كثيرة هي المحطات الاعلامية التي توقف فيها الاعلام البريطاني بمختلف اشكاله مع الاهوار، في هذا السياق يتذكر الجميع الفلم الوثائقي المميز “حقول القتل الصدامي” او “Saddam’s Killing Fields” الذي اعده واخرجه مقدم البرامج الوثائقية المعروف البريطاني المشهور “مايكل وود” Michael Wood لصالح تلفزيون “ITV” البريطاني، الفلم اخرج في النصف الثاني لعام 1993 لكن العديد من فقراته صورت في النصف الثاني من العام 1992. الفلم اشتهر كثيرا وعرض على معظم شبكات التلفزة العالمية.
في ذات السياق انتجت هيئة الاذاعة البريطانية “B.B.C” عام 2006 وبدعم من الامم المتحدة برنامجا وثائقيا عن الاهوار “الولادة الجديدة لجنة عدن” بهدف رفع الوعي تجاه قضية الاهوار. ثم انتجت هيئة الاذاعة البريطانية ايضا عام 2010 فلما وثائقيا غاية في الروعة عن الاهوار تحت عنوان “معجزة اهوار العراق”، وقد عرض في بعض البلدان باسم “العراق الشجاع”. المادة المصورة تعد ابرز ما انتج عن الاهوار منذ فترة طويلة.
جاء العمل متأنيا وبفريق ميداني متكامل، ليالي وايام من العمل المتواصل وامكانيات مناسبة جدا وفرت من اجل انجاح العمل اسفرت عن مادة غنية تساوي الاف الساعات من منتجنا المستعجل عن الاهوار. عدسات الكاميرا تفتش بين الحشائش بحثا عن التقاطات جميلة، تشعرك للحظة ان الاهوار لازالت بخير، رغم كل الاخفاقات يمكن ان تعيد شيئا من عافيتها ولو بفعل الطبيعة نفسها دون دور واضح للجهات المختصة.
ما يلفت النظر ايضا ما تضمنه الفلم من لقطات لفلم وثائقي مميز سابق يعود للسبعينات من القرن الماضي وهو ايضا من انتاج هيئة الاذاعة البريطانية. تلك المقارنات الملفتة للنظر لم تكن فقط تشير الى الفارق بين ما كانت عليه الاهوار قبل اربعين عاما وبين ما آلت اليه احوالها اليوم، بل ايضا تضمنت تذكيرا للجميع بان البريطانيين كانوا ولازالوا يتتبعون أثر تلك البقعة الجغرافية المثيرة الى ابعد الحدود بالنسبة لهم على الاقل. ولعل ذلك الاستعراض البليغ لحاضر الاهوار وماضيها اضاف للفلم مزيدا من التميز جعله يفوز بالجائزة الذهبية في مهرجان نيويورك للسينما والتلفزيون عام 2011.