المواجهة مع تجار المخدرات.. كيف بات قتل رجل الأمن “أمرا اعتياديا”؟

تكررت كثيرا، المواجهات المسلحة بين القوات الأمنية وتجار المخدرات، والتي غالبا ما تسفر عن مقتل…

تتكرر المواجهات المسلحة بين القوات الأمنية وتجار المخدرات باستمرار، ما تسفر غالبا عن مقتل ضباط ومنتسبين، في ظاهرة عزاها باحث اجتماعي إلى ثقافة الاعتياد على مظاهر العنف، فيما أرجعها متخصصون بالأمن، إلى نفوذ وتمكن هؤلاء من السلاح، مقترحين حلولا تحد من انتشارها، وتتمثل بتفعيل العقوبات الفورية والصارمة بحق كبار التجار، لإيقاف إمداد صغارهم.

ويقول الخبير الأمني حسين الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مافيات كبيرة وسلاحا وراء انتشار المخدرات بهذا الشكل، فبعد أن كان العراق ممرا لتجارتها، أصبح الآن يضم الكثير من الشباب منهم صغار السن مدمنين على تعاطيها، إذ تتحوّل تصرفاتهم بعد التعاطي إلى سلوك إجرامي، يمارسون خلاله عمليات قتل وسرقة وتسليب ولا يترددون بمواجهة القوات الأمنية بالسلاح”.

ويضيف الكناني أن “الإجراءات الحكومية والأجهزة المختصة مستمرة في مكافحة هؤلاء الذين تحول بعضهم إلى عصابات إجرامية لا تتوانى في القتل، وقد وقع الكثير من رجال القوات الأمنية ضحايا نتيجة تبادل النيران مع هذه العصابات”، لافتا إلى أن “هذه العصابة اتخذت ثقافة المواجهة مع القوات الأمنية من أجل الدفاع عن مصالحهم وتجارتهم البائسة”.

ويوضح أن “القوات الأمنية تتعرض للكثير من المواجهات مع هذه العصابات سواء في المناطق الحدودية أو في المدن أو المناطق التي عادة ما تكون بؤرا للتعاطي والتجارة مثل الكافيهات وبعض الأماكن الأخرى التي تعرفها الأجهزة الأمنية”.

ويلفت إلى أن ” هذه العصابات تمتلك نفوذا كبيرا إضافة إلى المال والسلاح الذي قد يكون جزءا من هذه التجارة، فمن الطبيعي جدا أن تتحول مكافحتهم إلى مواجهة مسلحة، وهذا يتطلب التضييق عليهم وعدم إغفال أنشطتهم، كما نحتاج إلى توعية الشباب ومراقبة ومتابعة الأسر لأولادهم”.

وكانت وزارة الداخلية، أعلنت قبل أيام، أن قوة من قيادة شرطة المثنى مكونة من الفوج التكتيكي وقسم مكافحة الإجرام والسوات ومديرية شرطة السماوة الصوب الصغير، تعرضت خلال تنفيذها حملة تفتيش لأوكار تجار ومتعاطي المخدرات لإطلاق نار من مجهولين وقامت القوة بالرد على مصدر إطلاق النار وتمكنت من قتل ثلاثة من أهم تجار المخدرات، فيما أصيب أحد المنتسبين بجروح.

ومنذ فترة طويلة، تشن القوات الأمنية حملات لاعتقال المتاجرين بالمخدرات وتدخل معهم بمواجهات مسلحة، يذهب ضحيتها العديد من الضباط والمنتسبين.

وفي الشهر الماضي، قتل ضابط برتبة عقيد في قوة مكافحة المخدرات، أثناء مداهمة منزل عصابة للمتاجرة بالمخدرات وسط الديوانية، ليضاف لعشرات الضباط الذين قتلوا خلال تنفيذهم مهام القبض على تجار المخدرات.

يذكر أن مديرية مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في وزارة الداخلية، أعلنت مطلع الشهر الحالي، في بيان مقتضب، أن وزير الداخلية عبد الأمير الشمري عازم على أن يكون عام 2023 عاماً لنهاية المخدرات في العراق.

