تأجيل التعديل الوزاري.. ما علاقته بتمرير الموازنة؟

ما تزال قضية التعديل الوزاري تثير التساؤلات، وفيما كشف مصدر أن السوداني قرر تأجيل طرح…

ما زال التعديل الوزاري يواجه غموضا، ففيما كشف مصدر مطلع، عن قرار للسوداني بتأجيل طرحه إلى ما بعد تمرير الموازنة لتجنب أي صراع محتمل بين الكتل السياسية، ما قد يعرقل التصويت عليها (الموازنة)، بحسب مراقبين، أكدوا أيضا أن التعديل لا يمكن حصوله دون توافق سياسي، إلا أن الإطار التنسيقي الداعم للحكومة تنصل عن توفير أي “غطاء سياسي” لأي وزير لم ينجح في مهامه.

ويقول مصدر مسؤول في مكتب رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “السوداني جاد بقضية إجراء تعديل وزاري، وهو وضع ضمن قائمة التعديل بشكل أولي ثلاثة وزراء، والعمل التقييمي لباقي الوزراء مستمر حتى الآن”.

ويبين المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “السوداني سينفذ التعديل الوزاري، بعد إقرار مجلس النواب لقانون الموازنة، فهو حالياً لا يريد أي صدام سياسي مع الكتل والأحزاب بشأن تغيير الوزراء، ما قد يعرقل تمرير قانون الموازنة، ويكون القانون أداة للابتزاز السياسي ضد رئيس الوزراء”.

ويضيف، أن “التعديل الوزاري، لن يقتصر على مكون واحد، بل سيشمل الوزراء من جميع المكونات، ولذا فإن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لا يريد طرحه حالياً، لأن كتل وأحزاب هؤلاء الوزراء سيعارضون ذلك، وقد يلجأون لعرقلة عقد جلسات البرلمان، ما اضطره لتأجيل الموضوع إلى ما بعد تشريع قانون الموازنة”، مؤكدا أن “ذلك لا يعني تراجعه عن التعديل، رغم وجود ضغوطات سياسية تمارس عليه لمنعه من ذلك”.

وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، أكد أواخر الشهر الماضي، خلال حديث متفلز أن هناك حديثا مباشرا وصريحا مع الوزراء بشأن تقييم عملهم، وبين: الدستور يمنح رئيس الوزراء صلاحية إعفاء الوزير المقصر.. مصممون على إجراء تعديل وزاري وسنختار الوقت المناسب، ولن أتنازل عن صلاحياتي الدستورية في إجراء التغيير الوزاري.

وأضاف السوداني، أيضا: سأذهب للبرلمان وأطلب إعفاء الوزير المقصر ومن يريد أن يرفض سيكون أمام الشعب، وقد تحدثت بوضوح مع القوى السياسية وأبلغتهم أن تقييم الوزير مهني ولن يكون وراءه أي استهداف.

كما قرر السوداني، في 2 أيار مايو الحالي، واستنادا لتوصيات محضر الاجتماع الرابع للجنة الأمر الديواني المعنية بتقييم المديرين العامّين أصالةً، التي تتضمن نقل المديرين العامّين المعيّنين أصالةً ممّن لم يحصلوا على تقييم إيجابي، إلى درجة أدنى من الدرجة التي كان يشغلها قبل تعيينه مديراً عاماً،  على أن يكون البدلاء للمدرين العامين، الذين أخفقوا في التقييم، من الملاكات العاملة داخل الوزارة، وأكد أن الوزارات لديها العديد من الكفاءات والخبرات القادرة على الإدارة والمؤهلة لتسنّم المسؤوليات.

وقبل أيام جرى حديث عن صدور قرار بالتريث بتغيير المديرين العامين، البالغ عددهم أكثر من 300، لكن سرعان ما نفى المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة، هشام الركابي هذه الأنباء وأكد أن تغييرهم سار ولم يتم التريث به.

من جهته، يرى المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “التعديل الوزاري، ضمن برنامج رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، حتى اللحظة، لكن حسب المعلومات والمعطيات أن ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، يرفض ذلك رفضاً قاطعاً، وهذا يؤكد أنه لا يمكن إجراء أي تعديل وزاري دون اتفاق بين الكتل السياسية”.

