عادت بـ”قوة”.. ما سر توقف هجمات الفصائل ضد القوات الأمريكية مؤخرا؟

توقفت عمليات استهداف المصالح الأمريكية من قبل الفصائل المسلحة، بشكل مفاجئ خلال الفترة الماضية البسيطة،…

توقفت عمليات استهداف المصالح الأمريكية من قبل الفصائل المسلحة، بشكل مفاجئ خلال الفترة الماضية البسيطة، قبل أن تعود الليلة الماضية بـ”قوة”، ما أرجعه محللون سياسيون إلى رغبة الفصائل بعدم تعكير صفو الانتخابات التي شاركت فيها خلال الفترة الماضية، لكن مقربا من الفصائل وصف التوقف بـ”التكتيكي”.

ويقول المحلل السياسي محمد علي الحكيم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “توقف عمليات الفصائل المسلحة ضد الأهداف والمصالح الأمريكية في العراق خلال الأيام الماضية، له أسباب مختلفة أبرزها إجراء انتخابات مجالس المحافظات، فجزء كبير من تلك الفصائل هي مشاركة فيها أو داعمة لقوائم انتخابية، لذا لا تريد أي عمل قد يؤثر على هذه العملية”.

ويضيف الحكيم، أن “من الأسباب أيضا، التهديدات الأمريكية الأخيرة التي وصلت إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والذي أوصلها بدوره إلى قادة الإطار التنسيقي والفصائل، بأن واشنطن سوف تصعد من عمليات الرد العسكرية في حال استمرت عمليات استهداف مصالحها”.

ويبين أن “الفصائل أدركت خطورة استمرار تصعيدها ضد الأمريكان، وهنا اتجهت إلى الحد من عملياتها وليس إيقافها بشكل كامل، حتى لا تحرج نفسها أمام جمهورها بأنها تخلت عن دعم غزة في حربها ضد الكيان الصهيوني المدعوم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية”.

ولغاية منتصف كانون الأول ديسمبر الحالي، كانت الهجمات مستمرة وبشكل شبه يومي، قبل أن تتوقف مع قرب الانتخابات المحلية، لكن الاستهدافات عادت مجددا مساء أمس الإثنين، عبر قصف قاعدة حرير الأمريكية في أربيل.

يذكر أن الناطق باسم القائد العام، اللواء يحيى رسول، أكد يوم أمس الاثنين، أن طائرة مسيرة مفخخة استهدفت بالقرب من مطار أربيل المدني وأدت إلى وقوع إصابات وجرحى وتعطيل عمل المطار، والتأثير على توقيتات الرحلات المدنية، وهكذا أعمال إجرامية هدفها الإضرار بمصالح العراق وعلاقاته وارتباطاته الإقليمية والدولية، مشددا على: ندين هذا العمل الإرهابي ونؤكد أنّ القوات الأمنية العراقية المسنودة بالجهد الاستخباري ستصل إلى الفاعلين لتقديمهم إلى العدالة. 

يشار إلى أن الفصائل المسلحة ومنذ منتصف تشرين الأول أكتوبر الماضي، بدأت باستهداف القواعد الأمريكية في العراق، وذلك بالتزامن مع حرب غزة، حيث أعلنت الفصائل أن استهدافها للقوات الأمريكية، ردا على الدعم الأمريكي لإسرائيل. 

وتلقى رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، في الثالث من الشهر الحالي، اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، وفيه أكد السوداني على التزام العراق بحماية البعثات الدبلوماسية والمستشارين، مشددا على قدرة القوات الأمنية العراقية على القيام بواجباتها في ملاحقة منفذي الهجمات على البعثات الدبلوماسية، من دون تدخل أية جهة خارجية.

جدير بالذكر، أنه جرى استهداف السفارة الأمريكية بـ10 قذائف هاون، 8 منها استهدفت مقر جهاز الأمن الوطني، في 8 كانون الأول ديسمبر الحالي، فيما سقطت قذيفتان عند مقتربات محيط السفارة الأمريكية، بسبب الإحداثيات الخاطئة، ولاحقا أعلنت الحكومة القبض على المنفذين لهذه العملية، وأكدت ارتباط بعضهم بجهاز أمني عراقي. 

