«العالم الجديد» تفتح ملف المجمعات السكنية قرب مطار بغداد.. هل تتم إزالتها؟  

مثلت أزمة السكن، المشكلة الأساسية لجميع العراقيين نتيجة لغلاء أسعار العقارات خاصة في العاصمة بغداد، حيث بلغ سعر المتر الواحد ببعض المدن أكثر من سبعة ملايين دينار (5000 دولار) وهذا ما دفع الحكومات المتعاقبة للبحث عن حلول لهذه المعضلة، وتوجهت نحو إنشاء مجمعات سكنية في بادئ الأمر بأطراف بغداد، إلا أنها سرعان ما تحولت لمشاريع استثمارية وتجارية وسط العاصمة، ودخلت أطراف متنفذة على هذا الخط لتستحوذ على مساحات شاسعة داخل بغداد وتحويلها إلى مجمعات بأسعار قد تكون أعلى من أسعار العقارات الأخرى بالعاصمة.

وتنتشر تلك المجمعات داخل العاصمة، وبالتحديد في مناطق: العلاوي (أمام متنزه الزوراء)، والبياع، وشارع مطار المثنى، والسيدية، والكاظمية، وحي العدل، وسريع محمد القاسم، حيث تباع شققها بأسعار باهظة تتراوح في المتوسط بين 100 ألف دولار و400 ألف دولار.

وفي وقت سابق خاطبت سلطة الطيران المدني بكتاب رسمي حصلت عليه “العالم الجديد” هيئة الاستثمار الوطنية من أجل الحد من هذه المجمعات على اعتبار أن بعضها مخالف للضوابط، خاصة تلك التي شيدت بالقرب من مطار بغداد الدولي والتي قد تتسبب بمشاكل عديدة وتعيق حركة الإقلاع والهبوط من مدارج المطار، إلا أن الشركات المتنفذة لم تصغ لتلك المخاطبات واستمرت بإكمال بناء المدن السكنية.

وعن هذا الأمر، يقول مصدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الكتب التي وردت لهيئة الاستثمار الوطنية من سلطة الطيران المدني نصت على وقف أعمال البناء، أو تخفيض عدد الطوابق، إلا أن أعمال البناء استمرت دون توقف أو التزام بالتعليمات الحكومية”.

ويضيف “قامت هذه الشركات بإعطاء طوابق بأكملها لشخصيات متنفذة من أجل التدخل ووقف الكتب الصادرة من سلطة الطيران المدني ضدها، كما أن هيئة الاستثمار هي الأخرى منحت إجازات استثمار مخالفة للضوابط والشروط ودون تدقيق أو الرجوع لإدارة مطار بغداد”.

وبحسب متابعة “العالم الجديد”، فإن أغلب المجمعات تشترط دفع الراغب بالحصول على وحدة سكنية في هذه المجمعات، دفعة مالية مقدمة عند تقديمه طلب الشراء وعادة ما تتراوح بين 20 – 25 ألف دولار، وبعد ثلاثة أشهر عليه تسديد الدفعة الثانية بنفس المبلغ، وعند استلام الشقة يسلم الشخص الدفعة الثالثة، وبعد ذلك يستمر بدفع أقساط شهرية تستمر على مدى 15 عاماً، بحسب سعر الشقة.

إلى ذلك، يوضح عضو مجلس النواب عارف الحمامي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الفوضى التي حصلت في عهد الحكومة السابقة أباحت كل المحظورات، وإلا من غير المعقول أن يتم بناء شقق سكنية بالقرب من مطار دولي”.

ويشير إلى أن “السيطرة فقدت بشكل تام على هذا الملف، وحصلت مخالفات قانونية واضحة من حيث مواقع هذه المجمعات السكنية أو شروط تنفيذها وغير ذلك من الأمور الفنية”.

