نحن والمحاصصة الاعلامية!

رغم سقف الحريات العالي الذي تتمتع به الصحافة العراقية، فان ذلك لا يمنع من حصول العديد من التجاوزات على الاسرة الصحفية باشكال ومظاهر مختلفة، منذ مطلع العام 2013 وحتى الآن سجلت بعض المواقف التي ترصد تلك التجاوزات ابرزها ثلاثة على الاقل: في الاول من نيسان اقتحمت من قبل مجهولين مقرات مجموعة من الصحف العراقية \”الناس، المستقبل العراقي، البينة الجديدة، البرلمان، الدستور\” تجاوز المقتحمون على العاملين في الصحف واحرقوا المباني. اعقب ذلك قصة ايقاف صحيفة \”العالم\” والإنقلاب على اسرة تحريرها المثابرة وما تلاها من تداعيات، ثم آخر تلك التجاوزات ما يتعرض له الزميل ناصر الحجاج من قبل احد البرلمانيين حيث قام الأخير برفع دعوى قضائية ضد الحجاج بعد ان نشر الحجاج تعليقا على صفحته في الفيسبوك حول اعضاء البرلمان العراقي. 

الملفت ان ردود الافعال حول تلك المواقف وضعت النقاط على الحروف بشكل لا لبس فيه، وعكست الحالة البائسة التي تعيشها الاسرة الصحفية في العراق، عكست انتقائية غريبة في الدفاع عن حرية الصحافة، فكل يدافع عن شلته ولا يهمه صحفي خارج الشلة، كل يدافع عن جماعته ولا يهمه مصير صحفي خارج الجماعة، انها فروض الطاعة على الصحفي والكاتب ان يقبل بها كي تقوم هذه الجماعة او تلك بالدفاع عنه، ان لم يكن منظويا تحت مظلة \”كتلة\” صحفية كبيرة لها مقاعد كثيرة في الوسط الصحفي ولها نفوذ كبير لا يدافع عنه احد.

المؤسسات الصحفية لا تدافع الا عن صحفيين بعينهم، هناك من يدافع عنهم فقط لأنهم ضد الحكومة فان لم يكونوا كذلك ليذهبوا الى الجحيم، وهناك من يدافع عنهم فقط لانهم مع الحكومة فان كانوا ضدها ليذهبوا الى الجحيم. 

لماذا نذم الساسة ونتفجع للناس ونشتكي من ممارسات الطبقة السياسية؟! فنخبة اعلامية ومثقفون على تلك الشاكلة لن يكونوا اقل بشاعة في تصرفاتهم ان تبوأوا مناصب كبيرة في الدولة. ربما تترجح كفة الساسة على كفة المثقفين، لأن الساسة يتقاتلون من اجل مبالغ طائلة، من اجل السيطرة على النفط وكل شيء، اما الاعلاميون والمثقفون فيبغض بعضهم بعضا على جملة من العقد وفتات من المال؟! ان جميع رواتب الاعلاميين العراقيين بسقوفها المختلفة لعام واحد لا تساوي معشار صفقة واحدة تعقد بتمرير من هذا الجناح السياسي او ذاك! 

لقد اتسعت رقعة ومساحة الاعلام وتكاثرت قنواتنا الفضائية وصحفنا ومواقعنا الالكترونية بشكل مبالغ فيه، ولو ابدت كل وسيلة اعلامية ردة فعل تتناسب وحجم ما حصل لاهتزت الساحة العراقية بمن عليها. هل يعقل ان تحرق صحف وزميلاتها الاخرى تقف متفرجة على المشهد؟! هل يعقل أن يتعرض زملاؤنا للتهديد والوعيد ولا نأبه بذلك على الاطلاق؟!

ليس فيكم احد مستثنى من طيش التطرف يا طيف السلطة الرابعة.. ولن يحميكم الا تضامنكم مع بعضكم تضامنا يشعر الجميع بقوتكم، فمن لكم وسط هذه الفوضى، سوى تضافركم مع بعضكم؟! الشعارات الدينية ذريعة لتصفيتنا جميعا والمتاجرون بالدين والسياسة والشعارات الوطنية ما اكثرها في هذا العالم وخصوصا في العراق. لذلك سوف نكون على مواعيد لاحقة للاسف الشديد تعيد الينا مشاهد ما حصل قبل ايام! ما حصل ليس مقبولا والطيف الصحفي يتحمل جزءا من المسؤولية لأنه لم يبد ردة فعل تتناسب وحجم الكارثة. ان حجم التحديات والمخاطر يزداد في بلد مثل العراق تتحكم في مصيره طبقة سياسية غير مسؤولة وتتنفس فيه باسترخاء بعض النزعات المتطرفة التي تعتبر الكلمة الحرة عدوها اللدود.

gamalksn@hotmail.com

إقرأ أيضا