شلل الحياة يهدد السليمانية مجددا.. بغداد ترسل الأموال وأربيل: لدينا عجز

عادت حركة الإضرابات والتظاهرات في مدينة السليمانية مجددا، بعد أن أعلنت مجموعة من الدوائر عن مقاطعة الدوام والعمل، نتيجة لعدم قيام حكومة إقليم كردستان بصرف رواتب الموظفين، على الرغم من إرسال بغداد الأموال إلى أربيل لصرف رواتب الأشهر المتأخرة.

وقامت دوائر تقاعد البيشمركة، والتقاعد العامة، والرعاية الاجتماعية، والتسجيل العقاري، وكاتب العدل، والمرور، والكهرباء، وعدد من المستشفيات والمدارس بالإضراب عن الدوام مجددا، احتجاجا على تأخير رواتبهم.

ويقول عضو لجنة الاحتجاجات في السليمانية أوميد صالح، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الإضراب سيستمر لحين قيام حكومة الإقليم بالإيفاء بالتزامها تجاه موظفيها، بعدما قامت الحكومة الاتحادية بإرسال الرواتب”.

ويضيف صالح، أن “عدم توزيع الرواتب بالرغم من إرسال المبالغ من قبل وزارة المالية الاتحادية، ووجود قرار من المحكمة الاتحادية العليا، يعد تحديا صريحا وواضحا وتجاوزا على كل القيم، رغم أننا في شهر رمضان، وعلى أبواب عيد نوروز”.

ويؤكد أن “الحياة في السليمانية مصابة بالشلل التام نتيجة الأزمة المالية وعدم وجود السيولة، وعدم إيفاء الحكومة بالتزامها، ويوم غد سيزيد عدد الدوائر المضربة عن الدوام، وسيصل الأمر إلى المستشفيات الرئيسة، وقد يتحول الإضراب إلى تظاهرات واعتصام مفتوح”.

ومنذ بدء العالم الدراسي الجديد في شهر أيلول سبتمبر 2023 في إقليم كردستان، أعلن الآلاف من المعلمين والمدرسين والمحاضرين المجانيين في السليمانية امتناعهم عن الدوام بسبب عدم صرف رواتبهم لعدة أشهر من قبل حكومة الإقليم على الرغم من إرسال بغداد دفعات مالية تراوحت بين 600 إلى 700 مليار دينار كل ثلاثة أشهر لأربيل من أجل صرف رواتب الموظفين.

وطوال الأشهر الماضية، انضمت العديد من إدارات المدارس في إدارتي رابرين وكرميان إلى اعتصام معلمي السليمانية، إلى جانب العديد من الدوائر في وزارات ومؤسسات الدولة الأخرى.

بدوره، يؤكد النائب السابق في اللجنة المالية النيابية أحمد الحاج رشيد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “لدى حكومة إقليم كردستان إيرادات من المنافذ الحدودية تبلغ 320 مليار دينار، ومن الضرائب وهي بحدود 74 مليار دينار شهريا، فضلا عن مساعدات مالية من التحالف الدولي تقدم إلى قوات البيشمركة تبلغ 24 مليار دينار”.

ويشير الحاج رشيد، إلى أن “حكومة الإقليم وأحزاب السلطة مستمرة بعملية بيع النفط عن طريق الصهاريج وبأسعار أقل من السوق العالمية، ويوميا تخرج مئات الصهاريج ويباع النفط إلى الشركات التركية، وبالتالي لا أحد يعلم شيئا عن هذه الإيرادات وأين تذهب”.

ويوضح أن “الحكومة الاتحادية لم ترسل المبالغ المالية الكاملة لرواتب الموظفين في كردستان، لأن وزارة المالية في حكومة الإقليم لم ترسل قوائم وبيانات البيشمركة والأجهزة الأمنية وجهاز مكافحة الإرهاب وزانياري والأجهزة الاستخبارية، وذلك بسبب الآلاف من الفضائيين الموجودين في هذه القوائم، كون أحزاب السلطة لديها الآلاف من الأسماء الوهمية في الأجهزة العسكرية والأمنية، وبالتالي حكومة الإقليم امتنعت عن إرسال القوائم، خشية كشف أمرها”.

