نظام “التتبع الدوائي”.. يخطوه العراق للسيطرة على التلاعب

في خطوة من شأنها السيطرة السريعة على الدواء، حال وجود ملاحظات، بدأ العراق باتخاذ إجراءات…

في خطوة من شأنها السيطرة السريعة على الدواء، حال وجود ملاحظات، بدأ العراق باتخاذ إجراءات عملية، عبر “البرنامج الشامل” الذي سيكون حلقة الوصل بين الصيدليات والمذاخر والشركة العامة لتسويق الأدوية والمستلزمات الطبية والإخراج الجمركي.

وتأتي أهمية هذا النظام بإمكانية السيطرة السريعة على الدواء في حال وجود ملاحظات، فضلاً عن معرفة انخفاض بيع الأدوية المزيفة والمهربة ومساعدة المرضى على إيجاد بدائل مناسبة للعلاج المطلوب، فيما سيلحق هذه الخطوة، تحرك آخر لتحديد الأسعار.

وزير الصحة صالح مهدي الحسناوي أعلن اليوم الخميس، عن انطلاق المرحلة الأولى من برنامج التسعير والتتبع الدوائي في القطاع الخاص لضمان سلامة الدواء ومأمونيته بالتعاون بين دائرة العيادات الشعبية واحدى الشركات المستثمرة .

ويشير الوزير خلال مؤتمر صحفي عقده في دائرة العيادات الطبية الشعبية الى “افتتاح المنظومة الوطنية للدواء والتي تضمن تداول الدواء بشكل امن وسليم وفعال في القطاع الخاص”.

الحسناوي يضيف أن “المرحلة الأولى من البرنامج تتضمن وضع اللواصق على الادوية الناجحة بالفحص الخاص من قبل مركز الرقابة والبحوث الدوائية في وزارة الصحة لضمان وصول ادوية آمنة وسليمة من قبل القطاع الخاص للمواطن ومن خلال تطبيق باركود يوضع ضمن اللواصق على علب الادوية” .

ويوضح الوزير ان “هناك مرحلة ثانية ستنطلق خاصة بتحديد الأسعار وأيضا تثبت على اللواصق لمنع التلاعب بالأسعار وبإمكان أي مواطن معرفة الأسعار من خلال اللاصق وتمنع المتلاعبين من استغلال المواطن تمهيدا لانطلاق شامل للبرنامج في 2024 .

ويلفت الوزير الى ان “البرنامج آمن الى حد ما ويحد من التلاعب بالأسعار ويمنع تداول الادوية غير المفحوصة”، مؤكدا ان “هناك فرق رقابية وتفتيشية ستخصص لمتابعة الادوية في الصيدليات والمذاخر والمكاتب العلمية من خلال التطبيق وتتأكد من سلامة الإجراءات المتبعة”.

ويؤكد الحسناوي انه “بإمكان أي مواطن متضرر او يرصد صيدلية تتلاعب بالأدوية  اللجوء الى دائرة التفتيش في وزارة الصحة او نقابة الصيادلة وسيكون هناك اجراء فوري إضافة الى الجهات القضائية”.

ونظام تسعير الأدوية، بات مرهونا باستقرار سعر صرف الدولار، حسبما أفاد متخصصون، كون معظم الأدوية تستورد بهذه العملة، وفيما رحب أصحاب صيدليات بالخطوة من أجل ردم الفجوة في الأسعار بين صيدلية وأخرى، لكنهم أقروا بصعوبة تنفيذ هذا النظام بسبب الفوارق بين الصيدليات من حيث المواقع وبدلات الإيجار، ما يؤثر على هامش الأرباح بحسب كل صيدلية.

ويقول نقيب الصيادلة مصطفى الهيتي، خلال حديث سابق لـ”العالم الجديد”، إن “نظام تسعير الأدوية خطوة يرتهن نجاحها بوجود إرادة وتعاون بين وزارة الصحة ونقابة الصيادلة والأجهزة الرقابية، لكن المشكلة الرئيسية التي نعيشها تكمن في تقلبات سعر صرف الدولار لاسيما أن التسعيرة الدوائية تعتمد على الدولار وكل الأدوية تشترى به، فإذا لم يتم استقرار هذه العملة سيكون من الصعب أن ينجح تسعير الأدوية”.

وعن دور النقابة وسيطرتها على الصيدليات، يؤكد الهيتي أن “هناك حملات تفتيش من قبل وزارة الصحة ونقابة الصيادلة، لكن أغلب الأدوية مستوردة بالدولار ما يصعب وجود تسعيرة موحدة بسبب تبدّل سعر الصرف بين الفينة والأخرى”، لافتا إلى أن “موضوع تطبيق خطة التفتيش سيكون من قبل فرق جوالة فقد أجرت النقابة في سنة واحدة 14 ألف زيارة تفتيشية للصيدليات والمذاخر، وهناك لجان انضباطية ستفرض عقوبات على المخالفين”.

