(داعش) يوزع جرائمه على العرب.. والدوافع مختلفة

بدا تنظيم “داعش” التكفيري في الآونة الأخيرة، وكأنه يتبع نظام توزيع عادل لجرائمه الوحشية وافعاله الارهابية على الدول العربية وسكانها دون تفريق بين قومياتهم ودياناتهم او حتى مذاهبهم، الا انه في حقيقة الامر له دوافعه الخفية وراء هذا التوزيع.  

وفي الوقت الذي راحت “دوابه” البشرية تنفذ تفجيرات انتحارية وتمارس مهامها الدموية في بلدان المغرب العربي كما في دول مشرقه، أصبح ضحايا هذا التنظيم المتطرف موزعين على المسلمين السُنة والشيعة وكذلك الأقليات الدينية والقومية التي يتشكل منها موزائيك المجتمع العربي من المحيط الى الخليج.  

أصدق مثال على وحشية “داعش” وتغوله في المنطقة العربية، هو الهجمات الانتحارية التي اخذت تتصاعد وتيرتها في المناطق الليبية وينفذها مرتزقته من المحليين والاجانب مستهدفين فيها مُعارضيهم الذين يجمعهم بهم مذهب ديني واحد.  

الاعمال الشنيعة التي يمتهنها عناصر التنظيم المتشدد في ليبيا وغيرها من بلدان شمال افريقيا، تشمل الى جانب العمليات الانتحارية، الذبح وتصفية العسكريين، واستهداف السفارات والمنشئات الحكومية والمصالح الغربية منها والعربية، الى جانب اختطاف الرعايا الاجانب وغيرها من الجرائم.  

الدافع لمثل هكذا ممارسات شنيعة، ناتج عن الصراع على السلطة فيما كان يعرف سابقا بـ”الجماهيرية” والمرشحة حاليا للتقسيم الى أربعة اجزاء او اكثر حسب الخلفيات الجغرافية والجهوية والقبائلية.  

وبحسب معلومات وتقارير واردة من هناك، فإن مدن الشرق الليبي وبعض الاجزاء الغربية من البلاد التي ظلت لعقود تحت حكم الديكتاتور الراحل معمر القذافي، تشكل مناطق التمدد الداعشي ومعاقله الرئيسة التي ينطلق منها عناصر التكفير والتشدد نحو اهدافهم المرسومة من جهات خارجية.   نفس الاسلوب الارهابي دأب اتباع التنظيم الاخطر في العالم، على ممارسته في السعودية التي تعتبر المغذي المالي والفكري للجماعات الاصولية المتشددة، حيث زادت الهجمات ضد المسلمن الشيعة الذين يقطنون المناطق الشرقية من المملكة الخليجية الغنية بالنفط. وهو ما زاد من مخاوف كثيرين في أن تقود هذه الاعمال الارهابية إلى زعزعة الاستقرار وتغذية العداء الطائفي بين السكان هناك.  

مطلع الشهر، نفذ إرهابي سعودي هجوما انتحاريا على مسجد الامام الحسين في مدينة الدمام شرق البلاد، بعد انفجار قنبلة داخل سيارته أودت بحياة ثلاثة أشخاص آخرين بينهم اثنان من المتطوعين الشيعة الشباب الذي كانوا يقومون بدوريات حراسة أمام المسجد.   الهجوم الارهابي هذا، كما التفجير الانتحاري الذي نفذه سعودي آخر بحزام ناسف وسبقه باسبوع، طال مصلين في حسينية بمحافظة القطيف ذات الغالبية الشيعية من السكان، تبنته عصابات “داعش” الاجرامية.

هذه الاستهدافات للمسلمين الشيعة ومؤسساتهم في المملكة الخليجية التي قابلها تصريح مستغرب ادلى به محمد بن نايف ولي العهد الذي يشغل أيضا منصب وزير الداخلية وقلل فيه من خطورة الوضع، ولدت مخاوف لدى سكان المنطقة الشرقية – ذات الغالبية الشيعية – التي تتميز بالغنى النفطي والفقر على المستوى الخدمي والمعيشي، قياسا الى بقية مناطق العربية السعودية.

ومع حتمية اختلاف الدافع “الداعشي” في السعودية، عن ذلك المنشود في ليبيا، الا ان الدافع المؤكد من وراء تلك العمليات الارهابية في المملكة الاكبر بين بلدان الخليج، لا يبتعد عن النهج الطائفي المقيت الذي يتبعه “مغول العصر” منذ ظهورهم وحتى الآن.  

حيدر نجم: صحفي مهتم بتغطية الشؤون العامة في العراق والسياسية تحديدا. عمل مراسلا، سابقا، لموقع “نقاش” التابع لمؤسسة (Mict) الألمانية، وعدد من الصحف العربية بينها جريدتا “الشرق الأوسط” السعودية، و”الراي” الكويتية. والآن يكتب تحليلات وقصص صحفية بشكل مستقل  

أقرأ أيضا