إعفاء أمريكي جديد للعراق.. إيران أول المستفيدين

رغم أن العراق من أبرز الدول النفطية في الشرق الأوسط إلا أنه يعاني من عجز مزمن في الغاز الذي يستورد كميات كبيرة منه من إيران، أي بما يتراوح بين ثلث و40 بالمئة من احتياجاته من الطاقة، فيما يتم حرق الغاز المصاحب لاستخراج النفط الذي يمكن الاستفادة منه.

في الوقت الذي تخطط فيه الحكومة لجعل العراق مصدراً للغاز في غضون سنوات، كشف موقع “واشنطن فري بيكون” الأمريكي، اليوم الخميس، عن سماح ادارة الرئيس الامريكي جو بايدن بإعفاءات جديدة للعراق لدفع مبالغ شراء الغاز من إيران، مشيراً الى أن هذا الإجراء سيُمكِّن طهران من الحصول على أكثر من 10 مليارات دولار من الاموال التي كانت مجمدة بسبب العقوبات الامريكية.

وذكر التقرير،  أن “آلية الإعفاء من العقوبات التي تثير معارضة حادة من الحزب الجمهوري في الكونغرس، تسمح للعراق بتحويل مدفوعات مالية إلى إيران مقابل الكهرباء عبر دول ثالثة”.

ولفت إلى أن “الاعفاء الأخير من العقوبات جرى آخر مرة من جانب ادارة بايدن في تشرين الثاني/نوفمبر، وكان من المقرر أن تنتهي مدته في الشهر الحالي، مما وضع البيت الأبيض في موقف حرج بعدما أعربت مجموعة متزايدة من أعضاء الكونغرس من الحزب الجمهوري عن قلقهم بشأن تخطي العقوبات”.

ويستورد العراق بموجب اتفاق مع إيران نحو 50 مليون متر مكعب من الغاز يومياً عبر مجموعة من الأنابيب في شرق وجنوب البلاد، تم تشييدها لتجهيز محطات الكهرباء العراقية التي تعمل بالغاز.

وتابع التقرير، أن “الاعفاءات الاخيرة تسمح للعراق بتحويل الدينار الى عملة اليورو، ثم تحويل المدفوعات إلى حسابات للبنوك الإيرانية في سلطنة عمان”، مبينا أن “قادة السياسة الخارجية للجمهوريين في الكونغرس عبروا عن مخاوف فيما يتعلق بالاعفاءات في وقت سابق من الأسبوع الحالي، قائلين انه يجب الا يتم رفع العقوبات عن النظام الايراني في ظل دعمه لحركة حماس وغيرها من التنظيمات الارهابية التي تشن حربا على اسرائيل والمواقع الامريكية في المنطقة”.

ونقل التقرير عن وزارة الخارجية الامريكية تأكيدها أنه “من غير الممكن لإيران الوصول الى هذه الاموال الا في حال كانت تسعى الى تسديد أثمان السلع الانسانية مثل الغذاء والدواء، إلا أن منتقدي الإعفاءات يقولون ان الاموال يمكن ان تستخدم لاغراض اخرى، وان هذه الإعفاءات تسمح لإيران بالوصول الى الاموال لكي تستخدمها في تمويل عمليات ارهابها العالمي”.

ولفت التقرير الى ان “وزارة الخارجية الامريكية لم تؤكد احالة الاعفاءات الجديدة عن العقوبات الى الكونغرس، لكنها دافعت عن الإعفاءات السابقة، حيث قال متحدث باسم وزارة الخارجية انه “منذ العام 2018، فان الاعفاءات ظلت ضرورة مع قيام العراق بابعاد نفسه عن واردات الطاقة الايرانية، وهو ما لا يمكن أن يتحقق بين ليلة وضحاها”.

ونقل التقرير عن المتحدث الأمريكي قوله، إن “العراق يحقق تقدما في طريقه نحو الاكتفاء الذاتي من الطاقة من خلال زيادة الربط الإقليمي للكهرباء، واحتجاز الغاز الطبيعي، وتطوير موارد غاز محلية جديدة”، مشيرا الى ان “الاعفاءات تظل ضرورة مهمة من أجل ضمان حصول العراق على الكهرباء وقدرته على سداد ديونه لطهران”.

وبحسب المتحدث الامريكي فإنه “بموجب هذه الاعفاءات فانه “لم يتم السماح لاية اموال بدخول ايران”، مضيفا ان “اي فكرة بخلاف ذلك هي فكرة خاطئة ومضللة”.

