اقتران التثقيف بمكافحة الفاسدين بحملة محاكمتهم

بعد ان اشتدت مطالبة المتظاهرون لمكافحة الفساد والنيل من رموزه وايقاف استفحال انتشاره في البلد لتفاقم نتائجه الكارثية من زيادة معدلات الفقر والبطالة وحرمان المجتمع من اعادة بناء البنى التحتية ومن اعمار ما هدمته الحروب من طرق ومبانٍ ومدارس ومعامل ومستشفيات ومناطق سكنية حتى اصبح الفساد ظاهرة عامة استحسنها الكثير من موظفي الدولة وخاصة من ذوي المراكز المهمة لزيادة مواردهم المالية واكتناز العقارات غير مبالٍ بما ستكون عليه نتيجة افعاله على عامة الناس من ذوي الدخل المحدود الذين اصبحوا تحت خـط الفقر لا بل أصبحت الحكومة غير قادرة على سد التخصيصات المثبتة بالميزانية السنوية للوزارات وعدم استطاعتها النهوض بعملية البناء، خاصة بعد نكسة دخول عصابات داعش المجرمة واحتلالها لثلث مساحة البلد تقريبا بفضل الفاسدين من حكامنا الذين سفهوا مبدأ المواطنة واعتمدوا الطائفية عنوانا والمحاصصة منهجا مما أدى الى انهيار القيم والمثل العليا التي كان يتحلى بها المجتمع العراقي والجدير بالذكر هنا عندما كان الفرد العراقي يحل ضيفا على اي بلد عربي بالاخص/ يقال له انت عراقي والنعم/ اما الان فقد تغييرت سمعة الانسان العراقي في الداخل والخارج مع الاسف.

 

أقول بعد التظاهرات والاحتجاجات الجماهرية المستمرة فعلت الاجهزة الرقابية وازداد تحرك هيئة النزاهة فاحالت عـددا غير قليل من ملفات الفساد المهمة على المحاكم المختصة بالنظر بقضايا الفساد, مما يستوجب على لجنة النزاهة البرلمانية دفع كل ما لديها من معلومات فساد الاجهزة الحكومية الى الهيئة وعدم اتخاذ اي اجراء تنفيذي من قبلهم على هذه المعلومات لان اللجنة البرلمانية هي لجنة رقابية وغير تنفيذية, وايضا على باقي اجهزة الرقابة كمكاتب المفتشين العمومين وديوان الرقابة المالية مساعدة الهيئة في تزويدها بالتقارير والمعلومات اللازمة عن قضايا فساد الوزارات التي لديهم، فمن دون ذلك لا تستطيع هيئة النزاهة القيام بدورها المحدد لها قانونا ألا وهو تحجيم الفساد والقضاء على معظم الفاسدين على مختلف اصعدة درجاتهم الوظيفية, وعلى الهيئة ان تقوم بتفعيل دوائرها في المحافظات، كي لا تتحمل العبء الثقيل في مركزها، وبالتالي لا يستطيع كادرها المتواضع إدارة المهمة الكبيرة الملقاة على عاتقها, كما على حكومة السيد حيدر العبادي اسناد كادر الهيئة والحفاظ على استقلاليتها وشمولها بالرعاية والضمان الكافي تشجيعا للكادر وعدم مساواة رواتبهم ومكافئاتهم بالدوائر الاخرى .

 

ومن المفيد والمهم أن يكون قاضي محكمة النزاهة غير مشغول بقضايا أخرى كي يستطيع التفرغ الكامل لقضايا مكافحة الفساد لاهميتها ولدقتها ولكثرتها، وحتي يكون حسمه للقضايا بشكل دقيق وبذهنية صافية يتمكن من اتخاذ القرارات اللازمة والمؤدية فعلا لعملية الردع العام واسترجاع هيبة الدولة والحفاظ على اموالها وبالتالي ردع كل من تسول له نفسه بالتطاول على اموال الدولة وعقاراتها .

 

ولا يفوتنا ان نقول هنا ان الضغوط التي تمارس من ذوي مراكز السلطة ومن قادة الكتل السياسية وحاشيتهم على الهيئة رئيسها وكادرها وعلى القضاء المختص بقضايا النزاهة يجب ان تقف عند حدودها وبعكسه سوف لن يكون هناك حلول اكيدة واضحة صائبة ومجدية لاجراءات مكافحة الفساد مما سيؤدي الى تفاقم الامور وتصعيد التظاهر والاحتجاج الى مراتب العصيان المدني وغيره من ردود الافعال حسب ما نسمعه من افواه المتظاهرين والتي لايحمد عقباها لا سامح الله .

 

ما تقدم يعتبر من باب مكافحة الفساد والتي تدخل ضمن الاجراءات التي تؤخذ بعد عملية حدوث الفساد او وقوعه اما عن موضوع الوقاية من الفساد ومنعه قبل حدوثه فانها تتمثل في موضوعين مهمين الاول يعود للمفاهيم السياسية السائدة في البلد والتي يجب ان تكون بموازات الهدف من وجود الساسة الا وهو خدمة المجتمع العراقي وما عليهم ان صحت نواياهم الا ان يكونوا بمستوى المسؤولية في بناء دولة المؤسسات تحت ضل القانون ولا شيئ فوق القانون والناس سواسية امام القانون, اما الموضوع الثاني فهو عملية تثقيف الناس وتوعيتهم عن ماهية النزاهة اهدافها وعلاقة ذلك بالاخلاق والدين والشرف والوجدان والتربية اذ ان النزاهة لا تأتي بالفطرة وانما بالتربية والرضاعة كما ترضع الام ولدها الحليب يجب ان ترضعه الاباء والانصاف, الا ان هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها الا وهي التربية المجتمعية وعليه فان الية هيئة النزاهة في تربية جيل محصن بثقافة النزاهة يستوجب تنشيط الاكاديمية العراقية لمكافحة الفساد والتابعة للهيئة عن طريق وضع خطة خمسية على الاقل موزعة على خطط سنوية ببرنامج تثقيفي معد من قبل مديرية الوقاية العامة مع اشراك خيرة قضاة واساتذة جامعات العراق وحتى الاستعانة بالجامعات الاجنبية التي لها باع طويل في ثقافة النزاهة لوضع البرنامج التوعوي التثقيفي لكل موظفي العراق, وقد أصبح بامكان الهيئة القيام بذلك لوجود البناية مع الاهتمام بتوسيعها خاصة بعد صدور نظام الاكاديمية العراقية لمكافحة الفساد رقم (3) لسنة 2015 المنشور بالوقائع العراقية العد – 4367 في 8/6/ 2015.

 

أقرأ أيضا