مخيم الجدعة يتسبب بصراع بين الأعرجي وفائق.. الانسحاب مقابل الإغلاق

خفايا عديدة كشفت عن صراع يدور بين مستشارية الأمن القومي ووزارة الهجرة والمهجرين، بشأن إغلاق…

خفايا عديدة كشفت عن صراع يدور بين مستشارية الأمن القومي ووزارة الهجرة والمهجرين، بشأن إغلاق مخيم الجدعة العراقي والهول السوري، إذ كشفت مصادر في وزارة الهجرة أن الوزيرة أصرت على غلق الجدعة خلال شهر واحد، وهو ما رفضته المستشارية لـ”خطورته الأمنية” وانسحبت من هذا الملف، في ظل مخاوف مختصين من غلق المخيم بهذه السرعة ومن دون تأهيل العائلات قد تتسبب بمشاكل أمنية مستقبلا.

ويقول مصدر مسؤول في وزارة الهجرة والمهجرين خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الوزيرة إيفان فائق جابرو طلبت من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني منحها كامل الصلاحيات بشأن التعامل مع ملف مخيم الجدعة من أجل إغلاقه خلال مدة شهر واحد، الأمر الذي أثار غضب وحفيظة مستشارية الأمن القومي العراقي، ودفع المستشارية إلى سحب نفسها من هذا الملف بشكل كامل”.

ويضيف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “السوداني حتى هذه اللحظة لم يعط الموافقة بشكل رسمي لتحويل كامل الصلاحيات لوزير الهجرة والمهجرين، خصوصا بعد انسحاب مستشارية الأمن القومي من هذا الملف بسبب وجود شكوك أمنية في إجراءات وزارة الهجرة حول إعادة العوائل لمناطقها من دون أي تدقيق أمني مسبق أو تأهيل نفسي”.

ويشير إلى أن “سرعة إغلاق مخيم الهول السوري، سوف يخلق مشاكل للعراق مع الكثير من الدول، التي ما زالت حتى الآن رافضة لاستلام مواطنيها من مخيم الهول، خشية تورطهم بعمليات إرهابية في تلك البلدان، ولذا فإن الحديث عن إغلاق مخيمي الجدعة والهول خلال شهر واحد ليس صعبا فقط، بل هو أمر مستحيل، والكل يعرف ذلك، ومن هنا انسحبت مستشارية الأمن القومي العراقي من الملف حتى لا تتحمل مسؤولية أية تداعيات لهذا الحراك”.

وكانت لجنة الأمن والدفاع النيابية، استضافت يوم أمس الإثنين، وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي لمناقشة ملف مخيم الجدعة، وبحث آلية عودة النازحين لمناطقهم، وفي الاجتماع أكد الأعرجي، أن وزارة الهجرة مسؤولة عن ملف النازحين داخل العراق وهي معنية بحسم ملف إعادتهم لمناطقهم بالتعاون مع الأجهزة الأمنية.

كما أكدت فائق خلال الاجتماع أن مخيم الجدعة سوف يغلق في نهاية العام الحالي مع بقاء مركز التأهيل للعوائل، والذي سوف يغلق بعد إكمال مهمته.

وكان الأعرجي، أعلن في تشرين الأول أكتوبر الماضي، عن وجود اتفاق دولي لغلق مخيم الهول في سوريا، بالإضافة إلى دعم دول كبرى للعراق بهذا الصدد، مؤكدا أن العراق طالب الكثير من الدول بسحب رعاياها ومحاسبتهم بحسب قوانين كل دولة، فيما بين أن هناك 25 ألف عراقي في المخيم من أصل نحو 60 ألف شخص فيه من مختلف الجنسيات.

يشار إلى أن المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، كشف قبل شهرين عن تعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من خلال التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، مؤكدا أن هذا التعاون هو في المجال الأمني، وأيضا في ما يتعلق بمخيم الهول السوري.