يشار إلى أن بيانات ضبط مواد مخدرة من قبل وزارة الداخلية، أصبحت شبه يومية وغالبا ما يتم ضبط ملايين الحبوب المخدرات وكميات كبيرة من المواد المخدرة الأخرى، فيما باتت بيانات القبض على المتهمين بتجارتها أو حيازتها كثيرة أيضا وشملت كافة مناطق البلد.

بدوره، يؤكد الخبير الأمني عدنان الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “تجار ومروجي المخدرات ليس لديهم شيء ليخسروه، بالتالي نجدهم في أغلب الأحيان بدون وعي فعندما يشعرون بأن هناك قوة تداهمهم سيلجأون إلى مواجهتها دون التفكير في العواقب، لاعتقادهم أن في الاعتقال سيهانون ويذلون ويقتلون وتصادر أموالهم وبضاعتهم، إضافة إلى أنهم عندما يتعاطون يظهرون كمرضى نفسيين وضعيفي الإدراك وليست لديهم قدرة على التفكير”.

ويقترح الكناني العديد من الحلول للخلاص من آفة المخدرات كـ”تفعيل مراكز الشباب في القرى والنواحي والأرياف التي تستقطب الشباب وبالتالي يكون الشاب في أيد آمنة ، وكذلك تطوير قابليات القوات الأمنية ودراسة هذه العصابات، إضافة إلى إصدار أحكام قضائية صارمة بحق مجرمي المخدرات، وضبط كبار التجار الموردين”.

ومؤخرا كان السوداني، قرر تخصيص مبلغ مليار دينار يصرف شهريا لمكافحة المخدرات، وبالإضافة إلى تخويل وزارة الداخلية بالتصرف بمعسكرات تابعة لوزارة الدفاع لغرض إيواء المتعاطين.

وكانت “العالم الجديد”، كشفت عن نسب تعاطي المخدرات بين الشباب “ذكورا وإناثا” في العديد من المحافظات وآخرها كركوك، حيث بلغت نسبة التعاطي فيها 5 بالمائة، فيما كشفت أيضا الصحيفة عن طريق وصول المخدرات إلى كركوك، ومن ثم طريقها نحو بغداد.

من جانبه، يعلل الباحث الاجتماعي محمد المولى، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، انتقال عصابات المخدرات إلى مواجهة القوات الأمنية بالسلاح، بأن “الأجيال الخالية عندما تشكل وعيها وجدت السلاح بكثرة وكذلك سهولة حمله ونقله، بالإضافة إلى الاعتياد على مشاهد العنف وبالتالي أصبحت المظاهر المسلحة منظرا اعتياديا، إذ أصبح جزءا من حياة المجتمع وسيطغى على بعض التصرفات”.

ويضيف الموالى أن “البعض من المتعاطين وتجار المخدرات لا يتوانون في حمل السلاح ورفعه بوجه الآخرين سواء من القوات الأمنية أو غيرهم، لا سيما أن العصابات لا تريد أن يكون وجود الدولة والقانون قويا، فيجب تصدير المواقف الشجاعة للقوات الأمنية في مكافحة هذه العصابات وتكريم ضحايا هذه العمليات”.

وضمن ملف المخدرات الذي أعدته “العالم الجديد” وشمل محافظات عديدة، فان نسبة تعاطي المخدرات في محافظة كربلاء، ذات الطابع الديني، تراوحت بين الشباب بين 3– 5 بالمئة خُمسهم نساء، وسط تعكز كبير على مركز واحد لمعالجة الإدمان من المؤمل أن يفتتح قريبا داخل “المستشفى التركي”.

فيما كشف الملف، عن تفاصيل وأرقام صادمة بتعاطي المخدرات في واسط وذي قار والأنبار، حيث بلغت نسبة التعاطي بين شباب ذي قار 20 بالمئة، بينهم 5 بالمائة إناث، فيما استفحل التعاطي بين الاناث والذكور أيضا في واسط، وبنسبة مرتفعة بحسب المختصين، دون تحديد الأرقام لافتقار المحافظة إلى مراكز مختصة، وفي الأنبار بلغت 10– 15 بالمئة، بحسب مسؤولين فيها.

إقرأ أيضا