لماذا يجمع كرم نعمة ألحاني والساهر؟

كتب الأستاذ كرم نعمة بموقع “العالم الجديد” مقالا مهماً بعنوان (كاظم الساهر ما بعد الحب) ولأن مقال الأستاذ كرم أو ما أطلق عليه منذ سنوات بمؤرخ الأغنية العراقية، ربط بين لحني لقصيدة الدكتور عارف الساعدي (رسمت غيمة) وألحان الفنان كاظم الساهر في ألبومه الأخير (مع الحب)، فأنني أود هنا أن أثبت بعض الملاحظات.

مقال الأستاذ كرم نعمة عن ألحان الفنان كاظم الساهر فيه فلسفة فنية ترقى لتصل لأي قارئ سواء كان متخصصاً أو غير متخصص، لأنه يعرف أسرار الرؤية النقدية العميقة إلى جانب الأداء المتميز للفنان الساهر.

ومثل هذه المقالات يجب أن تُدرس من أجل أن يفهم العمق الكامن في تلحين القصيدة وإشاعة ثقافة موسيقية بين الجمهور.

أود أن أقول هنا إن القصائد التي لحنها الفنان المبدع كاظم الساهر لنفسه ارتقت إلى الشكل الغنائي التعبيري واستطاع فيها أن يمنح تلحين القصيدة انتعاشة موسيقية. وخاصة قصيدة “انا وليلى” لأنه لم يستخدم الانحناءات الطربية بقدر استخدامه الانحناءات التعبيرية وقدم القصيدة بطريقة منعشة للآذان العربية.

لذلك لا يمكن أن نربط بين لحني لقصيدة “رسمت غيمة” الذي أداه الصوت الواعد كرم ثامر الذي أتوقع له مستقبلا متميزا في أداء القصائد، لأنه اختار طريقاً مختلفاً، فلم يسر على أسلوب كاظم الساهر ولا سار على أداء غيره، وإنما عاش اللحن كما هو في جلبابه. لذلك أدى اللحن بطريقة سيأتي اليوم الذي يتحدث فيه النقاد والمؤرخون عن هذه القصيدة اللوحة للشاعر عارف الساعدي ويدركون أهمية الجملة اللحنية التي وضعتها. وبوسعي القول إن كرم ثامر ارتقى إلى مصاف أي فنان بارع في غناء القصيدة. مع ذلك مرة أخرى لا يمكن أن نربط بين أداء المطرب الشاب كرم ثامر وأداء الفنان كاظم الساهر في ألبومه الجديد.

الفنان كاظم الساهر اثبت خلال ثلاثة عقود أنه أجدر من غنى القصيدة في الوطن العربي. وكان أبرع المغنيين والملحنين الذين وظفوا المنهجية التعبيرية في تلحين القصائد من دون أن تقتصر على السمة الطربية التي كانت سائدة في أغاني أم كلثوم مثلا أو في ألحان الفنان محمد عبد الوهاب للقصائد.
أسجل للفنان الساهر أنه أول من أعاد التألق اللحني للقصيدة المغناة في الوطن العربي. ويمكن أن نعتبره رائد اللحن التعبيري للقصائد وهي تسمية مختلفة عن اللحن الطربي، لأن أم كلثوم وحدها من ارتقت باللحن الطربي. ولكن الساهر كان بمثابة المجدد في التعبيرية اللحنية التي كانت معروفة في صوت عبد الحليم حافظ، حتى ارتقى وسافر بها الساهر من جديد إلى بلدان الوطن العربي. فهذا النوع من القصائد المغناة ارتبطت بكاظم الساهر قبل أي من الفنانين المشهورين الذين جاءوا قبله.

عندما طلب مني الساهر لحنا بعد سماع لحني لقصيدة أسعد الغريري “علمني عليك” لصوت عبد الله الرويشد عام 1985 قلت له اذهب إلى قسم الموسيقى في الإذاعة واختر من الحاني ما تشاء، وبالفعل اختار أغنية “قبل ما أشوفك” التي أشار لها الأستاذ كرم نعمة في مقاله، وكان اختيار الساهر موفقاً لأنه غنى اللحن بطريقة تعبيرية، مع أن الأغنية لم تشتهر آنذاك لأسباب غير فنية.

وهذا يجعلني أقول اليوم إن كاظم أفضل مع أدى ألحاني بالطريقة التي كنت أتمناها وليس بالطريقة التي يفضلها المطرب.

هذا الرأي بألحان الفنان كاظم الساهر للقصيدة المغناة تأسيسا على ما كتبه الأستاذ كرم نعمة بموقع “العالم الجديد”، دعوة لإثراء الساحة الفنية بمزيد من الآراء النقدية بشأن تلحين القصائد بالأسلوب التعبيري السلس وليس الطربي الذي كان سائدا.

فنان عراقي مقيم في دبي

أقرأ أيضا