من جهته، يفيد الخبير الأمني أحمد الشريفي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “إغلاق مخيم الجدعة أمر صعب جدا وخطير جدا، خصوصا أن بعض العوائل القاطنة فيه تواجه مشاكل عشائرية، ولذا فمن الصعب إغلاقه وإعادة سكانه إلى مناطقهم الأصلية، فهناك رفض اجتماعي لهم، وهذا ما يؤخر إغلاق بعض مخميات النزوح في مدن مختلفة”.

ويبين الشريفي أن “إغلاق مخيم الجدعة من دون إعادة تأهيل النازحين بشكل جيد من قبل جهات متخصصة وحتى دولية وأممية، يعني إطلاق أناس يحملون أفكارا متطرفة في المجتمع، وهؤلاء يعتبرون قنابل موقوتة، ولذا توجد معوقات كثيرة ستواجه هذا الحراك من أطراف اجتماعية وسياسية وحتى أمنية، وتصريحات وزير الهجرة ربما لا تتعدى الإعلام فقط”.

وبشأن مخيم الهول، يوضح الخبير الأمني أن “قضية إغلاق مخيم الهول السوري لا تعتمد فقط على قرار العراق، بل هذا الأمر يحتاج إلى موافقات دولية كثيرة، فهناك الكثير من الأجانب في هذا المخيم لا يمكن نقلهم للعراق، ودولهم ما زالت ترفض استلامهم، ولذا لا يمكن اتخاذ قرار إغلاق المخيم من قبل العراق، والحديث عن إغلاقه نهاية السنة الحالية بعيد عن الواقع، فهذا الأمر يحتاج إلى إجراءات عديدة تستغرق وقتا طويلا، إضافة إلى وجود الموافقات الدولية خصوصا من الدول الأوروبية”.

وكانت وزارة الهجرة والمهجرين أعلنت سابقا، أن من المقرر نقل 500 عائلة من مخيم الهول هذا العام على شكل وجبات، بالتعاون مع مستشارية الأمن القومي والأجهزة الأمنية كافة، وأن الجدول الزمني لنقل نازحي مخيم الهول إلى مخيم الجدعة في نينوى يعتمد على الكثير من الأمور منها وضع الجانب السوري، إضافة إلى استعدادات الجانب العراقي، مؤكدة أن نازحي مخيم الهول هم من المحافظات المحررة وهي الأنبار وصلاح الدين ونينوى، وبعد تأهيلهم سيوزعون بين محافظاتهم.

وقد دخلت البلاد أول قافلة من مخيم الهول، في منتصف العام الماضي، وعلى متنها 94 عائلة عراقية، برفقة حراسة مشددة، حيث استقر بها الحال في مخيم الجدعة جنوبي نينوى.

وأثارت عودة هذه العوائل حفيظة الكثير من الجهات، حيث اعتبرتهم منتمين لتنظيم داعش، وأن إعادتهم تشكل خطرا كبيرا على العراق، وقال النائب محمد كريم في وقت سابق لـ”العالم الجديد”، إن “هذه القرارات التي تتخذ هي بتأثيرات خارجية لإعادة تدوير هذه القنابل القاتلة إلى داخل البلد، وهم يعلمون أن هؤلاء رضعوا الإجرام مع أمهاتهم وآبائهم الدواعش”.

ويعود تاريخ إنشاء مخيم الهول، إلى تسعينيات القرن الماضي، حيث أسس من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، على مشارف بلدة الهول بالتنسيق مع الحكومة السورية، ونزح إليه ما يزيد عن 15 ألف لاجئ عراقي وفلسطيني، هاجر الكثيرون منهم إلى مختلف أرجاء العالم بمساعدة الأمم المتحدة، خاصة بعد أحداث عام 1991 عندما استباح النظام العراقي السابق دولة الكويت، وقادت ضده الولايات المتحدة حربا عبر تحالف دولي.

وكانت “العالم الجديد”، قد نشرت تحقيقا حول مخيم الهول السوري، وكشفت فيه عن أعداد العراقيين والسوريين وأتباع الجنسيات الأخرى المتواجدين فيه.

دولة داعش في “الهول”.. تصفيات جسدية وكتاتيب للمتشددين وفصل للجنسين (تحقيق)

إقرأ أيضا