يشار إلى أن العراق يفتقر لقوانين تنظم بيع وشراء وإيجار العقارات، على عكس دول المنطقة التي تنظم هذه العملية بقانون، وتحدد سعر الارتفاع سنويا، كما تضمن حقوق طرفي العقد في الإيجارات، وتحدد القيمة وفق ما تراه الدولة متوازيا مع طبيعة الأجور والوضع الاقتصادي العام.

بدوره يؤكد خبير الطيران فارس الجواري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك مادة قانونية يطلق عليها بالارتفاق الجوي وهو مشرع ومفروض دوليا حسب قانون منظمة الطيران المدني العالمية (إيكو) ومصادق ومعمول بموجبه حسب قانون سلطة الطيران المدني العراقي 148 لسنة 1974 في المواد 22-27 منه”.

وينوه إلى أن “هذا القانون يشير صراحة على تعليمات تشييد البنايات في الحدود القريبة من المطارات حيث هناك مساحات حول حرم المطار تعتبر محظورة وفق هذا القانون، لأنها تتعارض مع المتطلبات التشغيلية للمطار في استقباله وترحيله للطائرات وهي أساسية بل خط أحمر في عدم التجاوز على عمليات الطيران داخل المطار”.

ويكمل الجواري “هناك حالات هبوط اضطراري تحصل بعض الطائرات بسبب عارض فني أو غيره، ويستوجب حينئذ أن تكون هناك فضاءات شاسعة حول المطارات تسمح بالهبوط الاضطراري دون وقوع خطر على الساكنين قرب المطار، فضلا عن أن هناك أجهزة اتصالات لاسلكية خاصة بالمراقبين الجويين لتأمين التواصل مع الطيارين في الطائرات الهابطة أو التي تقلع دون أن يكون هناك تشويش أو عائق يمنع التواصل مع تلك الطائرات”.

ويلفت إلى “وجود مشاريع خارج ضوابط قانون الارتفاق الجوي وفيها مخالفة صريحة وعمليات منع أو إزالة تلك البنايات ستكون خطوة باتجاه تصحيح مسار عمل المطارات”.

وكان الجهاز المركزي للإحصاء، قد أعلن مطلع العام الحالي، أنه من المتوقع أن يبلغ عدد سكان العاصمة بغداد تسعة ملايين نسمة، يعيشون بمساحة إجمالية تبلغ 4555 كيلومترا مربعا، فيما بين أن الكثافة السكانية تبلغ نحو 2000 شخص لكل كيلومتر مربع واحد.

وعن إزالة تلك المجمعات، يشرح الخبير القانوني علي التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المواد 487 – 493 من قانون العقوبات عاقبت بالحبس والغرامات على التجاوز على الممتلكات والأموال العامة، كما عاقبت فقرات أخرى ضمن القانون بالغرامات وحجز وغلق على المتجاوزين، سواء كان التجاوز على هيئة مجمعات سكنية أو منازل منفردة”.

وينبه إلى أنه “يبقى التطبيق الذي يجب أن يراعي أولا الحالات الإنسانية وأن يؤجل ويمهل بعض الحالات الأخرى وأن يبدأ بالممتلكات المستولى عليها من الأحزاب والشخصيات السياسية، وهذا الملف مهم ويحتاج إلى الحكمة والتروي والتمهيد”.

وكان مصدر مطلع قد كشف لـ”العالم الجديد”، في 9 نيسان أبريل 2022، عن أن قرارا صدر بمنح أرض المطار العسكري المجاورة لمطار بغداد الدولي للاستثمار، على الرغم من كل ما واجهه المشروع من اعتراضات جمة، وصلت حد اتهام القائمين عليه بالتغيير الديموغرافي، وفيما تعهد نواب، باستجواب رئيسة هيئة الاستثمار سهى النجار، وأكدوا أن العاصمة ستخلو من مطارها العسكري إلى الأبد. ووفقا للمصدر فإن مشروع استثمار الأراضي المحيطة بمطار بغداد الدولي، يعود إلى العام 2019، حيث كان من المفترض أن ينفذ في ذلك الوقت، لكنه أثار جدلا في حينها، ما أدى إلى توقفه.

إقرأ أيضا