ميناء الفاو.. ما سر توجه الحكومة لإلغاء عقد “دايو” والعودة للصين؟

حملة حكومية ونيابية كبيرة، بدأت لإلغاء عقد شركة “دايو” الكورية الجنوبية المنفذة لميناء الفاو، وإحالة…

حملة حكومية ونيابية كبيرة، بدأت لإلغاء عقد شركة “دايو” الكورية الجنوبية المنفذة لميناء الفاو، وإحالة المشروع لشركات صينية، وهذا ما أكدته مصادر في وزارة النقل والإطار التنسيقي الذي سعى بدوره للضغط نيابيا في هذا الاتجاه عبر جمعه تواقيع، وفيما أكدت تلك الأطراف وجود شبهات فساد بعقد الشركة الكورية، أشار فنيون إلى أن القضية بحاجة لتوافق دولي قبل الداخلي، فضلا عن طرحهم مقترحات أخرى لإنشاء الميناء بدلا عن إلغاء العقد مع دايو.

ويقول مصدر مسؤول في وزارة النقل خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الوزير الجديد رزاق محيبس لديه توجه حقيقي لإلغاء عقد إنشاء ميناء الفاو مع الشركة الكورية أو تعديل بعض فقرات هذا العقد، على الرغم من أن الشركة مستمرة بعملها، ومراحل الإنجاز وصلت إلى ما يقارب 35 بالمئة”.

ويضيف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “قضية إلغاء العقد مع الشركة الكورية متابعة من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وهو داعم لهذا الحراك، وهناك لجان تحقيقية باشرت بمراجعته”.

وكان 90 نائبا، وقعوا يوم أمس الإثنين، على طلب موجه لرئيس البرلمان، بهدف إلغاء العقد الذي أبرمته الحكومة السابقة مع الشركة الكورية لإنشاء ميناء الفاو، بسبب “شبهات فساد”، فضلا عن تأكيدهم أن العقد يمنح الطرف الثاني (دايو) النسبة الأعلى من الأرباح، ما يعد هدرا للمال العام، بحسب بيانهم.

يذكر أن وزير النقل رزاق محيبس، أعلن قبل أيام أن الوزارة ستقوم بمراجعة شاملة للعقود التي أبرمت وكذلك للقرارت التي اتخذت وتدقيق الأموال التي صرفت في زمن الحكومة السابقة، خصوصا ما يتعلق بميناء الفاو الكبير.

من جهته، يفيد القيادي في الإطار التنسيقي محمود الحياني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “عقد إنشاء ميناء الفاو مع الشركة الكورية فيه الكثير من شبهات الفساد، وهذا العقد له علاقة بقضية سرقة أموال هيئة الضرائب، فهناك تعاملات مالية ورشاوى بين الشركة وعدد من المتورطين بهذه السرقة، وهذا الأمر تم كشفه من خلال التحقيقات الأخيرة”.

ويبين الحياني أن “حكومة السوداني جادة بشكل كبير بإلغاء عقد إنشاء ميناء الفاو مع الشركة الكورية، خصوصا أن هناك تعمدا في تأخير إنجاز المشروع، وبعض الفقرات تصب في صالح الشركة على حساب مصلحة العراق العليا، والحكومة لها حق إلغاء أي عقد تراه غير مناسب وفق برنامجها الوزاري”.

ويشير إلى أن “هناك شركات صينية ستكون منافسة على هذا المشروع المهم والاقتصادي بعد إلغاء العقد مع الشركة الكورية، خصوصا أن أغلب الشركات الكورية تابعة لأطراف أمريكية متنفذة، ولذا فإنها لا تريد الإسراع بإكمال هذا المشروع الاقتصادي”.

وقد أثارت مسألة التعاقد مع إحدى الشركتين الكورية (دايو) أو الصينية، لإنشاء ميناء الفاو لغطا كبيرا في العراق خلال العام 2020، وتضاربت الأنباء حول أهلية كل شركة لإنجاز المشروع، وبعد أن أعلن العراق توجهه إلى التعاقد مع الشركة الكورية، وتحديدا في 9 تشرين الأول أكتوبر 2020، عثر على جثة بارك تچول هوبا مدير شركة دايو في مقر الشركة بالميناء.

وبعد هذه الحادثة، وقع العراق عقدا مع الشركة الكورية لإنجاز ميناء الفاو الكبير، حيث كان المدير العام للشركة العامة لموانئ العراق التابعة لوزارة النقل فرحان محيسن الفرطوسي، قد أبلغ “العالم الجديد” في كانون الثاني يناير 2021، بأن الشركة ستباشر العمل بشكل فعلي في ميناء الفاو خلال أسابيع قليلة، أي بعد الانتهاء من الإجراءات الإدارية، وقد جرى التأكيد على تخصيص مبلغ 400 مليار دينار (نحو 280 مليون دولار) لحساب شركة الموانئ، ليجري بعدها فتح الأرصدة بشكل مباشر، وهذا الأمر أصبح شبه محسوم.

