ما هكذا تورد الإبل!!

بعد عرض السيد رئيس مجلس الوزراء خطته الإصلاحية نتيجة للضغط الجماهيري الذي عبرت عنه التظاهرات الشعبية في جميع أنحاء العراق، والتي شارك فيها جميع فئات المجتمع من طلاب ومثقفين وعمال وكسبة وفلاحين نساء ورجالا شيوخا وشبابا موظفين وعاطلين عن العمل، ظهرت ردود أفعال كثيرة من بعض الجهات المسؤولة في البلد، ومنها الكثير من سياسيي البلد وقادته، وكذلك ردود أفعال الوزراء والنواب وغيرهم. ولو حاولنا مراجعة الكثير من هذه الردود لوجدناها لا تصب في صالح عملية الإصلاح، وإنما على العكس ستعرقل العملية الإصلاحية.

تعالوا معا نطلع على بعض هذه الردود:

الكل يعلم عن دور الصناعة في اثراء الدخل القومي للبلد وتنويع مصادر هذا الدخل، مما يوجب على الوزارة ان تهب لتطوير العملية الصناعية في البلد وتذليل كل المعوقات التي تقف حجر عثرة في طريق نمو المشاريع الصناعية المنتشرة فيه، ومنها صناعة الاسمنت التي ما زالت تشكو من الإهمال وصناعة السكر التي تغنينا عن صرف العملة الصعبة لاستيرادها والصناعات النسيجية، خاصة في الناصرية والكوت وبغداد، التي لو أعيدت هيكليتها لسدت أكثر من 60% من الحاجة المحلية، وصناعة الزيوت النباتية، وكذلك صناعة الطابوق البدائية والفنية او الميكانيكية، وصناعة الإطارات، إضافة الى الصناعات الخفيفة وغيرها من الصناعات.

 

ولكن العجيب الغريب ان رد فعل السيد وزير الصناعة كان مؤلما ويعبر عن عدم اهتمام كادر الصناعة، ومنهم السيد الوزير، بمستقبل الاقتصاد العراقي، حيث كان عليه تشكيل لجنة فنية واستشارية موسعة يشترك فيها مستشارو الوزارة مع خبراء اتحاد الصناعات العراقي وخبراء النقابات العمالية مع خبراء من وزارة العلوم والتكنولوجيا وجامعة بغداد وكلية الهندسة وناشطي المجتمع المدني ليضعوا برنامجا ودراسة علمية لإعادة تطوير العملية الصناعية، وبدلا من ذلك نراه يقوم بتقليص المشاريع الصناعية الى النصف تقريبا من (76 مشروعا صناعيا) الى (32 مشروعا) وبشكل عشوائي.

 

وفي مشهد آخر، وعلى نفس المنوال، نرى ان السيد وزير النفط يصرح بان وزارته سوف تؤمن انتاج وتصدير كمية النفط التي قدرت في الميزانية للعام القادم، وكأنه اضاف شيئا جديدا للدخل القومي الذي أثقلت وزارة النفط ظهره، لا بل كسرته، في عقود المشاركة التي جعلت للمستثمر نسبة من النفط، اي أصبح المستثمر في عقد المشاركة له حصة من النفط العراقي، فبدلا من ان يقوم السيد الوزير بعملية التصحيح في العقود باتفاق جديد مع الشركات؛ نراه يبرقعنا بخبر نسبة الكمية المنتجة، وكأنه يبشرنا بافتتاح معمل جديد للبتروكيمياويات.

 

أما المشهد الثالث فمع السيد وزير الاعمار والاسكان الذي لم يتابع بناء ما يقارب 13 ألف وحدة سكنية وضعت في ميزانيات السنوات السابقة لجميع محافظات العراق، ويريد الآن البناء بالآجل ليزيد من ديون العراق التي بلغت حتى الآن ما يقارب 45 مليار دولار، علما أن وزارة الاعمار تقوم بمشاريع لصالح دوائر بعض الوزارات عن طريق المقاولات التي يمكن ان يقوم بها مقاولو القطاع الخاص، ولا ندري ان ما تربحه الوزارة من المقاولات هل أدخل في الميزانيات السنوية كمورد للدولة أم لا؟!

 

ان وزارة الاسكان تتحرك تحرك السلحفاة متناسية ان كادرها المقدر بـ24000 من الفنيين والمهندسين والإداريين والمدراء العامين وحماياتهم والعمال، والمجهز بآلاف الأجهزة من ترنبولات ولوريات وساحبات وسيارات خاصة وخباطات ورافعات، تكلف الدولة سنويا ملايين الدنانير بتصليحها ووقودها، بما لا يتناسب مع إنتاجيتها. فمن يوم التغيير لم يشاهد المواطن العادي شوارع أو أبنية أو مجاري مياه ثقيلة أو جسورا جديدة وفرتها له وزارة الاعمار، مع العلم أن لديها معملا للألواح الكونكريتية صرفت على إعادة إعماره الملايين دون إنتاج يذكر.

في اللقاء الجديد سنتحدث عن ردود أفعال جديدة مع التقدير.

 

أقرأ أيضا