قوات عشائرية “ضاربة”.. تأملات في واقع مزري

جلست مع صديق محترم، في معرض الحديث عن الحلول في العراق مستقبلا ، قال وفي نبرته مسحة من الفخر: الآن بدأنا في عشيرتنا  بتشكيل قوة عسكرية “ضاربة” مسلحة.. الحقيقة أصبت بالصدمة، ولكن عندما استدركت نفسي وتذكرت قبل أيام منظر “الدكة” العشائرية في بغداد وقد قطعت الشوارع من قبل عشرات المسلحين بالبنادق وقاذفات R.B.G7 وهم يحملون رايات مكتوب عليها درع عشيرة (آلبو..) ويرددون الأهازيج، وسط تفرج سيارات الشرطة التي وقفت جانبا لا حول لها ولا قوة.

وعندما أتذكر عشيرة اخرى معروفة قد تداخلت مع أجهزة الدولة الأمنية ، وقد شكلت هي الأخرى بإسمها قوة مسلحة ضاربة وايضا سميت “درع آلبو..”.

وإذا ما أضفنا “معارك العشائر” المزمنة في البصرة بالأسلحة المتوسطة والخفيفة والتي تشبه ” صور من المعركة ” التي كانت تبث لنا خلال الحرب العراقية الإيرانية.

كل هذا يحدث في العلن، السلاح المنفلت خارج الدولة ولكنه بنفس الوقت أمام انظارها.. تكتفي بالبيانات وردود الأفعال، لكنها في حقيقة الأمر تقف عاجزة..

أتساءل، هل هناك من يجرؤ ولو على مستوى مجرد التفكير للحديث عن احتمالات تطور أو ازدهار اقتصادي أو احتمالات جلب استثمارات محلية أو أجنبية..؟

ما مصير ما تبقى من أشلاء هيبة الدولة العراقية، (وهو ما يحصل الآن) لو تخادمت بالمنفعة هذه القوات “الضاربة” للعشائر مع “الفصائل المسلحة” مع “مافيات” الفساد؟

ما السر يا ترى؟ وراء عدم شمول هؤلاء المسلحين بأحكام المادة (٤- إرهاب) أسوة بأقرانهم في محافظات عراقية أخرى!

ماهو مصير “الأوادم” والأفراد المسالمين والمثقفين والمدنيين، ممن لا يؤمنون بهذه القوى المتخلفة وينبذون قيمها وممارساتها ، ويحلمون بدولة القانون ما مصير أبنائنا الذين ربيناهم على احترام القانون والمسالمة والتسامح ونبذ العنف ، كيف سيشقون طريقهم ومستقبلهم وسط سطوة وتحكم وتغول ثقافة الرعاع..؟

عشرات الأسئلة التي تقفز إلى السطح، قد تبدو لأول وهلة فقط محزنة، لكنها في الحقيقة كفيلة بتفجير عقولنا من الداخل، وتشل قدرتنا على التفكير.

أقرأ أيضا