كاظم الساهر نجاح المؤسسة الصغيرة

أثار مقال الزميل كرم نعمة في موقع العالم الجديد “كاظم الساهر ما بعد الحب” المزيد من الجدل على سؤال عراقي متعلق بتجربة الساهر، ولم ينته هذا الجدل بمقال الفنان الكبير فاروق هلال المنشور في نفس الموقع فيما سؤال الزميل كرم في المقال نفسه “متى يمنح كاظم الساهر الملحنين العراقيين الكبار حق التعامل مع صوته؟” يفضي إلى مجموعة من الإجابات.

لقد أضحى كاظم الساهر بعد ثلاثين عاما مؤسسة فنية صغيرة مقفلة في صناعة الأغنية، فهو بحكم تجربته الخاصة وتعامله مع مجموعة صغيرة من أصدقائه الفنانين، منسجمة مطيعة من الأصدقاء راهنت على صوته ونجاحه ومردودات ذلك، فإنه اقتنع بأن تجربته الفنية الخاصة لا تحتاج إلى التشعب أو إشراك آخرين في فرقة فنية تحرص على أن تستجيب له بقناعة ورضا، في علاقة خاصة نوعا ما تلفظ أي شخص يحاول أن ينضم إليها ولا ينسجم معها، أو مع قناعة القيصر!

والشواهد كثيرة، كاظم قرين الحضور والنجاح المسرحي يأتي بطاقة عراقية تسبقه فأضحى نموذجا للمطرب العراقي الملتزم بقضايا شعبه عبر أغنيات وطنية كثيرة كتبها كبار الشعراء العراقيين الغائبين الذين يدرك كاظم بفطرته ووعيه قيمة أن يغني كلماتهم، وهذه ميزة ترجح نجاحه أمام جمهوره غير العراقي.

أظن أن جدارة كاظم في الاختيار والأداء والاجتهاد مكنته أن ينتزع نجاحات كثيرة فهو ليس كبقية المغنين العراقيين (الموهوبين) الذين ظنوا أن أصواتهم وحدها توصلهم إلى الشهرة والاستمرار في النجاح، أخفقوا في المحصلات في أن يستمروا في تحقيق النجاح بعكس الساهر الذي عمل في جو مؤسسة فنية فيها المؤدي والملحن والجوقة المنسجمة المنشدة والعازفون المدربون على المقامات العراقية، والعارفون جو مطربهم وروحيته.

نجح كاظم في اختيار الكلمات المؤثرة والألحان الجميلة والأصوات المبدعة بمعيته، إضافة إلى استثمار كلمات الراحل كريم العراقي الذي قدم أجمل الأغنيات العراقية، مع عامل مهم هو شعور كاظم بالمنافسة مع نجوم عرب وليسوا عراقيين وهم يحترمون فنه وموهبته.

أقولها بصراحة، كاظم لا يضع موهوبا عراقيا منافسا له، فقد تخطى هذه العقدة من زمان حال مغادرته البلاد العام 1998 في آخر حفلة حضرتها معه في نادي الفروسية في بغداد، وكنت آخر مودعيه.

الساهر مدرسة عراقية ناجحة في الخارج ومحسودة في الداخل للأسف.

مرة قال لي: لماذا تأتي الإساءة لي من عراقيين دون غيرهم؟ وكان حزينا حقا فهو يحترم جمهوره وشعبه. أجبته: العراقيون يعتقدون أنك “مالتهم” ولا يقبلون إصرارك على الغناء خارج جمهورك الذي صنع مجدك، فوجئ بإجابتي له، وقال إن كل نجاحي لفني ولهم.

نعم هو فنان يعيش أزمة وطنه وقسوة جمهوره المحلي الذي لم يشبع من نجاحه الذي يراه على مسارح عربية وعالمية، لا بد من أن يوازن كاظم الصديق الحبيب لهذه الإشكالية في الحضور والموازنة بين الداخل والخارج، وهو فنان ذكي وحريص وملتزم…

أقرأ أيضا