البرلمان يعلن عجزه.. والكتل تتطلع لتفاهم “حاسم” بين الإطار والتيار

بات الخلاف بين “الإطار التنسيقي” و”الكتلة الصدرية”، حجر عثرة أمام مجلس النواب الجديد لإنجاز مهامه…

بات الخلاف بين “الإطار التنسيقي” و”الكتلة الصدرية”، حجر عثرة أمام مجلس النواب الجديد لإنجاز مهامه الدستورية، وأن حل أزمات العملية السياسة، صار مرهونا بتفاهم الطرفين، وهو ما قد يأتي في “اللحظات الحاسمة”، كما يرى سياسيون، وسط تأكيد خبراء قانونيين، صحة “عدم احتساب” جلسة البرلمان المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية يوم أمس الإثنين، وذلك لعدم تحقق النصاب.

ويقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني عماد باجلان خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المفاوضات بين الكتل السياسية لا يمكن أن تعود الى المربع الأول، لكن باب الحوار مفتوح بين الجميع”.

ويضيف باجلان، أن “الكتل السياسية اعتادت أن تأتي بالحلول في اللحظات الاخيرة، وهو ما نأمله الآن في هذه المرحلة”، مستطردا أن “المعضلة الأكبر هي بين الكتلة الصدرية والإطار التنسيقي، وتحديدا دولة القانون، فهذه المشكلة إذا حلت، فإن هذا يعني أن العملية السياسية ستسير بشكل سلس، وبالإضافة لهذا الخلاف، فقد جاء قرار المحكمة الاتحادية الذي اشترط حضور ثلثي أعضاء المجلس، وبالتالي فإن قوى الإطار اتجهت الى تعطيل ثلث أعضاء المجلس، لهذا فإنها عرقلت جلسة انتخاب الرئيس”.

وكان من المفترض أن تعقد جلسة البرلمان لانتخاب رئيس الجمهورية يوم أمس، لكن وحتى موعد بدء الجلسة لم يحضر أغلب نواب البرلمان، واقتصر الحضور على الإعلاميين وتحالف حركتي امتداد والجيل الجديد فقط.

وقرعت رئاسة البرلمان جرس الدخول للقاعة إيذانا ببدء الجلسة، لكن لم يتحقق النصاب القانوني، ما دفعها لتحويلها الى جلسة تداولية، في ظل غياب النواب بشكل شبه تام، وبعد فترة قليلة أنهت الرئاسة الجلسة التداولية وغادرت مبنى البرلمان.  

وجاء تحديد يوم أمس موعدا لانتخاب رئيس الجمهورية بعد مصادقة البرلمان على 25 مرشحا لمنصب الرئاسة، ومحاولة لتفادي الخرق الدستوري القاضي بانتخاب رئيس الجمهورية بعد 30 يوما من عقد الجلسة الأولى للبرلمان، والتي عقدت في 9 كانون الثاني يناير الماضي.  

يشار إلى أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، كان من أوائل الجهات التي قاطعت الجلسة، حيث أصدر أمرا بتجميد عمل الكتلة الصدرية ومنعها من حضور الجلسة، ومن ثم صدرت العديد من بيانات المقاطعة تباعا، منها الإطار التنسيقي الذي اتخذه قراره يوم أمس الأول بعد اجتماع طارئ له، ومن ثم التحق معه تحالف السيادة الذي يضم تحالفي تقدم وعزم.

أما الحزب الديمقراطي الكردستاني، فقد اتخذ قراره بعد صدور أمر ولائي من المحكمة الاتحادية يقضي بايقاف إجراءات ترشيح مرشحه لمنصب رئيس الجمهورية هوشيار زيباري، نظرا لوجود دعوى مرفوعة أمامها بشأنه.  

وحول قانونية تحويل الجلسة الى تداولية وإنهائها دون تحديد جلسة جديدة، يوضح الخبير القانوني عدنان الشريفي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “جلسة البرلمان، وفي حال عدم اكتمال نصابها القانوني الذي أقره الدستور، فانها تصبح جلسة تداولية، وهي جلسة غير محتسبة ولا يمكن فيها اتخاذ قرارات”.

ويردف الشريفي، أن “الجلسة التداولية ليس لها رقم، وأي جلسة تعقد بعدها سيتم ترقيمها، مثلا الثانية أو الثالثة، بعد تسقيط الجلسة التداولية، فهي كأنها لم تكن”، مؤكدا أن “الدستور اشترط أن يتم انتخاب رئيس الجمهورية خلال 30 يوما من تاريخ الجلسة الأولى، وعندما لن يتمكن المجلس من إكمال نصابه، فإن عليه أن يستمر بمحاولة إكماله”.  

