فتح الله كولن في بغداد

 

لم يكن بالحسبان لدى صانع القرار العراقي ان تكون الساحة العراقية المليئة بأجندات ومشاريع دولية، الساحة الاولى لتصفية الحسابات التركية الداخلية بعد محاولة الانقلاب التركي يوم 15 تموز 2016 والمتهم الاول فيها الداعية الاسلامي التركي فتح الله كولن، حسب ما تزعم الحكومة التركية.

 

للداعية التركي المقيم في منفاه الاختياري بولاية بنسلفانيا الأمريكية نفوذ كبير في تركيا وخارجها من مريدين وأنصار ومؤيدين لفكره الجامع بين السلفية والصوفية وتوجهاته القومية التركية المتشددة ولعينيه اللتين لا تعدّان العالم العربي وإيران المجال الحيوي لتركيا لعدم وجود أتراك فيها عكس القوقاز وجمهوريات آسيا الوسطى والبلقان، ولاعتقاده الوطني بان تكون لتركيا نفوذ قوي في وسط الاتراك بكل مكان في العالم ليكون هو ولي فقيهم الشرعي والسلطوي.

 

كل هؤلاء المؤيدين لـ”كولن”، هم أعضاء او قريبون من حركة “خدمة” التي أسسها ويدعي بانها مؤسسة خيرية اجتماعية، لكن يطلق عليها اليوم النظام التركي صفة “الكيان الموازي” أي انها تسعى تقويض الحكومة، وصنفها حديثا على لائحة الارهاب لدى انقرة.

 

للحركة مئات مدارس لتعليم الطلبة في تركيا وخارجها ومنها 6 مدارس في العراق وعشرات المدارس ومراكز تعليمية بكردستان العراق. ولم تكن الحكومة العراقية المنشغلة مع شركائها السياسيين، تعلم بوجود هذه المدارس على أرضها موزعة على الشكل التالي: واحدة في بغداد والبصرة والانبار ونينوى واثنان بكركوك مع رياض للاطفال.

 

كولن يسعى لعودة تركيا للعثمانية القديمة، وأن تكون أقوى امبراطوريات العالم ويكون هو ولي الحاكم الشرعي لها. ومساعي الداعية تتقاطع مع حلم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بارجاع سلطة الماضي ليكون السلطان للعالم الاسلامي، هذا هو سر العداء بين الطرفين الذي بدا منذ 2010، لتصل نار الطرفين المصنفين على الإسلاميين الجدد خارج حدود الجمهورية التركية ومنها على العراق.

 

الحكومة العراقية لا تعرف كيف تتصرف باستغلال الوضع التركي وتركيز اردوغان لانهاء أي نفوذ للداعية التركي في دول جوار بلاده او المنطقة باسرها لابعاد الخطر عنه بعدما اعتقل مناصريه وحجم دوره بتركيا بحجة محاولة الانقلاب.

 

ولا تخلو اي مناسبة او لقاء لاردوغان بعد محاولة الانقلاب، الا وذكر اسم “الكيان الموازي” ودعا حلفائه وأصدقائه وحتى الدول التي متوتر علاقته سياسيا معها لاغلاق مدارس كولن او مراكزه التعليمية والثقافية، ومنهم من استجاب لذلك كرئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني الحليف الاقتصادي للرئيس التركي في العراق.

 

دعوات الرئيس التركي لا تقف عنده دولة أو مكان وبالاخص للعراق المجاور لتركيا، لان كولن اصبح في عقله واينما وجد مكاناً او نفوذاً له سيهدده بشكل مباشر.

 

ولبغداد مشاكل مع انقرة لم تحل منذ سنين، وأبرزها وجود اكثر من قاعدة عسكرية لتركيا في محافظة دهوك باقليم كردستان او بمنطقة بعشيقة في محافظة نينوى المعروفة باسم معسكر “زليكان”.

 

وأيضا سد أليسو الواقع على نهر دجلة جنوب تركيا الذي لا يبعد عن الحدود العراقية 100 كلم، واستكمال السد يعني إنهاء دجلة بالعراق. هل يا ترى ستتغلب الدبلوماسية العراقية على تركيا من خلال تلبية مطلبها بانهاء ظل الداعية التركية ببغداد من خلال تواجد مدارسه ام ستستكمل انشغالها مع السياسيين العراقيين وتترك حل المشاكل الخارجية للقدر.

 

 

  • صحفي مختص بالشان التركي الكردي

 

أقرأ أيضا