السجون العراقية بين “الاكتظاظ” و”غياب الدور الإصلاحي”.. دعوات لتشريع قانون العقوبات البديلة

مع قلة التخصيصات المالية وتهالك البنية التحتية، فضلا عن نقص المؤسسات الإصلاحية، تبقى مسألة اكتظاظ السجون قائمة رغم محاولات الحكومات المتعاقبة لحلها، حيث تجاوزت الطاقة الاستيعابية للسجون في العراق الـ 300 بالمئة، في الوقت الذي ينفق فيه العراق 291 مليون دينار يوميا على الارهابيين المحكومين بالإعدام على مدى السنوات الخمس الماضية.

ومع وعود وزارة العدل بإنهاء أزمة اكتظاظ السجون بحلول عام 2026، أكد نائب رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الانسان في العراق المحامي حازم الرديني، اليوم السبت، أن السجون العراقية لا تؤدي دورها الإصلاحي بسبب الاكتظاظ، مبينا أن تشريع قانون العقوبات البديلة، ولجرائم محددة حصرا سيسهم في التقليل من الأزمة.

ويبلغ عدد السجون في عموم البلاد يبلغ 30 سجنا، تضم نحو 60 ألف سجين بين محكوم وموقوف بجرائم جنائية أو بقضايا “الإرهاب”، ومن بين السجناء 1500 امرأة و1500 سجين عربي، إضافة إلى سجن آخر فدرالي يعرف بسجن “سوسة” في محافظة السليمانية ضمن إقليم كردستان العراق المرتبط بوزارة العدل الاتحادية.

إذ قال الرديني في بيان تلقت “العالم الجديد” نسخة منه، إن “مسألة قلة السجون بالعراق والبالغ عددها 30 سجنا عدا اقليم كردستان، و اكتظاظها بالنزلاء يحول دون تأدية الدور الاصلاحي أثناء تأدية فترة المحكومية.

وأضاف أن “الإقليم فيه سجن اتحادي واحد فقط وهو “سوسة” و يضم أكثر من ستين الف محكوم وموقوف، وهو يمثل ثلاثة أضعاف الطاقة الاستيعابية المحددة لها، وبالتالي هي لا يمكن أن تؤدي دورها الإصلاحي في ظل هذا الاكتظاظ”.

وتابع أن “هناك حلول بديلة لجأت لها اغلب دول العالم لحل أزمة اكتظاظ السجون، وهو تشريع قانون العقوبات البديلة، و لجرائم محددة حصرا، وعادة التي تكون عقوبتها الحبس لخمس سنوات واقل، وعادة ماتكون دفع مبلغ نقدي عن كل يوم من مدة الحكم أو تكليفهم بالعمل بالمؤسسات الحكومية الخدمية كدور المسنين أو دوائر البلدية، وبالتالي الاستفادة من الجهود البشرية المعطلة للمحكومين الذي ليس هناك خوف من اعادة دمجهم بالمجتمع والعودة لأسرهم وايضا تقليل النفقات الحكومية عليها وبشروط محددة كأن يكون محكوم لأول مرة، وليست لديه قيود سابقة وتنازل المدعين بالحق الشخصي، وتطبيقه على من ينفذ ربع مدة المحكومية بالنسبة لجرائم الجنح، ونصف المحكومية بالنسبة لجرائم الجنايات”.

وطالب الرديني الحكومة بـ”تشكيل لجنة مشتركة من وزارة العدل والداخلية والعمل وممثل عن مجلس القضاء الأعلى والمجتمع المدني لإعداد مسودة القانون وخلال فترة محددة والاستفادة من تجارب الدول التي طبقت هذا القانون وإرساله لمجلس النواب لإقراره”.

وكان وزير العدل خالد شواني اعلن في 4 أبريل نيسان الجاري، عن إفراغ مدينة الكاظميَّة بشكل تام من السجون، مؤكدا أن اكتظاظ السجون سينتهي بحلول عام 2026.

وما من إحصائية رسمية عن عدد السجناء في العراق، لكن أرقاماً متضاربة تؤكد أنها تقارب المائة ألف سجين يتوزعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، بالإضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي، وسط استمرار الحديث عن سجون سرية غير معلنة تنتشر في البلاد وتضم آلاف المعتقلين، وفق مراقبين.

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد دعا في العام 2023 ضحايا عمليات التعذيب في السجون والمراكز الأمنية إلى رفع شكاوى معززة بالأدلة، وخصص بريداً إلكترونياً لاستلام الشكاوى.

وكان المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب قد كشف في تقرير له، نهاية العام الماضي، وفاة نحو 50 معتقلاً نتيجة “عمليات التعذيب والإهمال الطبي في السجون التابعة لحكومة بغداد”، مبينا أنّه ما بين يناير كانون الثاني الماضي وأغسطس آب الماضي توفّي 49 معتقلاً، 39 منهم في سجن الناصرية المركزي، وثمانية في سجن التاجي (شمالي بغداد)، بالإضافة إلى توثيق حالة انتحار في مراكز شرطة إجرام الموصل في محافظة نينوى (شمال)، ووفاة واحدة في مركز تابع لمكافحة الإجرام في العاصمة بغداد.

وتعاني السجون العراقية من إهمال كبير ومن غياب للدور الرقابي المنوط بالجهات الحكومية وكذلك تلك المسؤولة عن حقوق الإنسان، في وقت يجري الحديث عن سيطرة بعض الجهات السياسية على السجون.

وفي تموز يوليو 2023، اقرت وزارة العدل العراقية بانتشار أمراض في السجون، بسبب الاكتظاظ الكبير فيها، مبينة أنها تسعى إلى التنسيق مع وزارة الصحة لمتابعة أوضاع السجناء الصحية، وسط دعوات لإيجاد حلول للواقع المؤلم في داخل السجون.

إقرأ أيضا