وحول ما يشاع من أن رئيس البرلمان سيحل محل رئيس الجمهورية، في حال تعثر انتخاب الأخير، يشير الى أن “هذا لا أساس له من الصحة، وغير وارد إطلاقا في الدستور”، لافتا الى أن “الحالة الوحيدة التي يحق فيها لرئيس البرلمان الحلول محل رئيس الجمهورية هي حالة خلو المنصب فقط”. 

وتشهد العملية السياسية انسدادا في ظل تمسك زعيم التيار الصدري بموقفه من التحالف مع الإطار التنسيقي، القاضي بإبعاد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي عن الإطار، وإصرار الأخير على المضي بتمسكه فيه حتى النهاية، وأكدت أنها إما أن تشارك بالحكومة مجتمعة أو تذهب نحو المعارضة.

وقد دخل التيار الصدري بتحالف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة المكون من عزم وتقدم، والذي اتضح جليا من خلال الجلسة الأولى لمجلس النواب، التي شهدت انسحاب الإطار التنسيقي ومضي التحالف الثلاثي بانتخاب هيئة رئاسة البرلمان.

الى ذلك، يبين القيادي في ائتلاف دولة القانون محمد الصيهود خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “عدم انعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، هو فرصة للكتل السياسية لكي تعيد حساباتها، كما أن مفتاح حل الأزمة يتركز في نقطة واحدة هو أن يكون الإطار التنسيقي والتيار الصدري معا، ويجلسا الى طاولة واحدة لتصفية الأمور السياسية وتشكيل الكتلة النيابية الأكثر عددا، وبعدها ستحل جميع المشاكل”.

ويؤكد الصيهود، أن “الفرصة الآن متاحة أمام الإطار التنسيقي والتيار الصدري لمراجعة حساباتهم وإعادة الأمور الى طبيعتها، لأن العراق يمر بأزمة حقيقية وقد ندخل في الفراغ الدستوري، ونعتقد أن حل هذه الأزمة هو اتفاق الإطار التنسيقي والكتلة الصدرية”.

وردا على الاتهام الذي وجهه الديمقراطي الكردستاني للإطار التنسيقي، فإن الصيهود لم ينف ذلك، بل يؤكد أن “العمود الفقري للعملية السياسية هو المكون الشيعي، كونه يمثل الأغلبية، وبالنتيجة فإذا تحالف الإطار والتيار وتم حل جميع المشاكل وتوصلوا الى رؤية مشتركة، فإن جميع المشاكل ستحل”.

ويردف “نحن الآن في أزمة حقيقية، لأن الإطار التنسيقي اتخذ قرارا بعدم حضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، بدافع تصحيح المسارات الخاطئة، لذا لا نريد أن تذهب العملية السياسية في منزلق خطير قد يؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها”. 

وشهدت جلسة يوم أمس، حضور النواب المستقلين ومنهم سجاد سالم، الذي قدم طلبا لرئاسة المجلس بتشكيل لجنة مختصة بمتابعة ملف تظاهرات تشرين، وحصل على موافقة رئيس المجلس محمد الحلبوسي، فضلا عن حضور نواب تحالف من أجل الشعب، الذي يضم حركة الجيل الجديد الكردية، وحركة امتداد المنبثقة من تظاهرات تشرين.

وقد دخل هؤلاء النواب فقط الى قاعة البرلمان، في ظل غياب كافة النواب الآخرين، وحول هذا الأمر يبين القيادي في حركة امتداد مرتضى الموسوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “حركة امتداد ليست طرفا بالتحالفات السياسية الكبيرة، كما أن مقاطعة جلسة يوم أمس، كانت بسبب خلافات الكتل فيما بينها حول اختيار رئيس الجمهورية، لكنهم بالتالي سيتفاوضون ويتفقون على شيء معين”.

ويؤكد أن “حضور نواب الحركة للجلسة، هو تأكيد على عدم ارتباطهم بأي كتلة سياسية مقاطعة، كما أن نواب الحركة سيحضرون جميع الجلسات لتمثيل الشعب”، مبينا أن “مسألة انتخاب رئيس الجمهورية ستحسم عبر التوافق بين الكتل السياسية، ولن يصل البلد الى فراغ دستوري”.

وكانت “العالم الجديد” تناولت في تقرير لها يوم أمس، تبعات عدم انتخاب رئيس للجمهورية، والذي بين أن فشل البرلمان بتمرير رئيس الجمهورية، سينتج عنه استمرار الرئيس الحالي في مهامه بشكل طبيعي، وأن ذلك ممكن حتى إجراء الانتخابات المقبلة بعد 4 سنوات، وهذا الأمر ينطبق أيضا على الحكومة، وأنها يمكن أن تبقى بمرحلة تصريف الأعمال، حتى انتخاب البدلاء لرئاستي الجمهورية والوزراء.

إقرأ أيضا