المهمة المستحيلة.. هل ينجح العراق في استرداد موميكا؟

هدأت عاصفة ردّات الفعل تجاه سلوان موميكا الذي أقدم على إحراق نسخة من القرآن والعلم…

هدأت عاصفة ردّات الفعل تجاه سلوان موميكا الذي أقدم على إحراق نسخة من القرآن والعلم العراقي في ستوكهولم، وفي خضمّ التساؤلات حول مصيره القانوني، تبدو مهمة العراق لاصطياده قانونيا صعبة إن لم تكن مستحيلة، على الرغم من وصول ملف الاسترداد الذي نظمه القضاء العراقي، إلى وزارة الخارجية العراقية، وحديث عن ثلاث طرق لتحقيق ذلك، لعدم امتلاك بغداد أية اتفاقية ثنائية مع استوكهولم لتسليم المطلوبين، وافتقارها لإمكانية الضغط الخارجي، فضلا عن عدم تجريم القانون السويدي لذلك الفعل المثير.

ويقول الخبير القانوني عدنان الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “استرداد المتهمين يكون عن طريق الإنتربول إذا لم يكن المتهم مطلوباً لأسباب سياسية، وهذا يعتمد على وجود اتفاقيات متبادلة، وكذلك مدى قدرة الدولة طالبة التسليم في الضغط على الدولة المستضيفة للمتهم”.

ويضيف الشريفي، أن “موضوع تسليم المتهم موميكا للقضاء العراقي من قبل السلطات السويدية أمر مستحيل، لأن الفعل وقع على أراضيها، وقانونها الخاص لا يجرّم ما فعله، بل عدّه حرية تعبير وأجازه لمرتين”، لافتا إلى أن “القضاء العراقي فتح هذا الملف من باب أداء الواجب أمام الشارع”.

ويتابع أن “العراق أيضا لا يمتلك اتفاقية تبادل المطلوبين مع السويد، وقد حصل قبل مدة أن العراق لم يسلّم مطلوباً لدى السويد من أصول عراقية بعد اتهامه من قبل زوجته بخطف الأطفال، وكان فعلا صحيحا لعدم وجود اتفاقية بين البلدين، إضافة إلى أن العراق لا يملك أدوات ضغط خارجية يمكن أن تؤثر على السويد، وتمكّنه من استرداد المتهم”.

ويشير الخبير المتخصص في القانون الدولي، إلى أن “السويد من جانبها، ليست لديها مبررات قانونية لتسليمه، فهو قام بالفعل في ظل القانون السويدي وبإجازة وحماية أمنية على أراضيها، ولم تكن الجريمة قد ارتكبت في العراق، ثم هرب إلى السويد”.

وفي 29 حزيران يونيو الماضي، أوعز رئيس مجلس القضاء الأعلى لرئاسة الادعاء العام وبالتنسيق مع محكمة تحقيق الكرخ الأولى، بإكمال الإجراءات القانونية لطلب استرداد موميكا ومحاكمته وفق القانون.

وكانت الرئاسات الأربع أكدت بعد اجتماعها، يوم الإثنين الماضي، متابعة ملف استرداد المتهم سلوان موميكا، وكذلك الإجراءات الخاصة بضمان أمن البعثات الدبلوماسية ومحاسبة مرتكبي “جريمة” حرق وتخريب مقرات البعثات الدبلوماسية.

إلى ذلك، يرى المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قضية استرداد موميكا عملية صعبة ومعقدة كحال كل عمليات الاسترداد التي تواجه العراق بسبب القوانين التي تحكم تلك الدول”.

ويضيف الدعمي، أن “العراق حتى اللحظة لديه 22 متهما محجوزين في دول عدة لم تكتمل ملفاتهم بسبب صعوبة الملفات، فأغلب المتهمين يحاولون إفهام القضاء في تلك الدول بأن الملف سياسيّ، وتلك الدول تبدأ بالتدقيق الذي يستمر طويلاً، وهذا الأمر يشمل المطلوبين للإرهاب والنزاهة أيضاً”.

ونقلت صحيفة القضاء الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى، أمس الأربعاء، أن ملف الاسترداد الخاص بالمتهم سلوان موميكا أودع لدى وزارة الخارجية/ الدائرة القانونية لإرساله إلى السلطات القضائية السويدية بالطرق الدبلوماسية للنظر في أمر استرداده، استنادا إلى مبدأ المعاملة بالمثل لعدم وجود اتفاقية للتعاون الدولي مع السويد.

