مهرجان لندن يمنح جوائزه لـ(طاغوت) روسي ووثائقي سوري

تُوج فيلم “ليفاثان” أو “طاغوت” للمخرج الروسي أندري زفياغينتسيف بجائزة أفضل فيلم في المسابقة الرسمية…

تُوج فيلم “ليفاثان” أو “طاغوت” للمخرج الروسي أندري زفياغينتسيف بجائزة أفضل فيلم في المسابقة الرسمية للدورة الـ58 لمهرجان لندن السينمائي.

 

وسبق للفيلم ذاته أن اشترك في التنافس على سعفة مهرجان كان الذهبية لهذا العام وحصد جائزة أفضل سيناريو، بعد أن توج فيلم المخرج التركي نوري جيلان “سبات شتوي” بالسعفة الذهبية.

 

وقد كتب سيناريو الفيلم كل من المخرج نفسه رفقة أوليغ نيغن في اقتباس حر لقصة تدور احداثها في روسيا المعاصرة واستند الى رواية قصيرة للشاعر الالماني هنريتش فون كليست الذي عاش في أواخر القرن الثامن عشر ومطلع التاسع عشر، وسفر أيوب في التوراة، فضلا عن الإحالة الى كتاب الفيلسوف هوبز الذي حمل الفيلم عنوانه.

 

ويقدم الفيلم صورة انسحاق الانسان واغترابه وضياعه وسط بنية فساد مهيمنة ومنظمة، في سياق نقد واضح لبنية الفساد تلك في الأجهزة الرسمية في روسيا المعاصرة، على الرغم من أن الفيلم قد حصل على دعم من وزارة الثقافة الروسية.

 

وينجح الفيلم في استثمار جماليات الطبيعة في شبه جزيرة منعزلة في بحر بارينتس في الجزء الأوروبي من شمالي غرب روسيا وقريبا من النرويج، حيث تتضاعف عزلة ومحنة أبطاله وسط تلك الطبيعة الساحرة والمنعزلة.

 

فساد منظم

يحكي الفيلم كيف تسحق بنية الفساد (كوليا) ميكانيكي السيارات (الممثل اليكسي سيربرياكوف) الذي اجتهد لبناء منزله في منطقة ريفية ساحرة مطلة على البحر مع زوجته الجميلة (الينا ليادوفا) وابنه من زواج سابق.

 

وتتعرض حياتهم الهادئة البسيطة إلى هزة كبيرة عندما يحاول عمدة المنطقة (قدم الممثل رومان ماديانوف اداء رائعا في تجسيد دوره في الفيلم) اجباره على بيع المنزل للحصول على كامل الارض التي يقع فيها من اجل أن يبني عليها منزلا ريفيا له في المنطقة نفسها.

 

فتلجأ العائلة الريفية إلى محام من المدينة في محاولتها مقاومة مطامع العمدة والحفاظ على البيت، لكن بنية الفساد المهيمنة التي يمثلها العمدة والتي تستثمر كل المؤسسات في الدولة من الإدارة حتى الكنيسة، تنجح في تدمير حياة كوليا المواطن البسيط الذي لا حول له ولا قوة، والذي يغرق في الكآبة والكحول وتكتمل مأساته بدمار حياته العائلية نفسها وفقدان زوجته التي تخونه مع المحامي نفسه.

 

في واحد من المشاهد الجميلة والطريفة في الفيلم يقدم زفياغنتسيف رحلة يقوم بها كوليا والمحامي وبعض الجيران محملين بالتأثر من الفودكا وبنادق الكلاشنكوف حيث يتبارون في الرماية على صور الرؤساء الروس من بريجنيف إلى غورباتشوف ويلتسين.

 

وفي بيان منح الجائزة، قال جيرمي توماس رئيس لجنة التحكيم “شغلنا كثيرا في الأفلام الـ12 المختارة للمسابقة وقد أعجبنا بعدد منها، كانت ثمة قصص استثنائية وصور مؤثرة، ولكن الفيلم الذي أردنا بالاجماع منحه الجائزة كان “ليفاثان” للمخرج أندري زفياغينتسيف. لقد حركتنا ثيماته وفخامته جميعا بطريقة (استجابة) واحدة”.