وعن انطباعات الصيادلة حول تسعير الأدوية، يشير إلى أن “معظم الصيادلة بل جميعهم يريدون التسعيرة لكي يتخلصوا من فرق السعر بين صيدلية وأخرى”، موضحا أن “التسعيرة توضع من قبل وزارة الصحة من لجنة مؤلفة من خمسة أعضاء وفقاً لقانون وليس رؤية معينة وهي من تسعّر الدواء لكن تبقى المشكلة هي صعود وانخفاض الدولار، وفي حال وضعت تسعيرة وارتفع الدولار بأعلى منها فإن هذا يسبب مشكلة”.

وكان وزير الصحة صالح الحسناوي، أعلن في وقت سابق، أن مجلس الوزراء أصدر قراراً بشأن الأمن الدوائي، بهدف تنظيم سوق العمل الدوائي في القطاع الخاص من أجل توفير دواء آمن خاضع للشروط الصحية، وخلال الـ10 أيام المقبلة ستتم المباشرة بنظام التسعيرة والتتبع الدوائي.

ومؤخرا شهدت أسعار الأدوية ارتفاعا حادا، أدى إلى تذمر المواطنين من الأمر، وخاصة في الأمراض التي تحتاج الى علاجات طويلة الأمد، وذلك نظرا للتغيير الذي طرأ على سعر الدولار وعدم استقراره.

وفي العام الماضي، تم إغلاق صيدلية في محافظة ذي قار، بعد بيعها الأدوية بأسعار مخفضة للفقراء، حيث تم تقديم شكوى ضدها من الصيدليات المجاورة.

بدوره، يوضح الباحث والمختص في الشأن الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، خلال حديث سابق لـ”العالم الجديد”، أن “البنك المركزي أجاز لشركات الدواء أو المكاتب العلمية التي تستورد الأدوية بأن تقدم على إجازة المكتب العلمي لكي يتم التحويل من خلاله لغرض استيراد الدواء، إذ يفترض بالتحويلات المالية أن تتم عن طريق البنك المركزي حتى يتم التعامل بالسعر الرسمي”.

ويضيف المشهداني، أن “المشكلة التي يعاني منها العراق هي تعدد مصادر الأدوية، إذ أن هناك أدوية تدخل بصورة رسمية، وأخرى تأتي عن طريق التهريب من المنافذ المفتوحة وهذه تشكل الجزء الأكبر، وقسم منها مقلدة، وبعضها من شركات غير معتد بها وغير داخلة ضمن الشركات المفحوصة وهذه مشكلة تصادف النقابة لاسيما أنها لا تمتلك قوة في السيطرة عليها”.

ويؤشر مشكلة أخرى تتعلق بالفرق بين منطقة وأخرى: “بدلات الإيجار تختلف من منطقة لأخرى مثلا هناك فرق بين منطقة الحارثية أو منطقة شعبية اخرى تكون فيها الإيجارات منخفضة، وهنا سيحدث فرق في التعامل مع نسب الأرباح طالما أن تكاليف الصيدليات مختلفة”.

وكانت “العالم الجديد” كشفت في تقرير سابق، وعلى لسان الطبيب الاختصاص أحمد جواد، عن وجود تهريب للأدوية يتم عبر منافذ العراق، ومنها دواء ريمديسيفير الذي يدخل في علاج فيروس كورونا، ويتم شراؤه بـ30 سنتا من تركيا، ويباع في العراق بمبلغ يصل إلى 35 دولاراً.

يذكر أن الجهات المعنية، دائما ما تعلن عبر بيانات رسمية عن إحباط عمليات تهريب الأدوية من خارج الحدود، وخلال العام الماضي فقط، أعلن عن ضبط 100 طن من الأدوية المهربة.

يذكر أن النائب باسم خشان، كشف في وقت سابق، أن ما يدخل إلى العراق من أدوية بشكل رسمي لا يتجاوز 30 بالمائة فقط، وبقية النسبة هي أدوية مهربة.

جدير بالذكر، أن نقيب الصيادلة مصطفى الهيتي، أكد سابقا أن لجان النقابة تتعرف على أسعار استيراد الأدوية وتقارنها بالأسعار في دول الجوار، وعلى ضوئها يتم تحديد الأسعار، وأشار إلى أن ارتفاع الإيجارات بالنسبة للصيدليات ساهم من جهة أخرى برفع أسعار الأدوية، لذا يجب على الحكومة خفض الضرائب أو العمل على تثبيت الإيجار على أقل تقدير”.

إقرأ أيضا