وتابع قائلا، إن “هذه الأموال، المحتجزة في الخارج في دول ثالثة، “لا يمكن أن تستخدم سوى في معاملات شراء المواد الغذائية، والسلع الزراعية والادوية والاجهزة الطبية، وغيرها من المعاملات غير الخاضعة للعقوبات”.

ونقل التقرير عن المتحدث الأمريكي قوله، إن “هذه الاموال “تذهب مباشرة الى البائع الموثوق به او المؤسسة المالية في بلد آخر. الأموال لا تصل الى ايران ابدا”.

إلا أن التقرير قال، إن “الجمهوريين في الكونغرس يقولون ان استمرار استخدام نظام الإعفاءات من العقوبات، بامكانه ان يتيح لإيران ان تعيد استخدام الأموال بطريقة أخرى بعدما كانت مجبرة على إنفاقها على السلع الإنسانية الضرورية”.

وذكر التقرير أن النائب “بيل هويزنغا” وثلاثة من زملائه من الحزب الجمهوري في مجلس النواب كتبوا الى الرئيس بايدن في وقت سابق من الأسبوع الحالي قائلين: إنه “من خلال التنازل عن تطبيق العقوبات، تحافظ الإدارة على شريان حياة مالي للنظام الإيراني، حتى في ظل استمراره في دعم الجماعات الارهابية في أنحاء العالم كافة”.

وبحسب النواب الامريكيين الأربعة، فان لدى ايران “تاريخا من الكذب بشأن المعاملات الإنسانية، وما من سبب للاعتقاد بأنهم لن يحاولوا الالتفاف على هذه القيود مجددا”.

ويتابع النواب الأربعة في رسالتهم القول إن “هذه الأموال قابلة للاستبدال، وستؤدي الاعفاءات والتحويل اللاحق الى تحرير المليارات من الدولارات التي بامكان ايران الان ان تنفقها على وكلائها الارهابيين و أنشطتها النووية وجيشها”.

ونقل التقرير عن العضو السابق في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض ريتشارد غولدبرغ، الذي عمل على ملف إيران، قوله إن “النسخة الاخيرة من الاعفاءات مختلفة بشكل كبير عن الإعفاءات التي صدرت خلال ادارة الرئيس الاسبق دونالد ترامب، مشيرا الى ان نسخة بايدن تمنح ايران مساحة أكبر بكثير في كيفية استخدام الاموال.

وبحسب غولدبرغ، فإن “هذا ليس نفس الإعفاء المتعلق بواردات الكهرباء العراقية الذي تم إصداره منذ العام 2018″، مضيفا ان “هذا الاعفاء لتخفيف العقوبات على إيران، يتيح لها الوصول إلى الاموال واستخدامها لدعم الميزانية، بما في ذلك مدفوعات الديون ودعم الواردات”.

ونقل التقرير عن غولدبرغ قوله “حقيقة ان الادارة لن تبلغ الشعب الأمريكي حتى عن حجم الأموال التي حصلت عليها إيران خلال الأشهر الـ4 الماضية، اي الاموال التي دعمت مقتل 3 جنود أمريكيين والهجمات المتواصلة على سلاح البحرية الامريكية، يجب ان تدفع مجلس الشيوخ الامريكي الى ان يمرر على الفور مشروع قرار (قانون لا أموال للارهاب الايراني) وإرسالها إلى مكتب الرئيس بايدن” في إشارة إلى التشريع الذي سيمنع إيران من الوصول إلى الأموال المجمدة سابقا”.

واتفق العراق مع إيران على تمديد عقدين لشراء الغاز من طهران لمدة 5 سنوات، وفقًا لتصريحات نقلتها وكالة “مهر” عن وزير النفط الإيراني جواد أوجي.

وكان مستشار رئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، قدر في تشرين الثاني نوفمبر 2023، خسائر حرق الغاز واستيراده بـ12 مليار دولار سنويا، مؤكدا أنها تكلفة باهظة على الموارد النفطية وعلى موارد البلاد المالية.

ويقدّر الاحتياطي الطبيعي من الغاز العراقي بـ132 تريليون قدم مكعبة -حسب منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)- أُحرق 700 مليار قدم مكعبة منه نتيجة ضعف القدرة على استغلاله، مع بلوغ إنتاجه اليومي من الغاز الطبيعي المصاحب 2.7 مليار قدم مكعبة، ويستهدف وصوله إلى 3.1 مليارات قدم مكعبة، ويقدر بنسبة 1.5 من الاحتياطي العالمي من أوبك، و1.8 للاحتياط العالمي، ويحتل المرتبة 11 عالميا بالنسبة للترتيب الدولي.

إقرأ أيضا