 

وبحصوله على جائزة أفضل فيلم في مهرجان لندن السينمائي عزز زفياغينتسيف رصيده من الجوائز السينمائية (أكثر من 30 جائزة وترشيح عن أفلامه السابقة، ومن بينها فوزه بالأسد الذهبي لمهرجان البندقية 2003 عن فيلمه “العودة”، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة في تظاهرة نظرة ما في كان عام 2011 عن فيلمه “ايلينا”. كما أن فيلمه الاخير “ليفاثان” بات المرشح الروسي الرسمي لجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي هذا العام.

 

ونوهت لجنة التحكيم بفيلم “غيرلهود” أو (بنوتة) للمخرجة سيلين سيما الذي يحكي بحث بنت عن هويتها في إحدى الضواحي الباريسية المعدمة.

 

جائزة الوثائقي لسوريا

وذهبت جائزة سذرلاند التي تمنح لمخرج عن عمله الإبداعي الأول لفيلم “القبيلة” للمخرج الأوكراني ميروسلاف سلابوشبيتسكي، الذي تجري أحداثه في مدرسة للصم، وقد استخدمت لغة الاشارات وسيلة الحوار الأساسية في الفيلم.

 

كما نوهت لجنة التحكيم أيضا بفيلم المخرج البريطاني – الأردني ناجي أبو نوار، الذي يقدم مغامرة مشوقة في أجواء البادية الأردنية ابان أحداث الثورة العربية في العقد الثاني من القرن الماضي.

 

أما جائزة جريرسون التي تمنح لأفضل فيلم وثائقي فكانت لفيلم “ماء الفضة” للمخرجين السوريين أسامة محمد ووئام سيماف الذي يزاوج بين مشاهد وثائقية تصور وقائع الانتفاضة السورية وبشكل خاص يوميات سجلتها كاميرا سيماف من داخل مدينة حمص المحاصرة، مع قراءة غلب عليها التناول الشعري لهذه الوقائع ومحنة مخرج سوري مغترب ينظر عن بعد إلى انتفاضة شعبه وما آلت اليه الأوضاع في بلاده، قدمها أسامة محمد.

 

واعتاد المهرجان على تقليد منح جائزة أفضل موهبة بريطانية واعدة، التي تمنح لموهبة واعدة في واحدة من الاختصاصات السينمائية المختلفة كالسيناريو والتمثيل والاخراج وغيرها، وكانت هذا العام من نصيب الممثلة سامينا جابين احمد عن أدائها المميز في فيلم “امسكني يا بابا”، الذي جسدت فيه دور ليلى، الفتاة التي تتخفى هربا من عائلتها بعد هروبها مع صديقها أرون. وقد امتدحت لجنة التحكيم الثقة والسيطرة العالية لسامينا في تجسيدها لشخصية ليلى في الفيلم مشيرة إلى أنها منحتها الجائزة بالاجماع.

 

وكما أعلن سابقا منحت في حفل توزيع الجوائز، جائزة تكريمية خاصة للمخرج البريطاني ستيفن فريرز عن مجمل اعماله تسمى عادة “زمالة مؤسسة الفيلم البريطاني”، وقدمها له السينارست والكاتب المسرحي السير ديفيد هير الذي قال عنه “لا استطيع التفكير في أي شخص قدم مساهمة أكثر غنى وتنوعا واستمرارية معرفية للفيلم البريطاني في حياتي منه”.

 

وبتوزيع هذه الجوائز سيسدل الختام على الدورة 58 لمهرجان لندن السينمائي التي تواصلت لمدة 11 يوما عرض فيها نحو 248 فيلما، آخرها مساء الأحد مع فيلم “غضب” للمخرج ديفيد اير، وهو دراما تدور أحداثها خلال الحرب العالمية الثانية ويجسد الدور الرئيس فيها الممثل براد بيت.

 

إقرأ أيضا