وأكدت الصحيفة نقلا عن قول المدعي العام: أن وزارة الداخلية/ مديرية الشرطة العربية الدولية أعلمتنا بأن طلب الاسترداد تمت إحالته إلى السلطات السويدية، ومازلنا بانتظار النتيجة.

من جانبه، يتحدّث الخبير القانوني علي التميمي، لـ”العالم الجديد”، عن “ثلاث طرق يمكن أن تسلك لاسترداد المتهم موميكا؛ الأولى عن طريق الإنتربول وفق اتفاقية الإنتربول الدولي 1923 التي وقع عليها العراق والسويد وأغلب دول العالم، وحسنا فعل الادعاء العام العراقي بإيعاز من رئاسة مجلس القضاء الأعلى لإعداد ملف الاسترداد الذي أرسل إلى وزارة الخارجية، ليتم إرساله إلى السويد عن طريق الإنتربول الدولي، لأن الفعل وفق الاتفاقية تنطبق عليه البطاقة الحمراء، وهي الأخطر لدى الإنتربول”.

ويضيف التميمي، أن “القضية تحوّلت في الداخل العراقي إلى قضية رأي عام وولدت ردة فعل كبيرة من الشعب العراقي، وإضافة إلى حرق المصحف قام موميكا بحرق العلم العراقي وهذا مساس بالسيادة العراقية، لذا فالجريمة تمس الداخل العراقي ويعاقب عليها قانون العقوبات العراقي وفق المواد 6 و9 من القانون، التي تؤكد أن كل جريمة ترتكب خارج العراق ويكون لها أثر في الداخل تمس الأمن القومي والسلم المجتمع يمكن أن يحاكم عليها المتهم في الداخل”.

وعن الطريقة الثانية لاسترداده، يشير التميمي، إلى أنها “تكون عن طريق محكمة حقوق الإنسان الدولية التي تتكون من سبعة قضاة وتعمل وفقا لنظامها الداخلي رقم4  لسنة 1950، وتنظر هذه المحكمة الدعوى على خلفية الدعوى المقامة في داخل البلد الذي حصلت فيه الجريمة وهو السويد”.

ويكشف أن “مجموعة حقوقية بدأت بتحريك شكوى ضد هذا المتهم أمام المدعي العام السويدي، وبعدها سترفع الدعوى أمام محكمة الاستئناف ثم أمام المحكمة العليا، وبعد حصول القرار وفق هذه التسلسلية، ستذهب إلى محكمة حقوق الإنسان الأوربية”، لافتا إلى أن “هؤلاء الحقوقيين لم يوجهوا الاتهام على أساس فعل المتهم، لكنهم توجهوا إلى مسألة استهداف المسلمين العرقي وهذا تصرف صحيح”.

ويؤكد أن “الدعوى إذا وصلت إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية، فهناك مواد تدين هذا الفعل منها المادة 18 و2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمواد 18 و2  من ميثاق العهد الدولي، إضافة إلى أن الأمم المتحدة في 1981 أصدرت بيانا بإدانة كل أشكال التمييز”.

ويواصل الخبير القانوني، أن “الحل الثالث هو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية التي يحق للعراق الوصول لها استنادا إلى أحكام المادة 38 من نظامها الداخلي الصادر 1945 والذي ينص على مبدأ العدالة بلا حدود، وأيضا وفق المادة 2 من اتفاقية الإبادة الجماعية 1948 المتعلقة بحقوق الإنسان وعدم التجاوز عليها”.

ويعتقد أن “العراق إذا لجأ لمحكمة العدل الدولية يمكن أن يكسب هذه الدعوى، وتوجد سوابق لدى المحكمة بنظر دعاوى مشابهة”.

وكانت السويد منحت رخصة ثانية لسلوان موميكا، لحرق نسخة من القرآن الكريم والعلم العراقي أمام السفارة العراقية في ستوكهولم، لكن الحرق لم يحصل بوقفة موميكا، بل نسخة من القرآن فقط، وسط حماية الشرطة السويدية، التي فرضت طوقا أمنيا حوله، منعا للمعارضين له من الوصول إليه، حيث تجمهروا بالعشرات وهتفوا باسم العراق و”الله أكبر”.

ولم يمض سوى وقت قليل، حتى أعلنت الحكومة، عن تبليغها السفيرة السويدية بمغادرة الأراضي العراقية وقطع العلاقات الدبلوماسية مع السويد، كما وجهت القائم بالأعمال العراقية في السويد بالعودة إلى بغداد.

إقرأ أيضا