ويبين الدعمي أن “الحديث عن إجراء تعديل وزاري، دون موافقة الكتل والأحزاب، غير صحيح وبعيد عن الحقيقة، خصوصاً أن مجلس النواب هو الحاكم بقضية قبول التصويت على إقالة أي وزير من عدمه، وهذا الأمر قد يحرج رئيس الوزراء محمد شياع السوداني برفض التصويت على ما يريده من تعديل وزاري”.

ويضيف أن “أي تعديل وزاري سوف يخضع للخلافات ما بين الكتل والأحزاب السياسية من جهة وما بين الكتل والأحزاب ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وربما يجري السوداني بعد موافقة الأطراف السياسية تغييرا على بعض الوزراء، وليس جميع من يرغب هو بتغييره”.

يذكر أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، قرر في منتصف كانون الأول ديسمبر 2022، إعطاء مهلة 3 أشهر للمديرين العامين، ليجري بعدها تقييم أدائهم، وفق ما تم تنفيذه على أساس البرنامج الحكومي، فيما منح الوزراء والوكلاء والمحافظين والمستشارين مهلة ستة أشهر ليتم بعدها تقييم عملهم في ضوء تنفيذ البرنامج الحكومي والتزامهم بمحاوره الأساسية وأولوياته.

يشار إلى أن السوداني، تسنم منصبه، بعد تشكيل ائتلاف إدارة الدولة، بقيادة الإطار التنسيقي، وقد ضمنت كابينته الوزارية وزراء ينتمون للكتل السياسية المختلفة وأغلبهم قادة كبار في تلك الكتل، وذلك وفقا لنظام المحاصصة القائم في البلد، والذي يعتمد على ثقل كل كتلة نيابية وعلى أساسها تمنح حقائب وزارية.

جدير بالذكر، أن ائتلاف إدارة الدولة، وعند تشكيله في أيلول سبتمبر من العام الماضي، شهد توقيع وثيقة بين الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني من جهة، والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة من جهة أخرى، وفيها مطالب الطرفين الأخيرين، لغرض تنفيذها من قبل الحكومة التي يشكلها الإطار، وذلك لغرض تمريرها، وهو ما جرى في تشرين الأول أكتوبر الماضي، حيث مررت حكومة محمد شياع السوداني بناء على هذه الوثيقة.

بالمقابل، يؤكد القيادي البارز في الإطار التنسيقي حسن فدعم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “التعديل الوزاري، ليس ضروريا بحد ذاته، فهو مرتبط بعمل وأداء الوزراء، وليس هناك إصرار على تعديل دون الحاجة لذلك، فهو ضرورة إذا كان الأمر يستوجب ذلك لوجود تقصير وملاحظات على عمل وأداء بعض الوزراء”.

ويبين فدعم، أن “تقييم عمل وأداء الوزراء بعد مضي ستة أشهر على عمر الحكومة العراقية أمر مهم جداً وأساسي، والإطار التنسيقي منح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الصلاحيات الكاملة في إدارة الكابينة الوزارية وإجراء التعديلات اللازمة إذا تطلب الأمر بذلك على الكابينة، والإطار مازال داعما لأي خطوات إصلاحية لرئيس الوزراء”.

ويضيف، أن “تقييم الوزراء يتم بشكل مهني وفني، وليس بدافع سياسي أو أي دواع أخرى، والإطار التنسيقي يثق جداً بتقييم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لكن إقرار قانون الموازنة في مجلس النواب، وتوجيه الجهد الحكومي من أجل الإسراع بإقرار الموازنة، هو من أخر عملية إرسال أي تقييم للوزراء إلى البرلمان، من أجل عدم إشغال البرلمان والكتل السياسية”.

ويشير القيادي البارز في الإطار التنسيقي، إلى انه “بعد إقرار قانون الموازنة من قبل مجلس النواب، سيكون تقييم الوزراء جاهزا من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وإذا تطلب الأمر وجود أي تعديل وزاري، فالسوداني سيعمل على ذلك وسيكون الإطار التنسيقي وجميع قوى ائتلاف إدارة الدولة داعمة لهذه الخطوات، فلا يمكن توفير أي غطاء سياسي لأي وزير لم ينجح في عمله”.

يذكر أن أبرز تعديل وزاري شهدته الحكومات العراقية، هو ما أجراه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي منتصف العام 2016، وذلك بعد تظاهرات واقتحام للبرلمان من قبل التيار الصدري، واعتصام زعيمه مقتدى الصدر بخيمة أمام المنطقة الخضراء في حينها.

إقرأ أيضا