ترحيب واشتراطات.. هل ستجد السعودية متسعا لأموالها في العراق؟

أثارت خطة السعودية للاستثمار في العراق، تساؤلات عديدة حول موقف الأخير وبعض الأطراف المحلية الرافضة…

أثارت خطة السعودية للاستثمار في العراق، تساؤلات عديدة حول موقف الأخير وبعض الأطراف المحلية الرافضة للنفوذ السعودي، وفيما أشاد مستشار حكومي بهذه الخطوة وأكد أن العراق وافق مبدئيا، طالب بأن يتم التعامل مع هذا الملف بعيدا عن “الحسابات الضيقة”، وهو ما أيده محلل سعودي، وأشار إلى أن هذه الاستثمارات ستحرك عجلة الاقتصاد العراقي، وفيما شخّص مراقب سياسي، العقبات التي تحول دون تحقيق هذه الخطة، أبدى قيادي في حركة عصائب أهل الحق ترحيبا، شريطة أن لا يكون بابا لـ”التدخل في الشأن العراقي”.

ويقول المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إنه “من حيث المبدأ لا يوجد ما يمنع دخول الاستثمارات الأجنبية والعربية إلى العراق والمساهمة بنهضته وتقدمه وتنويع اقتصاده الوطني ومستويات التشغيل وتعظيم القيمة المضافة في إطار تزايد النمو في الناتج المحلي الإجمالي”.

ويبين صالح أنه “بالتأكيد يكون اختيار المشاريع الاستثمارية بالرغبة المشتركة بين البلدين ضمن سياسة مد الجسور والتعاون وبناء فرص الاستقرار والتقدم لبلدين كبيرين يشكل سكانهما قرابة 80 مليون نسمة، وهما من كبار المنتجين للنفط في منظمة أوبك”.

ويرى أن “جدول أعمال المصالح الاقتصادية للعراق في سياسة التعاون مع بلدان الجوار عموما والعربي منه خصوصا، ينبغي أن يفوق أية اعتبارات ضيقة لصيقة بمخلفات موروثة من ماض سالب ضيق بسبب حروب الخليج التي أهدرت قرابة نصف قرن من التنمية في بلد عريق كالعراق، والتي ولدتها عوامل القطيعة بين بلدان المنطقة على حساب استقرارها وتقدمها وأضاعت فرص التعاون في ما بينها”.

ويذهب المستشار الحكومي إلى أن “المملكة العربية السعودية تمتلك اليوم خبرة متميزة في الصناعات المعدنية وشبه الثقيلة والتصنيع المتميز في مجال البتروكيمياويات وقطاع النقل البحري والقطاع التكنولوجي والرقمي وغيرهما، وبهذه المجالات يمكن الاستثمار في العراق”.

وكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أعلن يوم أمس الأربعاء، أن صندوق الاستثمارات العامة أسس 5 شركات استثمارية إقليمية، تستهدف الاستثمار بقيمة 24 مليار دولار في العراق والأردن والبحرين والسودان وعمان، وستركز على البنية التحتية، والتطوير العقاري، والتعدين، والرعاية الصحية، والخدمات المالية، والأغذية والزراعة، والتصنيع، والاتصالات والتقنية.

وبحسب البيان السعودي، فإن الشركات ستعمل على تنمية وتعزيز الشراكات الاستثمارية لصندوق الاستثمارات العامة وشركات محفظته، والقطاع الخاص السعودي لعديد من الفرص الاستثمارية في المنطقة، الأمر الذي سيسهم في تحقيق عوائد جذابة على المدى الطويل، وتطوير أوجه تعاون الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية مع القطاع الخاص في كل من الدول الآنف ذكرها.

إلى ذلك، يفيد المحلل السياسي السعودي أحمد آل إبراهيم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “توجه المملكة العربية السعودية للاستثمار في العراق سوف يحفز الوضع الاقتصادي العراقي ويدعم تطوير البنى التحتية العراقية مع إيجاد فرص عمل للشباب العراقيين من خلال هذه المشاريع”.

ويلفت آل إبراهيم إلى أن “العراق بعروبيته عليه أن يوافق على هكذا خطوة، لأن هذه الخطوة فيها مصلحة كبرى للاقتصاد العراقي، وربما يكون هناك رفض من بعض الأطراف السياسية العراقية التي توالي إيران، وهؤلاء لا تهمهم مصلحة العراق والعراقيين، وإنما تهمهم فقط مصلحة قم وطهران”.

ويضيف آل إبراهيم أن “المملكة العربية السعودية ترغب من خلال الاستثمار في العراق بأن تكون لها مشاريع استثمار صناعية وأخرى في السياحة ومشاريع استثمار في البنى التحتية والمرافق الرياضية، فضلا عن مشاريع استثمار بنكية ومالية ومشاريع استثمار متعلقة بالنفط والغاز”.

