خريجو الفلوجة يقضون \”بطالتهم\” عند الفرات بعد أن حرّمت الجماعات المسلحة المقاهي

المكان: الفلوجة 50 كلم غرب العاصمة بغداد. الزمان: ظهيرة في نهايات تموز.

المشهد الأول: \”جاك الذيب جاك الواوي\”

جميل عبد الجليل، أحد الذين عادوا لمدينة الفلوجة الواقعة في محافظة الأنبار عام 2009، بعد أن كان قد نزح عنها الى أربيل المستقرة أمنيا قياسا بقصف واشتباكات دموية استمرت لأعوام عدة تلت 2003 في مدينته، اندلعت آنذاك بين من أطلقوا على أنفسهم \”المقاومة\” والقوات متعددة الجنسيات، والنتيجة بنى تحتية مدمرة بالكامل، لاسيما بعد الذي عرف بمعركة الفلوجة الأولى، ومعركة الفلوجة الثانية.

يتذكر عبد الجليل هذه الأحداث، وهو جالس على ضفة الفرات بلباسه الصيفي، وقدماه في النهر، مسترسلا \”لا تعيين، لا كهرباء، لا مي نظيف، لا خدمات، جبناها من ذاك اليوم لهذا اليوم، جبهات وحروب، واجاك الذيب اجاك الواوي\”.

يضيف عبد الجليل همّه الخاص على الهمّ العام \”يعني هاي الشباب وين تروح؟ الكهرباء بالساعة الوحدة تطفة 5 مرات، ذاك مي المجاري يصب، والمي وصخ، بس احنة مجبورين نسبح حتى نتبرد بهالحر ونكضي وكت، العالم شتسوي؟\”.

خريجو الفلوجة يقضون "بطالتهم" عند الفرات بعد أن حرّمت الجماعات المسلحة المقاهي

المشهد الثاني: \”ماكو مسابح، أكو بالسجون كهرباء\”

شباب تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما، يقفزون الى نهر الفرات، من صخرة جاثمة على حافة الضفة. وحيث يقع كورنيش الفلوجة بحيّ الرصافي، يمسك أبو محمد بيد حفيده ماشيا على الشارع المطل وخلفه أطفال آخرون، متحدثاً عن حالة عامة يتشاركون بها جميعا، \”ماكو مسابح، جبناهم هنا حتى يتونسون، لو أكو مسابح جان سبحناهم على هالحر، المولد احتركت مال المنطقة، والوطنية قرينا عليها الفاتحة\”. يستدرك أبو محمد \”أكول هو بالسجون أكو كهرباء؟\”.

 

المشهد الثالث \”بس الله والفرات لهالشباب هاي\”

يبدو أن الذعر الذي هيمن على الشباب في الأحياء الشعبية في محافظات عراقية عدة والتي اعتادوا الذهاب فيها للمقاهي للترويح عن أنفسهم وقضاء الوقت، هيمن ايضا على شباب الفلوجة، غير ان ذعرهم يعود لاستهداف الجماعات الإرهابية تلك الأماكن (المقاهي) التي شهدت سقوط عشرات الشباب.

أركان، يعيش في إحدى البيوتات المطلة على الفرات، يصف حالة الخوف لدى معظم أصدقائه بالقول \”إذا نريد نفطر ونروح للمقاهي، شوية نرتاح نسترخي ما نكدر، المقاهي مستهدفة، الأماكن العامة مستهدفة، شغل ماكو بقى بس الله والفرات لهالشباب هاي\”.

خريجو الفلوجة يقضون "بطالتهم" عند الفرات بعد أن حرّمت الجماعات المسلحة المقاهي

المشهد الرابع: \”يغرك وبعدها معاملة تعيينه ما طالعة\”

يشير الكابتن عصام العوادي إلى حدوث حالات غرق، نتيجة تيارات مائية قوية، أو نتيجة للارتطام بالصخور في عمق نهر الفرات. العوادي يدرب 10 أطفال على السباحة هنا، لعدم توفر مسابح أو حتى اهتمام بالرياضة في مدينة كبيرة مثل الفلوجة التي يصل تعدادها نحو 700 الف نسمة. 

يغسل قبعته الرياضية بالماء ويعيدها على رأسه \”عمي ما نريد بس فد مسبح مسبحين، ليش هالخطر هذا، و كل مرة يروح شاب يموت\”. و يزداد غضبه حتى يبدو كلامه غير مفهوم، وهو يتحدث عن الوضع العام لديهم \”الشباب ملّت، يجي يسبح احسلّه، كلهم جامعات وشهادات، يغركون وبعدها معاملات تعيينهم ما طالعة\”.

تشير إحصائية صادرة عن دائرة الرعاية الاجتماعية في الفلوجة إلى أن هناك أكثر من 15 ألف عاطل عن العمل من أصحاب الشهادات الجامعية فقط، و يبدو أن النّهر قام بالنيابة عن الجهات المعنية بتوفير تعيين مجاني لهم، لكن من غير مقابل أيضاً.

ورغم أن هذه المشاهد الأربعة باتت مألوفة في الفلوجة، غير ان امرأة ترتدي ثيابا سوداء عبرت الجسر، تحاشت النظر إلى السابحين في النّهر.

إقرأ أيضا