بين «أزمة السكن» و«زيادة النسل».. العراق يضع سياسات لاستيعاب الزيادة السكانية

في بلد يزداد سكانه بشكل “متعاظم”، رغم تدني الخدمات وتراكم الأزمات الاقتصادية، وافتقار البلاد إلى القوانين التي تنظم بيع و إيجار العقارات السكنية، بات من الضروري إيجاد حل لهذه الزيادة التي بدأت تخرج عن الطبيعي.

فبعد وزارة الصحة، الإثنين الماضي، عن تسجيل أكثر من مليون و47 الف ولادة خلال العام الماضي 2023، كشفت وزارة التخطيط، اليوم الأربعاء، وضعها سياسات سكانية بعيدة المدى لتحقيق التوازن بين زيادة السكان والموارد الاقتصادية المتاحة.

ويشهد العراق ارتفاعا كبيرا في نفوسه، حيث تخطت 43 مليون نسمة، بحسب آخر إحصائية لوزارة التخطيط، بعد أن كانت نفوسه 35 مليونا في العام 2015.

إذ قال المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “زيادة أعداد السكان ستكون لها تداعيات إذا لم تواكبها سياسات تستوعبها”.

وأضاف إن “الزيادة السكانية في العراق ما زالت عالية على الرغم من التراجع الذي شهدته نسب النمو السكاني، إذ أننا نتحدث عن نسبة زيادة سنوية تصل إلى 2.5% سنوياً بأكثر من مليون ولادة سنوية ما أوصل عدد سكان إلى أكثر من 43 مليون نسمة”.

وأضاف الهنداوي أن “هكذا زيادة من الممكن أن تنتج عنها نسب فقر وبطالة ومشكلة خدمات، لذلك فإن وزارة التخطيط وضعت سياسات سكانية بعيدة المدى تستهدف تحقيق التوازن بين الزيادات السكانية والموارد الاقتصادية والتربوية المتاحة، سواء كانت على مستوى الغذاء أو على مستوى الخدمات أو على مستوى العمل وغيرها من السياسات، وتتضمن 10 محاور أساسية في كل محاور مجموعة من الأهداف والسياسات”.

وتابع أن “المحاور هي الطفولة والطفولة المبكرة، والصحة، والصحة الإنجابية، وتنظيم الأسرة، والشباب وتمكينهم، وتمكين المرأة وضمان حقوقها، والإسكان وحل أزمة السكن في العراق، ومواجهة التحديات المناخية والتغيرات المناخية وتقليل آثارها على المجتمع، والفئات الهشة في المجتمع مثل كبار السن والمعاقين الذين لهم أولوية، ومحور أخير يرتبط بمعالجة أسباب الهجرة الداخلية والخارجية”.

ونوه الهنداوي بأن “هذه المحاور تحولت إلى سياسات تحقق أهداف بكل محور، فمثلاً فيما يخص الطفولة نتحدث عن الطفولة وما يرتبط بها من متطلبات الحياة والتعليم والصحة والعيش الأفضل والأمن الغذائي وهذه ترتبط في هذا المحور، وكذلك في جانب الصحة نتحدث عن تحويل برامج بناء مستشفيات وزيادة عدد الأسرة تطوير الكوادر وتوفير متطلبات الصحة بكل تفاصيلها وهكذا الحال ينسحب على السكن والبناء، والعراق يشهد حالياً حراكاً واسعا لبناء مدن سكنية ويأتي تنفيذاً لهذه السياسات”.

وتشير توقعات وزارة التخطيط، المنشورة على موقعها الإلكتروني إلى أن نفوس البلد ستصل إلى 51 مليونا بحلول العام 2030، إذ كانت الوزارة قد أعلنت أيضا أن العام 2020 شهد تسجيل مليون و258 ألفا و28 ولادة.

وتأتي هذه الزيادة السكانية بالتزامن مع أزمات عديدة يعاني منها البلد، أبرزها البطالة والفقر وارتفاع أسعار المواد الغذائية، فضلا عن موازنات لم تتضمن أي تخصيصات لوظائف جديدة، بالإضافة إلى تردي البنى التحتية.

وكانت الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم أكدت في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “الزيادة غير المحسوبة أو غير المدروسة في السكان، تؤدي الى عملية تكالب على الموارد، وبالتالي فان الفجوة الحاصلة بين زيادة حجم السكان وقلة الموارد ستكون كبيرة، وكلما كبرت هذه الفجوة كلما زادت الصراعات داخل المجتمع وليس التنافس على الوظائف فقط، وفي النتيجة ستستمر الفوضى التي يعيشها مجتمعنا”.

وكانت الحكومة العراقية، قد أقرّت في وقت سابق بصعوبة إمكانية إصدار قانون يحدد الإنجاب في ظل زيادات كبيرة في النمو السكاني خلال السنوات الأخيرة، بعد محاولات بذلتها للتثقيف نحو ذلك.

ويثير النمو الكبير بالنسب السكانية في البلاد مخاوف مختصين في الشأن المجتمعي، من تأثيرات سلبية، لا سيما مع عدم وجود خطط تواكب هذه الزيادات في الأعداد.

ومنذ سنوات قليلة، بدأت تنتشر في بغداد ظاهرة بناء المجمعات السكنية، في ظل أزمة سكن حادة تضرب البلاد منذ سنوات طويلة، فبحسب إعلان سابق لوزارة التخطيط، يحتاج العراق الى 3 ملايين وحدة سكنية لفك الأزمة.

وتنتشر تلك المجمعات داخل العاصمة، وبالتحديد في مناطق: العلاوي (أمام متنزه الزوراء)، والبياع، وشارع مطار المثنى، والسيدية، والكاظمية، وحي العدل، وسريع محمد القاسم، بالإضافة الى بسماية، حيث تباع شققها بأسعار باهظة، تتراوح في المتوسط بين 100 ألف دولار و400 ألف دولار.

يشار إلى أن العراق ومنذ نحو 15 عاماً يقّر سنوياً موازنات ضخمة اعتماداً على ارتفاع أسعار النفط الخام الذي يشكّل ما لا يقل عن 95 بالمئة من إيرادات البلاد، غير أن هذه الأموال لم يتم استثمارها في إيجاد موارد اقتصادية غير نفطية تسهم بتعزيز رصيد خزينة الدولة وتوفر فرص عمل لملايين الخريجين والشباب العاطلين عن العمل، كما لم يتم توظيفها لتجديد البنى التحتية المتهالكة لتلبية احتياجات المواطنين واستيعاب الزيادة السكانية.

إقرأ أيضا