افسحوا المجال لـ” انطونيو” عراقي

لا أدي كم هي متداولة قصة القاضي الايطالي انطونيو، لكن صديقاً ارسلها لي عبر الواتساب، كما لوكان يريد ان يذكرني بحال الفساد في البلاد وميكانزم التصدي له، بعد فقدان الاول الى حد ما من انقاذ البلاد من بين انياب الفساد، وهوالوحيد في البلاد العابر للطائفية والهويات الفرعية، وهي “الحسنة” الوحيدة له  فهوالجامع الشامل للفاسدين في البلاد من الرؤوس والارجل متجاوزا خلافاتهم على شكل البلاد ورائحتها !!

 

القصة باختصار وبساطة شديدة، ان قاضياً ايطاليا في العقد االرابع من عمره يدعى أنطونيودي بييتروتولى مهمة مكافحة الفساد في البلاد بداية تسعينيات القرن المنصرم، فأعلن الحرب على الفساد في طول البلاد وعرضها، فاكتشف هذا الانطونيوالايطالي الاصيل ان بلاده غارقة في مستنقع الفساد المتورط فيه ساسة كبار من كل الوظائف والمستويات، وزراء ومدراء شرطة، مدنيون وعسكريون، ديبلوماسيون، رجال أعمال، زوجاتهم وابناءهم .وموظفون في اعلى المراتب بل حتى  رؤساء وزراء ووجد أنها شبكة ضخمة على المستوى الوطني في افق الدولة وطولها!

 

وكان عليه ان يتخذ القرار: اما بالانسحاب من المهمة والعيش بسلام أوالمضي بها ومقارعة الحيتان وانقاذ بلاده من فوضى الفساد والفاسدين.. فضّل  الرجل الخيار الثاني، في قرار قالوا له فيه انه قرار انتحاري، فقبل التحدي واصدر قراراته التأريخية بتوقيف كل المتورطين مهما كان منصبهم، شملت الاعتقالات 5000 شخص بينهم أكثر من 1000 من رجال الدولة والسياسة، بينهم وزراء في الحكومة ثم رئيس الوزراء نفسه الذي هرب من البلاد حتى نهاية حياته!

 

كان انطونيويعي أنه يحارب دولة بأكملها بكل ما يحمله المعنى، مضيفاً لقائمة أعدائه عصابات المافيا والجماعات الماسونية، مطلقا  على العملية “الأيادي النظيفة”.

 

صدم الايطاليون بحجم الفساد وخرجوا في مظاهرات تدعم دي بييترووتعتبره بطلا قوميا وأصبح اسمه يغنى في ملاعب الكرة مع شعار “دي بييتروجعلتنا نحلم” بمعنى انه اعاد الامل لديهم ببناء دولة بلا فساد وفاسدين.

 

لم يفهم المحللون كيف تجرأ وفعلها، حين سئل بعدها كيف قام بتلك “المعجزة” وذلك “الجنون” أجاب أنه اتخذ القرار وهويعلم أنه قد يدفع حياته ثمنا لذلك وأنه اجتمع بمجموعة شباب من نخبة الشرطة وأفهمهم أن مصير البلد بأيديهم وأنه لا مجال للخوف وبدؤوا عمليات اختراق واسعة لشبكات الفساد، وكانت فلسفته،أن الفساد يدمر الدولة من الداخل لذلك يجب تدميره من داخله.!

 

انطونيوالشجاع والبطل والاسطورة، هكذا كان الشعب الايطالي يوزع الالقاب عليه، دخل تاريخ إيطاليا بتسببه بإلغاء منظومة عمرها أربعة عقود وتسبب أيضا في فناء أحزاب تاريخية، وعلى يديه انتهت الجمهورية الإيطالية الأولى التي قامت بعد الحرب العالمية الثانية وأعلنت بداية الجمهورية الثانية.

 

خلاصة القصة: أن الفساد تتسبب فيه اللوبيات ويحميه الساسة ويصلحه العدل إن وجد..!

 

يقول الفيلسوف الصيني كونفوشيوس إذا صلح القائد فمن يجرؤ على الفساد؟ في عراقنا هذا لدينا الف انظونيوبامكانه ان يجعلنا “نحلم ” بامكانية بناء هذه الدولة الغارقة في الفساد ولانحتاج الا ان نعطي لهم المجال كي ينظفوا البيت العراقي من النفايات التي ازكمت روائحها انوفنا!!

 

أقرأ أيضا