

ويقول رئيس الكنيسة الكلدانية الكاردينال لويس ساكو في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “عودة العوائل المسيحية من خارج العراق، محدودة وأغلبها مرتبط بعدم حصولهم على تأشيرات سفر لأوروبا أو لظروف اقتصادية“.

ويضيف ساكو، أن “للهجرة أسبابا عدة، أبرزها غياب الخدمات وتردي الواقع الأمني والصحي”، متابعا “لكن من الصعب على من وصل واستقر في أي بلد أن يعود للعراق، رغم أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي خلال لقائه بالبابا فرنسيس قدم وعودا كثيرة، نتمنى أن لا تكون مجرد كلام، حيث لم نشهد منذ 2003 ولغاية الان مشروعا واحدا لأبناء المكون المسيحي“.

جانب من الاحتفال بعيد "مار توما" رسول المشرق في كنيسة ام الاحزان بالعاصمة بغداد يوم أمس.

ويبين أن “أعداد المسيحيين في العراق حاليا يبلغ نحو 400 ألف شخص فقط، بعد أن كان العدد مليونا ونصف المليون، لكن الأغلبية غادرت الى دول أخرى، واغلبهم من النخب”، متابعا “لا نتمنى ان يأتي اليوم الذي يخلو فيه العراق من المسيحيين الذين أعطوا الكثير للبلد وقدموا له كل شيء، إذ نحن كعراقيين في النهاية عائلة واحدة، ويجب أن لا ننظر لشخص بناء على دينه او مذهبه“.

ومنذ تسعينيات القرن الماضي، بدأت هجرة أبناء المكون المسيحي نحو الدول الاوروبية، لاسباب اقتصادية وامنية واجتماعية، وارتفعت نسبة الهجرة بعد عام 2003، وما شهدته البلاد من تردٍ كبير في الأوضاع الأمنية، ورافق الهجرة مشاكل اخرى أبرزها السيطرة على عقاراتهم، كالمنازل والبنايات من قبل بعض الجهات المسلحة والاشخاص المرتبطين بها، وجرت الكثير من عمليات التزوير للاستيلاء على هذه الممتلكات.

وكان بابا الفاتيكان فرنسيس، قد زار العراق في 5 آذار مارس الماضي، عدت زيارة تاريخية والأولى من نوعها لأي من بابوات الفاتيكان في التاريخ، وأجرى خلال زيارته جولة شملت كنائس العاصمة بغداد ومدينة أور الاثرية في ذي قار، حيث منزل النبي ابراهيم الخليل، والتقى ايضا المرجع الديني علي السيستاني في النجف، بالاضافة الى زيارته للموصل واربيل

جانب من الاحتفال بعيد "مار توما" رسول المشرق في كنيسة ام الاحزان بالعاصمة بغداد يوم أمس.

والتقى رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي خلال جولته الأوروبية، التي شملت مقر الاتحاد الاوروبي ومقر حلف شمال الاطلسي في بروكسل، البابا فرانسيس في الفاتيكان، وجدد التزام الحكومة بالعمل من أجل ترسيخ وجود المسيحيين العراقيين والأقليات الأخرى في أراضيهم كجزء اساسي من نسيج مجتمعاتهم، وتسهيل عودة النازحين والمهاجرين منهم الى مناطقهم الاصلية، فضلا عن تأكيده على ان الحكومة ماضية لاعمار ما دمر من الكنائس الاثرية على يد عصابات داعش الإرهابية، بالاضافة الى سعي الحكومة الجاد لاعمار مدينة أور نظرا لاهميتها التاريخية.

الى ذلك، يبين الخوري بيوس قاشا، راعي كنيسة مار يوسف في العاصمة بغداد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قضية المسيحيين، هي واحدة من قضايا طوائف الشعب العراقي باكمله، والمسيحيون هم فئة صغيرة في هذا المجتمع الكبير“.

ويلفت الخوري قاشا، الى أن “زيارة قداسة البابا فرنسيس كانت من أجل تثبيت المسيحيين في هذا العراق الجريح، والذي أصبح هكذا كما أراد وخطط البعض له”، مبينا أن “ترك المسيحيين لهذا البلد الغالي والعزيز، وهجرتهم إلى خارجه تأتي لاسباب كثيرة منها، الأزمات التي يمر بها منذ عام 2003 ولحد الان، ومنها الحروب وما يحصل من البلاء وسوء المعيشة وامور كثيرة جعلتهم يتركون البلاد، فمنهم من هاجر ولم يعد ومنهم من أصلحت منازلهم المنظمات الكنيسية ولازالوا خارج البلاد، ومنهم من لا زال ينتظر عودة السلام الى العراق، وعسى ولعل الرب ينظر الينا بعين الرحمة والحنان“.

جانب من الاحتفال بعيد "مار توما" رسول المشرق في كنيسة ام الاحزان بالعاصمة بغداد يوم امس.

ويردف “هاجر عدد كبير من المسيحيين إلى الخارج، ويقدر عددهم بنحو 30– 40 الف مسيحي، فمثلا ناحية قرقوش مركز المسيحيين في محافظة نينوى، كان سكانها حوالي 60- 70 الف نسمة، والان لا يوجد فيها سوى 20- 25 الف مسيحي فقط”، مضيفا “كانت تسكن  في الرعية 1300 عائلة، والان لا يوجد منهم سوى 200 عائلة، حيث ان مجمل المسيحيين المتبقين في العراق لا يتجاوزون الـ300 – 350 الف فقط“.

ويشير الى أن “هناك الكثير من الناس الذين أتيحت الفرصة لهم بالهجرة عند الاخوة والاقرباء خارج البلاد، والتحقوا بهم لان هذا الوضع منذ عام 2003 إلى يومنا هذا، لم يجدوا فيه سوى الحرب والقتل والاهانة، وبقي أمامهم خياران، إما البقاء في العراق الجريح، وإما الهجرة إلى الخارج وترك هذا الألم، فتركوا البلاد راجين من الرب أن يكتب لهم السلامة والبقاء على قيد الحياة الى حين رجوع السلام للبلد“.    

وكانت “العالم الجديد” كشفت في كانون الأول ديسمبر 2020، عن تناقص أعداد المسيحيين في جنوب العراق بشكل كبير، وبحسب تقريرها السابق، فإن قرابة 150 عائلة بالبصرة، أحيت قداس الميلاد الأخير في الكنائس: الكلدانية، الأرمنية، السريان الكاثوليك، أما في كنائس السريان الارثوذكس، الانجيلية المشيخية الوطنية، فقد أحيت القداس فيها قرابة 10 عوائل فقط، فيما تحوي ذي قار عائلة مسيحية واحدة، وفي ميسان أحيت 14 عائلة القداس.

إقرأ أيضا