يشعر البصريون بخيبة أمل كبيرة من منجز المحافظ ماجد النصراوي المنتمي لـ”كتلة المواطن/ المجلس الاعلى الإسلامي”، بعد ان باتت المدينة النفطية الغنية، مكباً هائلاً للنفايات ورمال الصحراء، التي زحفت لتغطي مجمل المدينة، بينما تتعالى زوابع الغبار لتشكل تلوثاً بيئياً غير مسبوق بسبب حركة السيارات، فضلا عن مخلفات استخراج النفط، وارتفاع نسبة التلوث بسبب الغازات المنبعثة عن عمليات الاحراق اليومية.
وعلاوة على النقص الشديد بالخدمات والنظافة في المدينة، فان تحدياً آخرَ يواجهه سكان المدينة، في عودة الانفلات الامني، وتحولها الى حاضنة للميليشيات والجماعات المسلحة التي تعمل تحت غطاء الأحزاب المشاركة في الحكومة، في مشهد مماثل لتصاعد اعمال الاختطاف ونفوذ الميليشيات قبل صولة الفرسان عام 2008.
وتأتي الانتقادات التي يوجهها السكان للنصراوي عقب عودته من اداء الحج، وتركه للمدينة تتخبط في مشكلات امنية وخدماتية، معتبرين ان اداءه للمناسك “غير مقبول”، لكونه “قصّر بواجباته”.
وخوّل النصراوي قبيل سفره الى الحج، بعضاً عن صلاحياته الى نائبيه، الا أن نائبه الاول محمد طاهر التميمي، ترك المدينة في اجازة طارئة، ليعود بعدها، فيما تسلم ضرغام الاجودي النائب الثاني لمحافظ البصرة، مهام المحافظة من قبل ايام العيد.
ويشغل محافظ البصرة، إضافة الى مهام عمله، إدارة خلية الازمة الامنية العليا بالمحافظة التي تشرف على كافة الاجهزة الامنية، غير أن الامن تدهور بشكل مريع.
ودون بقية المحافظات، لم تعلن قيادة شرطة البصرة نجاح خطتها الامنية خلال العيد، ففي ايام العيد حدثت نحو خمس حالات خطف لشخصيات بصرية من أكاديميين وشيوخ عشائر ومواطنين في اجزاء مختلفة من المحافظة، فضلا عن سرقات وسطو مسلح لدور سكنية سرق اثناءها عشرات ملايين الدنانير من دور لموظفين ومواطنين.
وللعام الثاني على التوالي، يسافر النصراوي الى الحج في اقل من عام ونصف من توليه منصب المحافظة، ويدافع مناصروه بصفحات التواصل الاجتماعي، وابرزهم (ع.س) عن سفرة بالدعاء المأثور (اللهم ارزقنا حج بيتكم الحرام في هذا العام وفي كل عام)، متسائلاً “اليس الحج هو امنية الجميع دون استثناء”.
كما يثير آخرون السخرية بدفاعهم عن سفر المحافظ، كما يقول أحدهم (أ.ع)، بأن “النصراوي سافر بجوازه الاسترالي الى الحج، ويعني ذلك انه لم يستحوذ على حصة من حجاج العراق، بل حصة مسلمي استراليا، ومن الطبيعي، ان يسافر كل عام لقلة الاعداد الذاهبة للحج من تلك البلدان”.
بينما قال آخر، بانه “بحاجة الى استراحة دينية للتخفيف عن كاهله وما لاقاه من متاعب المسؤولية”.
فيما حمّل مواطنون آخرون، النصراوي مسؤولية التدهور الأمني في المحافظة، معترضين على ذهابه الى الحج، مستعيدين موقف “الامام الحسن بن علي بن أبي طالب”، حين “حلّ إحرامه وهو في الحج لقضاء حاجات الناس”، و”ترك الامام الحسين الحج لخطورة الوضع الأمني”، ويعلّق مناضل المياح “قضاء حوائج الناس عند الله أعظم من كل شيء”.
وطالبت زهرة البجاري، وهي عضو من ائتلاف المحافظ، النصراوي بتحمل مسؤولياته في ادارة ملف الامن المنفلت بالبصرة، وقالت ان “المحافظ هو اعلى سلطة أمنية بالبصرة، ويدير خلية الازمة، ولابد له من معالجة التدهور الامني”.
مجلس محافظة البصرة، وعلى لسان رئيسه صباح البزوني اعترف رسمياً، ان “المحافظة تمر بأزمة امنية لا تنكر”، وبأن “الوضع مقلق”.
وطالب البزوني في صفحته الشخصية على الفيسبوك، رئيس الحكومة حيدر العبادي، بـ”إعادة الفرقة 14 للجيش العراقي، وسحبها من جبهات القتال لتعود الى البصرة من جديد، لتبسط الأمن، وتحد من الجريمة”.
ولفت الى أن “هذا العيد ليس كباقي الاعياد، حيث حدثت فيه الكثير من الجرائم والخروقات والسرقات والخطف”.
وهدد البزوني في حال بقاء الوضع بالبصرة على حاله، بـ”اللجوء الى الحكومة المركزية لفرض الأمن بالقوة، كما حدث في عام 2008″.
وعاد النصراوي الى البصرة، الخميس الماضي، وبحسب بيان عن ديوان المحافظة، فأن المحافظ تسلم مهام عمله فور عودته، واستقبل المهنئين في مبنى المحافظة.