خفايا ومحاذير.. هل يمنح العراق أراضيه كـ”ترانزيت” للشاحنات اللبنانية

واجه المقترح اللبناني بالاستفادة من الأراضي العراقية كـ”ترانزيت” لشاحناته التجارية، انتقادات واسعة من قبل مراقبين…

واجه المقترح اللبناني بالاستفادة من الأراضي العراقية كـ”ترانزيت” لشاحناته التجارية، انتقادات واسعة من قبل مراقبين بسبب محذورات سياسية قد تسبب له أزمات، أو تحوله الى طريق لنقل المخدرات والسلاح المحظور، فضلا عن عدم جدواه الاقتصادية في ظل إعفائها من الرسوم الكمركية.

ويقول المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مسألة الترانزيت مع لبنان قد تدخل العراق في أزمات ومشاكل هو في غنى عنها، إذ يمكن أن تحمل الشاحنات سلاحا أو مواد محظورة أو مخدرات أو مسلحين، وبالتالي ستكون الساحة العراقية مسرحا جديدا لأمور محرمة دوليا، ومحط شبهة، وهذا قد يقودها في المستقبل لتصبح دولة مافيات كما هو حال بعض دول أمريكا الجنوبية، حيث يتحول وجود الدولة الى شكلي”.

ويضيف البيدر، أن “الأمر قد ينطوي على بصمات محور سياسي مرتبط بإيران، باعتبار أن لإيران تأثيرا واضحا في العراق ولبنان وسوريا، وهو ما قد يحول أراضي هذه البلدان الى حدائق خلفية، وقد يفاقم أزماتها ومشاكلها، فضلا عن خسارة الاستثمارات الأجنبية فيها والحضور الدولي”.

ويؤكد أن “العراق سيكون المتضرر الأكبر من كل ذلك، وعلى قادة البلد أن ينظروا لمصلحة العراق أولا، سواء تسبب ذلك بالضرر أو بفائض ربح بسيط”، مبينا أن “عدم وجود مستشارين حقيقيين، أو عدم الأخذ بمشورتهم، أدى الى أن يدفع العراق على طوال المراحل السابقة ضريبة موقعه الجغرافي وولاء بعض الأحزاب لدول أخرى، بسبب عدم وجود رجالات دولة”.     

وكان وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية، وصل يوم أمس السبت، الى العاصمة بغداد، وبحسب تصريح صحفي له، فإن الملفات التي بحثها مع العراق هي حركة الترانزيت عبر الأراضي العراقية ودعم إدراج لبنان في خطوط الترانزيت ولاسيما مع الكويت وإيران، انطلاقاً من المنافذ الحدودية العراقية- السورية والحدود العراقية- الاردنية إلى منطقة الخليج، بالإضافة الى مناقشة دخول الشاحنات اللبنانية التي يكون مقصدها النهائي الأراضي العراقية الى داخل المدن والمحافظات العراقية بحيث لا تبقى عملية تفريغ الحمولة أو شحن المقطورة في ساحات التبادل عند الحدود العراقية- السورية، وكان الجانب الثالث هو مناقشة مساهمة العراق في إعادة إعمار مرفأ بيروت.

ويقع العراق في قلب خارطة الدول المؤثرة بالشرق الأوسط، كتركيا وإيران ودول الخليج والبحر المتوسط، والتي طرحت ملفاتها على طاولة مفاوضات فيينا الخاصة بالملف النووي الإيراني.

ولا يعود ذلك بعوائد إيجابية فقط، بل بات مدعاة لعدد من المشاكل أبرزها وقوعه في طريق المخدرات الدولي، ما تسبب بتفشي ظاهرة المخدرات بأغلب المحافظات وخاصة الجنوبية، وسط عجز حكومي عن وضع حد لهذه الظاهرة التي باتت تتفاقم يوما بعد آخر.

وخلال الفترة الماضية، انفتح العراق بشكل كبير على لبنان، ومد يد العون له في أزمته المالية والاقتصادية التي شهدت انهيارا لعملته الوطنية وإفلاسا كارثيا لمصارفه المحلية، وكان آخر ما قدمه هو موافقة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي على مضاعفة كمية النفط الأسود التي يقدمها العراق كمعونة الى مليون طن، بعد أن كانت 500 ألف طن، وذلك في تشرين الأول أكتوبر الماضي، أثناء زيارة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الى بغداد.

وبحسب تقرير نشرته “العالم الجديد” خلال زيارة ميقاتي، فأنه طلب من الكاظمي الدعم لمعالجة أزمة الكهرباء، من خلال الحصول على مليون طن إضافي من النفط “الفيول” العراقي الذي يتولى لبنان مقايضته بفيول يناسب معامله لإنتاج الطاقة.

يشار الى أن مدير الأمن العام اللّبناني اللّواء عبّاس إبراهيم اعلن في 11 حزيران يونيو الماضي، أن “لبنان لن يدخل العتمة بفضل النفط العراقي”، مبينا أنه قام بزيارات عدة للعراق، وتحديداً لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي ‏سأله عمّا يحتاجه لبنان لتجاوز الأزمة الرّاهنة، وكان الجواب حاجة لبنان إلى النفط العراقي ‏الأسود.

وبمقابل هذا الانفتاح على لبنان، فإن العراق أبرم العديد من الاتفاقيات التجارية مع الاردن، وبحسب خبراء في الاقتصاد، فإنها ليست ذات جدوى اقتصادية للعراق ولا تعود عليه بالنفع، بقدر ما تعود بالنفع على الأردن. 

الى ذلك، تبين الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “اقتراح الدولة اللبنانية لا ينطوي على جدوى اقتصادية للعراق، وما هو إلا قرار سياسي، فلو كان اقتصاديا لقام العراق بفرض ضريبة عند الدخول والخروج، لكن من الواضح أن القضية سياسية بحتة، تتمثل بدعم الاقتصاد اللبناني لتصريف منتجاته، ومن جانب آخر فهو يأتي لفائدة إيران أيضا”.   

وتلفت سميسم، إلى أن “العراق حين يتحول الى ممر عبور بري، فأنه سيخسر عائدات الأجواء التي تمر بها الطائرات، من دون أن يستفيد من عبور الشاحنات، وهذا يعني عدم استثمار الموقع الجيوستراتيجي للعراق، الذي يجعله من أحد أهم الممرات في العالم”. 

ومن المفترض أن يكون العراق ممر تجارة دولية، بعد إنشاء ميناء الفاو الكبير، حيث سيربط شرق آسيا بأوروبا، عبر نقل البضائع من ميناء الفاو، برا الى تركيا ومنها الى أوروبا، بفترة أقصر بكثير من وصول البضائع لأوروبا عبر قناة السويس.

لكن مؤخرا، تم استبعاد العراق من طريق بري يربط الامارات وتركيا، وذلك عبر الاتفاق على أن يمر بإيران، رغم بعد المسافة، وهو ما أثار جدلا بين هذه الدول، حيث ردت إيران على تصريح تركي يفيد بخطأ مروره فيها وأنه ينبغي أن يمر بالأراضي العراقية، وسط صمت عراقي رسمي تام.

إقرأ أيضا