يشار إلى أن وزارة المالية الاتحادية، كشفت في وقت سابق، على وجود أسماء مكررة في قوائم الموظفين والعسكريين والمشمولين بشبكة الحماية الاجتماعية التي أرسلتها حكومة الإقليم إلى بغداد، إلى جانب تسجيل أسماء رجال تحت عنوان “نساء مطلقات” في شبكة الحماية الاجتماعية، كما تم الكشف عن الآلاف من الأسماء “الوهمية” بحسب تصريحات لمسؤولين حكوميين ونواب في في مجلس النواب الاتحادي وكذلك من إقليم كردستان.

من جانبه، يعزو عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، إدريس شعبان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أسباب عدم صرف رواتب الموظفين في الإقليم حتى الآن، إلى أن “بغداد أرسلت 598 مليار دينار (نحو 400 مليون دولار) فقط، وهي رواتب المدنيين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية، في حين أن المبلغ الكلي لرواتب الموظفين هو 949 مليار دينار”.

ويردف، أن “هناك نقصا بمعدل 41 بالمئة لم ترسلها الحكومة الاتحادية، وهي رواتب البيشمركة وباقي صنوف الأجهزة الأمنية الأخرى، وإذا صرفنا مبلغ إيرادات المنافذ الحدودية البالغ 320 مليار دينار على الرواتب، فسيكون لدينا نقص بحدود 30 مليار دينار”.

ويشير شعبان إلى أن “حكومة الإقليم لديها التزامات أخرى لن تستطيع الإيفاء بها، مثل الخدمات الصحية والمشاريع الخدمية والماء والكهرباء وتفاصيل أخرى تهم المواطن، وهذه تحتاج إلى مخصصات كبيرة، وبالتالي سيكون لدينا خلل ومشكلة كبيرة”.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد أصدرت في 21 شباط فبراير الماضي، قرارا يلزم كلا من رئيس مجلس الوزراء الاتحادي محمد شياع السوداني، ورئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، بتوطين رواتب الموظفين والعاملين في القطاع العام لدى المصارف الاتحادية خارج الإقليم.

وقررت المحكمة أيضا الإلزام بتقديم الموازنة الشهرية لموظفي الإقليم لدى وزارة المالية الاتحادية، مع إلزام مجلس وزراء الإقليم بتسليم جميع الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى الحكومة الاتحادية.

إلى ذلك، يرى عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، حسن آلي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحل الأمثل لمشكلة الرواتب، هو استمرار إرسال المبالغ من بغداد في الوقت الحالي، لحين اكتمال مشروع التوطين بشكل كامل”.

وينبه آلي، إلى أن “توطين الرواتب، هو عملية صعبة ومعقدة، تحتاج إلى نحو ستة أشهر حتى يتم إنجازها، لأنه يجب أولا فتح فروع للمصارف الاتحادية في محافظات الإقليم، وبعدها يتم المباشرة بإجراءات التوطين”.

ويلفت إلى أن “المواطن الكردي يعيش وضعا مأساويا، وبالتالي على بغداد وأربيل، الوصول لصيغة مشتركة تضمن دفع الرواتب، لحين اكتمال مشروع التوطين، وعلى حكومة الإقليم الإيفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها”.

وتعد مشكلة تأخر صرف رواتب موظفي إقليم كردستان من بين الملفات العالقة بين بغداد وأربيل، إلى جانب المشاكل الأخرى المتعلقة بصادرات نفط الإقليم وإيرادات الكمارك والضرائب التي لت تتحصل على شيء منها الحكومة الاتحادية.

يشار إلى أن وزارة المالية الاتحادية اتخذت جملة من الإجراءات لتنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العليا المتعلق برواتب موظفي الإقليم والمتقاعدين المدنيين والعسكريين والشهداء والمؤنفلين والعقود ومستفيدي شبكة الحماية الاجتماعية، حيث قامت بإيداع مبلغ تمويل رواتب المعاقين في مديريات شبكة الحماية الاجتماعية ورعاية والتنمية الاجتماعية، والمتقاعدين المدنيين والعسكريين، وشؤون الشهداء والمؤنفلين والعقود، في إقليم كردستان لشهر شباط فبراير الماضي، فيما رهنت صرف رواتب شهر آذار مارس الجاري بالتوطين.

إقرأ أيضا