وقبل استهداف السفارة الأمريكية، استهدفت ضربة أمريكية حركة النجباء التي يتزعمها أكرم الكعبي في قضاء الدبس بمحافظة كركوك، تسببت بقتل 5 من عناصرها، فيما قال مسؤول عسكري أمريكي، إن تلك الضربة كانت “دفاعا عن النفس ضد تهديد وشيك في موقع يستخدم لإطلاق طائرات مسيرة”، بحسب ما نقلت وسائل إعلام.

من جهته، يبين رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هجمات الفصائل المسلحة ضد الأمريكان سببت إحراجا كبيرا للسوداني وحكومته، ما دفعه هو والقوى الداعمة له ضمن الإطار التنسيقي إلى الضغط على الفصائل للحد من هجماتها، خشية من فقدان الدعم الأمريكي للحكومة الحالية”.

ويتفق فيصل مع الحكيم، في سبب توقف هجمات الفصائل، وربطه بانتخابات مجالس المحافظات، قائلا “كل الفصائل المسلحة داعمة للسوداني وحكومته، ولا تريد أي حدث أمني قد يؤثر على الانتخابات، خصوصا إذا ما كان هناك رد أمريكي عليها، لكن هذا التوقف كان مؤقتا والدليل عودة الاستهدافات الآن”.

ويرى أن “استمرار الحرب في غزة سوف يعني استمرار الفصائل العراقية في شن الهجمات ضد الأمريكان، وهذا قد يدخل العراق بمشاكل دولية كبيرة”، لافتا إلى أن “تلك الهجمات مرحب بها في طهران ومدعومة من قبلها، لكنها مرفوضة في بغداد، لأنها تضر بها أمام المجتمع الدولي”. 

وكان مسؤول أمريكي رفيع، لم يكشف عن اسمه، أرسل تحذيرا إلى بغداد من مواجهة عزلة دولية غير مسبوقة إذا استمرت الهجمات ضد القواعد العسكرية التي تستضيف مستشارين أمريكيين في العراق، بحسب صحيفة “الشرق الأوسط”.

وشدد الإطار التنسيقي الداعم للحكومة، ويضم قوى مسلحة في الحشد الشعبي، في بيان سابق، على رفضه “الاعتداءات الإرهابية التي تستهدف أمن البلاد وسيادته أيًّا كان نوعها والمستهدف فيها والحجة من وراء ذلك”، وأعلن دعمه الكامل لإجراءات الحكومة ومطالبتها بالكشف عن كل تفاصيل “الحادثة المشبوهة” التي استهدفت السفارة الأمريكية.

إلى ذلك، يبين المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي علي فضل الله، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قرار الفصائل واضح وصريح، فهو يقضي باستمرار عمليات استهداف مصالح الاحتلال الأمريكي في العراق، وهذا الأمر اتخذ بعد إعلان الدعم الأمريكي الواضح للكيان الصهيوني بحربه ضد غزة”.

ويشير فضل الله، إلى أن “الفصائل لا يمكن أن تستجيب لأي من الضغوطات والتهديدات من أي طرف كان، فهي عندما اتخذت هذا القرار تعرف جيدا ما تبعاته، والفصائل وقادتها اكدوا على استمرار العمليات والتراجع في العمليات ربما يعود لأسباب تكتيكية ليس إلا”.

ويلفت إلى أن “قرار الفصائل ينص على أن عملياتها ضد الأمريكان سوف تستمر لحين إخراج آخر جندي أمريكي من العراق، وهذا يعني أن العمليات أصبحت غير مرتبطة بأحداث غزة، بل بسبب العدوان الأمريكي ضد قطعات الحشد الشعبي”.   

ودخل السجال العسكري بين “فصائل المقاومة” في العراق والقوات الأمريكية مرحلة جديدة، بحسب مراقبين أكدوا في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن الموقف الأمريكي أصبح واضحا بالرد على أي فعل بضربة “مميتة” بحسب وصفهم.

إقرأ أيضا