مواهب تصارع للبقاء.. تجمع ثقافي لإنقاذ المثنى من الانحدار للهاوية (صور)

ضمن المساعي الجادة لإبراز الوجه الآخر لمحافظة المثنى (نحو 388 كلم جنوب بغداد) يحاول “تجمع ساوة الثقافي” عكس صورة صدارة محافظتهم لمعدلات الفقر والبطالة، عبر إبراز مهاراتهم ومواهبهم ضمن رسالة للعراق والمنطقة بوجود طبقة مثقفة تتسلح بالأحلام وتتطلع لاحتضانها عبر فعالياتها الاسبوعية الجاذبة لمختلف فئات المجتمع.

ويقول أحد المؤسسين الأوائل لتجمع ساوة الثقافي، أحمد الياسمين، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “فكرة تأسيس التجمع جاءت بعد النجاح الكبير الذي حققه افتتاح مكتبة الياسمين في شارع السينما عام 2017، حيث ارتادها الكثير من المثقفين والأدباء، ليتم بعدها تبادل الأفكار حول إنشاء شارع ثقافي يضم مجموعة مكتبات ورسامين، اضافة لمهارات الأعمال اليدوية بمكان وزمان محددين”.

ويضيف الياسمين، أن “الفكرة بعد تبلورها تم جمع أسماء الراغبين بالمشاركة في الشارع الثقافي، فجرى ضم مجموعة أصدقاء من مكتبات متعددة تعمل بطرق إلكترونية لتمثل فرصة لها في الواقع بهذا الشارع”، مشيرا إلى أنه “تلى ذلك اجتماع لاختيار اسم الشارع والتجمع الثقافي الذي سيحصل وتشكيل لجنة تنظيمية، حيث تم الترويج لذلك عبر الصفحات الشخصية على الفيسبوك الخاصة بالاشخاص المجتمعين”.

أما عن اختيار اسم التجمع، يوضح الياسمين، أن “جميع الشوارع الثقافية في المحافظات الأخرى التي سبقتنا لها اسم معروف، مثل  المتنبي في بغداد، والفراهيدي في البصرة، وميسان الثقافي في ميسان، لكن في المثنى فقد جاء الاسم كمقترح من أحد الحاضرين وهو الأكاديمي عزيز الموسوي، ليختار اسم شارع ساوة الثقافي لهذا التجمع لدلالته على وجود بحيرة المياه الشهيرة”.

وتشهد محافظة المثنى تفاعلا كبيرا للنشاطات والفعاليات الثقافية خلال السنوات الاخيرة نتيجة لافتتاح قاعة المكتبة المركزية، فضلا عن تجدد الأمسيات للمثقفين والكتاب ومختلف الفئات الأخرى كالرسامين والعازفين، وليس ذلك بالبعيد عما سبقه من افتتاح أول متحف حضاري ضم 750 قطعة أثرية أصلية لحقب تاريخية مختلفة.

من جهته، يبين عضو التجمع خالد نعيم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “النشاط الثقافي بدأ عام 2018 بهذا التجمع وعدد المشاركين في فعاليات تجمع ساوة مساء كل يوم جمعة من المواهب والفنانين يتراوح بين 20 إلى 30 شخصا، بين رسام يعرض لوحاته وبائع كتب وعارض للاعمال اليدوية”.

ويوضح نعيم، أن “ما يتم عرضه هي لوحات مرسومة بأقلام الرصاص أو لوحات زيتية يتراوح عددها بين 15 إلى 50 لوحة كحد أعلى عندما تقام معارض مشتركة”.

يشار إلى أن محافظة المثنى تعاني من زيادة كبيرة في مستوى البطالة، إضافة لتفردها بأكبر نسبة لمعدلات الفقر على مستوى العراق، وفقا للتقارير الحكومية الرسمية، فيما تفتقر للمشاريع والبنى التحتية المهمة التي يمكن أن تعزز من النشاطات الثقافية في السنوات القليلة الماضية أو الوقت الحاضر مما يجعلها محافظة بمساحة كبيرة هي الثانية في البلاد لكن دون استثمارها بالشكل الأمثل.

وبالعودة للياسمين، فإنه يوضح بشأن الأعمال اليدوية: “هي متنوعة جدا، بين فواصل الكتب إلى لوحات الحرق على الخشب ولوحات الطرق على المعادن، وهي متغيرة العدد والأنواع بحسب من يحضر من المشتغلين في هذا النوع من الفن”.

وعبر عن تطلع التجمع إلى أن “يتحقق ويستمر هذا التلاقح الفكري بين التخصصات وبين الفئات العمرية في ظروف افضل، وبما يتناسب مع كل تخصص وعمل إبداعي”، مؤكدا أهمية “الالتفات الحكومي لتوفير الدعم  للرسامين واصحاب المكتبات وصناع الاعمال اليدوية “.

ويؤكد أن “تجمع ساوة يتطلع إلى التأثير في بيئته بشكل أكبر للارتقاء بالمجتمع وعكس هوية خاصة لهذه البيئة، منطلقة من العمق التاريخي الكبير، وما يحمله من إرث حضاري ربما لا يدانيه مجتمعات أخرى”.

يذكر أن محافظة المثنى وآثارها العريقة بمدينة الوركاء شاهدة على ولادة الحرف الأول الذي انطلق للبشرية في جميع بقاع الأرض قبل أكثر من 4 آلاف سنة قبل الميلاد، كما تضم معبد الآلهة عشتار الأثري، ومعبد آنو الأثري والذي يعني بيت السماء، وهو من أقدم المعابد في العالم. 

من جانبها، ترى الرسامة وعضو نقابة الفنانين العراقيين في المثنى، زينب الجبوري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تجمع ساوة الثقافي هو من أفضل التجمعات في المحافظة، كونه ينقل واقع الفن كما هو على طبيعته من دون زيف أو منافسات سيئة”.

ويتابع أن “التجمع جميل وأقيم بجهود الفنانين من خلال نقلهم لواقع المجتمع السماوي من خلال لوحاتهم الفنية وأعمالهم اليدوية”، مضيفة أن “من أبرز فعاليات التجمع عدم وجود صوت أعلى من صوت الفن، فقد تحمل اللوحة صراخا صامتا، لكنه يعلو إلى آفاق السماء مطالبا بحق معين أو مشيرا إلى واقع مؤلم أو يصور أبتسامة بريئة لطفل صغير تمتزج في ملامح وجهه دمعة الحرمان مع بسمة الأمل، بالإضافة إلى بقية الأعمال الفنية من نحت وكتب واعمال يدوية للسيدات”.

وتوضح أن “الإقبال أكثر من رائع ويؤكد أن المجتمع ما زال يبحث عن الفن والمعرفة وعن الثقافة والعلم والتطور عن الثقافة والحياة بفطرتها وجمالها بعيداً عن ضجيج الحياة”، مشيرة الى أن “الصورة التي تعكسها هذا التجمعات هي حلم لغد افضل بواقع المثنى  بوجود اجيال تهتم بكل ماهو جميل ومفيد”.

وتدعو عضو نقابة الفنانين، “الجهات المعنية الإهتمام بالواقع الثقافي بشكل أكبر وبالفنان، من خلال تقديم الدعم بكافة الوسائل والطرق التي تساهم في تهذيب المجتمع لمنع الجميع من الانحدار نحو هاوية الضياع لكثرة البطالة وتجمع الشباب في المقاهي فقط بدل المكتبات والدور الثقافية”.

إقرأ أيضا