ونحن نعيش حالة حداد رسمي، حزنا على أرواح عشرات الشهداء الذين سقطوا في الاحتجاحات الشعبية الأخيرة بفعل الممارسات الوحشية من قبل قوات أمنية لم تراع تطبيق الحد الأدنى من الدستور، ضد متظاهرين سلميين، ومواجهتهم بنيران قناصين مجهولين وبالرصاص الحي، في محاكاة غير منطقية لأسلوب الدكتاتوريات السحيقة، فإننا نعبر عن عميق حزننا على إزهاق تلك الأرواح البريئة، ونتمنى الشفاء العاجل للمصابين والجرحى، داعين الى إطلاق المعتقلين منهم فورا.
وإننا إذ نسجل احتجاجنا على ما قامت به الحكومة وأجهزتها الأمنية من قمع مفرط للتظاهرات، وتكميم للأفواه وإلغاء للحريات العامة، عبر مهاجمة مؤسسات إعلامية وتخريبها وحرقها في وضح النهار، فاننا نعتبر إجراءات الحكومة التعسفية في الاستمرار بقطع خدمة الانترنت ولو بشكل جزئي، وحظر مواقع التواصل الاجتماعي، مخالفة واضحة للدستور والقانون، ومعاقبة جماعية لملايين العراقيين، وضربة قاصمة للكلمة الحرة، لما تمثله هذه الخدمة من شريان أساسي لحياة الصحفيين والمواطنين على حد سواء.
ولأن ذلك الانقطاع عرّض صحيفتنا والعديد من وسائل الاعلام العراقية الى الضرر المباشر، ووضعنا فيما يشبه الإقامة الجبرية داخل منازلنا، بسبب فقدان القدرة على تغطية الأحداث والقيام بواجباتنا على أحسن وجه، وأشعرنا بضغوط نفسية هائلة طيلة أيام التظاهر وما تلاها، فإننا نطالب رئيس الجمهورية بصفته حامي الدستور، ورئيس الوزراء بوصفه المسؤول المباشر، ورئيس البرلمان، باعتباره المسؤول التشريعي الأول في البلاد، بانصاف الضحايا ومحاسبة المقصرين، والعمل على إعادة الخدمة فورا، وتوفير الأمن المطلوب لوسائل الاعلام المتضررة وتعويضها عن كل الأضرار المادية والمعنوية التي أصابت العاملين فيها.
وفي الوقت الذي نود التنويه فيه الى إعدادنا شكوى قانونية ضد رئيس الحكومة ووزير الاتصالات، لتقديمها قريبا الى القضاء العراقي، فإننا نشير الى قيامنا في الأيام الماضية بتقديم مذكرة احتجاج ضد الممارسات القمعية واللا دستورية ضد المتظاهرين الى كل من بعثة الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي في بغداد، مستنكرين صمت المجتمع الدولي على ما يتعرض له العراق من ضرب للقيم والأعراف الديمقراطية التي عرفها بعد 2003 والمنصوص عليها دستوريا، والاستهتار بكل المعاهدات والمواثيق الدولية التي وقع عليها العراق.
أسرة “العالم الجديد”