يذكر أن السعودية، سبق وأن طرحت مشروع استثمار الصحراء الغربية في العراق، الممتدة من الأنبار إلى المثنى، وقد برز للواجهة عام 2020، بعد إصدار الأمانة العامة لمجلس الوزراء قرارا بمنحها 150 ألف دونم من صحراء المثنى من أجل استثمارها كخطوة أولى، ضمن مشروع يمتد لمدة 50 عاما، وهو ما أثار في ذلك الحين ردود أفعال رافضة، أخذت طابعا سياسيا واقتصاديا، وانطوى على تهديد فصائل مسلحة دخلت على الخط، وهددت بإشهار السلاح في حال بدأت السعودية الاستثمار في صحراء العراق.

وقد أثير في حينها موضوع المياه الجوفية، وما قد تتركه زراعة “البرسيم” من آثار سلبية عليها، حيث أشار حينها المدير العام لزراعة المثنى عامر جبار، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، وفي العام 2020 تحديدا، أن هناك عملا متكاملا لهذا الموضوع وهو الاعتماد على السقي بأحدث التقنيات.

من جهته، يرى المحلل السياسي، غالب الدعمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “من الصعب نجاح الاستثمار في العراق بسبب البيئة الفاسدة، خصوصا أن الشركات العالمية لا تغامر بالدخول في مشاريع يمكن أن تكون أطرافها متورطة بالفساد، ولذا فشلت كل الشركات العالمية الكبرى بالعمل في العراق بسبب ما يطلبه بعض العراقيين من هذه الشركات من عمولات ورشاوى وغيرها”.

ويشير الدعمي إلى أن “تحرك المملكة العربية السعودية نحو الاستثمار في العراق خطوة مهمة وجيدة على مختلف الأصعدة بالنسبة للعراق والعراقيين، لكن نعتقد أن هناك صعوبة في تحقيق هذا الأمر بسبب البيئة الفاسدة وما يطلبه بعض الساسة من الشركات العالمية من أجل عملها في العراق، ونجاح الرياض في الاستثمار يكون من خلال تهيئة بيئة نظيفة لعمل الشركات في العراق”.

ويواصل أن “بقاء وضع العراق كما هو عليه من ناحية الفساد وتحكم بعض الأطراف السياسية بقرارات وتوجهات الدولة، سوف يكون مانعا لعمل السعودية بمشاريع الاستثمار، على الرغم من حاجة العراق لهكذا مشاريع استثمارية على مختلف المستويات من قبل دول مختلفة عربية وغربية”.

جدير بالذكر، أنه منذ حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، بدأ التخطيط للاستثمار السعودي في صحراء العراق، خاصة مع الاتفاقية التي أبرمت بين البلدين وتأسيس مجلس التنسيق العراقي-السعودي، وشهدت هذه الاتفاقية فتورا في حكومة عادل عبد المهدي، بسبب رفض العراق تفعيلها.

من جانبه، يذكر علي الفتلاوي، القيادي في حركة عصائب أهل الحق، وهي من أبرز الحركات السياسية المناوئة للسعودية، خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “العراق يرحب بأي مشاريع استثمارية من أي دولة، لكن وفق شروط وضوابط لمنع أن تكون هذه المشاريع بابا للتدخل بالشأن الداخلي أو السيطرة على بعض المشاريع المهمة”.

ويتابع الفتلاوي أن “الجهات المعنية المتخصصة البرلمانية وحتى الحكومية سوف تتابع ملف سعي السعودية للاستثمار في العراق، وسوف نمنع أي سعي للتدخل بالشأن الداخلي، وهناك مخاوف من سعي الرياض للدخول في العمق العراقي الداخلي من خلال بعض المشاريع الاستثمارية”.

يذكر أن سفارة السعودية في بغداد، أعلنت في 1 شباط فبراير 2022، أن اللجنة الزراعية في مجلس التنسيق السعودي العراقي وقعت خلال اجتماعات دورتها الثالثة، مذكرة تفاهم في المجالات الزراعية بين البلدين، وجاء الإعلان عقب زيارة أجراها الأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي، إلى الرياض في كانون الثاني يناير الماضي، لإبرام اتفاقات وتفاهمات بشأن الطاقة والزراعة.

وعلى الصعيد السياسي، فإن العراق مستمر باستضافة جولات الحوار بين السعودية وإيران، وعقدت على أرضه لغاية الآن خمس جولات، وصفت بالإيجابية من طرفي الأزمة.

ويعاني الاقتصاد العراقي، من أزمات كبيرة وما زالت مستويات البطالة مرتفعة، إلى جانب نسب الفقر.

كما تثار بين فترة وأخرى، ملفات فساد كبيرة في العراق، وغالبا ما تكون مرتبطة بالمشاريع أو غيرها من الملفات، وآخرها ما بات يعرف بـ”سرقة القرن”، حيث تمت سرقة 2.5 مليار دولار، من أمانات الهيئة العامة للضرائب.

إقرأ أيضا