المسار الحرج في انتخابات العراق المبكرة

يكاد يتفق الجميع، على إن الوضع في العراق قد وصل حدا لم يعد معه بالإمكان الإستمرار وبقاء الوضع على ماهو عليه من فساد مستشري وغياب أبسط مقومات الحياة الحرة الكريمة لأبنائه، وإنسداد الأفق السياسي والشعور باليأس والإحباط لدى جيوش من الشباب العاطلين عن العمل وفي مقدمتهم ألخريجين وأصحاب الشهادات العليا.

من الناحية النظرية هناك ثلاث مشاهد محتملة للتغيير في العراق:

الاحتمال الأول: بقاء الوضع على ما هو عليه، الأمر الذي سيؤدي الى مزيد من الغضب والإحتقان بسبب تفاقم الواقع الفاسد للشعب، الأمر الذي سيقود الى مزيد من الغضب والاحتقان الشعبي والنتيجة هي إنتفاضة جديدة قد تكون أكثر عنفا تؤدي إلى الفوضى والإنفلات بسبب عدم تبلور رؤية سياسية موحدة وبديل ومكافيء سياسي للطبقة السياسية الحالية

الاحتمال الثاني: هذا الإحتمال مستبعد ولم يعد قائم، لكنه يبقى واردا وفي الحسبان، وهو إحتمالات التغيير العسكري، وهذا الإحتمال لايقل سوءا عن بقاء الوضع على ماهو عليه، من خلال تحوله تدريجيا الى ديكتاتورية جديدة تقود البلاد الى كوارث ومقامرات جديدة لم يعد العراق يتحملها.

الاحتمال الثالث: وهو الإحتمال العقلاني والواقعي الذي من شأنه في حال تم العمل عليه بجدية وتوجيه الضغط الشعبي بإتجاهه، أن يحقق الهدف الحقيقي المنشود لإحداث تغيير جذري في بنية النظام السياسية، وبطريقة سلمية، ويتلخص هذا الخيار بإنجاز حزمة إجراءات متكاملة على التوازي، تشكل بمجموعها، آلية ” للإزاحة والإحلال ” وتحول دون إنتاج نفس الوجوه الفاشلة والفاسدة المهيمنة والمتخادمة منذ عام 2003.

حاصل مجموع مثل هذه الحزمة المتكاملة، أقرب ما يكون إلى (عقد سياسي جديد) من شأنه تفكيك نظام المحاصصة الطائفية والعنصرية في العراق، الذي يشكل التهديد الأول والمستمر على صعيد المستوى الداخلي، لإستقرار العراق وأمنه وتقدمه.

نتحدث عن قانون إنتخابات يفصل ويصاغ حسب مقاسات الارادة الشعبية صاحبة السلطة الحقيقية غير ذلك الذي تم طبخه في أروقة كتل المحاصصة الحزبية ويراوح منذ سنة في أروقة البرلمان المغلقة، نتحدث عن مفوضية نزيهة وإشراف أممي حقيقي يضمن نزاهة وعدم تزوير الانتخابات، نتحدث عن تفعيل قانون الاحزاب المعطل الذي يحرم إشتراك أية قوى سياسية تمتلك أجنحة مسلحة ويمنع تأثير المال السياسي، نتحدث عن إستكمال البطاقة البايومترية لمنع التزوير، نتحدث عن كبح جماح السلاح المنفلت وأثره في تزوير الانتخابات في كثير من محافظات العراق.

هذا هو جوهر ما يجب التركيز عليه في المدى القريب، وبدون إحكام هذه المقدمات، لا جدوى من الحديث عن أية انتخابات (مبكرة أو غير مبكرة)، لأنها ستكون مجرد ذر رماد في العيون، وستكون بمثابة شهادة زور وإضفاء شرعية لدورة جديدة من الفساد من خلال إعادة إنتاج وتدوير نفس الكتل السياسية، ولكن بوجوه جديدة، لاسيما وإنها باتت تملك المال والسلطة والسلاح.

كما إنه من المتوقع في حال حصول الانتخابات المبكرة المزمع إجرائها في حزيران 2021 بنفس قانون الانتخابات الحالي أن تكون نسبة العزوف في المشاركة بها تتجاوز تلك النسبة في إنتخابات 2018، التي لم تتجاوز المشاركة الشعبية فيها رغم التزوير 15%، في ظل إستمرار إنعدام الثقة أو توفر إرادة أو نية حقيقية لدى الطبقة السياسية لإحداث تغيير حقيقي والخروج بالبلاد من عنق الزجاجة الخانق.

أقرأ أيضا