وكشفت “العالم الجديد” في 14 كانون الأول سبتمبر 2020، عن خروق في عرض الشركة الصينية، وذلك بحسب وثائق اطلعت عليها صادرة من الشركة العامة للموانئ العراقية، وقد اشتملت الخروق على أن مدة عرضها 15 عاما، ما سيرتب فائدة كبيرة على المبلغ الأساسي، بأكثر من مليار دولار، ليكون إجمالي مبلغ المقاولة 3 مليارات و150 ألف دولار، في وقت تبلغ قيمة عرض الشركة الكورية مليارين و625 ألف دولار، ومن دون فوائد على الحكومة العراقية، فضلا عن أن عمق الحفر في المياه الذي قدمته الشركة الصينية يبلغ 9 أمتار، في وقت قدمت الشركة الكورية عرضا بتعميق مياه البحر إلى 19.8 متر، وأن الشركة الصينية لم تمنح أي ضمان لأعمالها، في وقت منحت الشركة الكورية ضمانا لمدة 100 عام يشمل جميع الأعمال، بالإضافة إلى أن الشركة الصينية متخصصة بإنتاج الطاقة، فيما الشركة الكورية معروفة باختصاصها في إنشاء الموانئ والإعمار.

وبحسب الوثائق فإن الشركة العامة للموانئ العراقية، وبحسب كتابها المرسل إلى وزير النقل، تضمن أن الشركة الصينية CMEC لم تقدم الصفة الرسمية لها عبر كتاب مصدق من السفارة الصينية والخارجية العراقية، وتعذر عليهم تقديم هذه الوثيقة لعدم امتلاكهم لها، كما تعذر على الشركة تقديم العرض المالي والفني، واكتفت بالمراسلات.

وأكدت الشركة “ثبتنا الكثير من النقاط التي تثير تحفظنا، كونها غير مدروسة التكاليف بشكل صحيح في عرض الشركة الصينية، وحسب ما أشرنا فاننا كجهة مستفيدة نوصي بعدم المضي بالعرض الصيني، ونوصي بالتعاقد مع شركة دايو الكورية ومفاتحة أمانة مجلس الوزراء لغرض عرض الموضوع على مجلس الوزراء لاستحصال موافقته للمضي بالتعاقد مع دايو وتخويل وزارة النقل بأقرب وقت”.

إلى ذلك، يوضح الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “توجه العراق نحو إلغاء عقد شركة إنشاء ميناء الفاو مع الشركة الكورية ليس له أي أضرار اقتصادية، وحتى الشرط الجزائي لن يكون كبيرا، خصوصا أن هذا المشروع يحتاج إلى أكثر من 9 شركات عملاقة لإنشائه وليس شركة واحدة كما فعل العراق حاليا”.

ويتابع حنتوش أن “حكومة الكاظمي عملت على فسخ العقد مع الشركة الكورية لمدة أسبوع، لكن بعدها تم الرجوع للعقد لأسباب ما زالت مجهولة، ولذا يمكن إلغاء العقد حاليا، لكن منح هكذا عقد للشركات الصينية ليس بالأمر السهل”.

ويضيف حنتوش أن “منح عقد إنشاء ميناء الفاو يحتاج إلى توافق دولي قبل الداخلي، خصوصا ما بين الصين وأمريكا، وحتى تشغيله يحتاج إلى اتفاق دولي، وليس عراقيا فقط، فهذا الميناء سيكون منفذا لتصدير البضائع إلى أوروبا، ولذا فإن قضية إنشائه وتشغيله تحتاج إلى سنوات طويلة جدا”.

وبحسب تقرير مفصل نشرته “العالم الجديد” في 25 تموز يوليو 2020، فإن ميناء الفاو سيتحول إلى نقطة لربط شرق آسيا وأوروبا، وسيجعل من العراق ممرا للبضائع، بدءا من ميناء الفاو ومرورا بتركيا عبر خطوط نقل حديثة برية تصل إلى أوروبا، ما يختصر الفترة الزمنية لنقل البضائع بساعات، بدلا من 20 يوما تقريبا عبر قناة السويس.

من جانبه، يبين عضو نقابة البحريين العراقيين علي العقابي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مسألة إلغاء العقد مع الشركة الكورية، مرتبطة ببنود العقد وماذا يترتب على العراق جراء هذا الإلغاء، وعلى الجهات الحكومية، ووزارة النقل تحديدا، مراجعة بنود العقد ومعرفة الشروط الجزائية، وهل العراق قادر عليها أم لا”.

ويؤكد أن “الأصح هو التعاقد مع شركة أخرى لبناء أرصفة في الميناء، وبهذا تدخل الشركة الجديدة والشركة الكورية بمنافسة، وهنا نضمن نجاح إنشاء الميناء”.

يذكر أن كلا من إيران والكويت، تحاولان ربط خطوط سكك حديد مع محافظة البصرة للاستفادة من موقع العراق المهم على مستوى التجارة الدولية، ولتكون بديلا عن ميناء الفاو من خلال استقبال البواخر والسفن التجارية في موانئ الدولتين، فيما يتحول العراق إلى مستقبل للبضائع وممر بري لها فقط، في وقت سيتيح ميناء الفاو الفرصة للعراق أن يكون المستقبل للسفن والبضائع مباشرة، ويتحول إلى قوة اقتصادية كبرى في المنطقة.

هل تطلق زيارة الكاظمي لطهران رصاصة الرحمة على ميناء الفاو الكبير؟
 

وكشف تقرير مفصل لـ”العالم الجديد” مؤخرا عن التجاوز بطرق “ملتوية” من قبل الجانب الكويتي على حصة العراق المائية في مدخل خور عبدالله وضمها إلى حدودها لتضيق المساحة المتاحة للعراق، ما شكل تهديدا لتعطيل ميناء الفاو الكبير.

ماذا بعد العلامة 162.. تواطؤ واستغفال أهديا خور عبدالله للكويت وهددا “الفاو الكبير” (خرائط وأنفوغراف)

إقرأ أيضا