برلمان بلا سيادة

مجلس النواب يمتلك حصانة كمؤسسة بغض النظر عن أعضائه، فحرمة دخوله من غير موافقة كحرمة دخول البيوت من غير أذن ساكنيها، وانتهاك سيادته لا يقل جرماً من انتهاك سيادة الدولة، فللمرة الثالثة يتم اقتحام مجلس النواب بطريقة القرون الوسطى، إذ سبق لحماية رئيس مجلس الوزراء إبان التوتر الذي شهدته العملية السياسية المصحوبة بكم هائل من التفجيرات عام 2009 ان اقتحمت قوة حماية السيد رئيس مجلس الوزراء مبنى مجلس النواب والاعتداء على القوة المكلفة بحماية البرلمان جراء عدم السماح لهم بمرفقته وهم يحملون الاسلحة حسب ما ينص عليه الدستور والنظام الداخلي والاعراف البرلمانية في كل دول العالم باحترام السلطة التشريعية وعدم حمل السلحة داخله، لا بل والابتعاد عن اي قوة مسلحة عن مبنى البرلمان بمسافة لا تقل عن كيلو متر.. ومرت الحادثة وكان لم يكن هناك انتهاك لهيبة وحركمة وحصانة البرلمان.

الاقتحام الثاني كان لجمهور المتظاهرين في نيسان 2016، إذ تم اقتحام مجلس النواب والعبث بمكاتبه والدخول الى قاعد الجلسات وتحطيم ما وصلت ايديهم، فضلاً عن الاعتداء على عدد من أعضاء المجلس، في قضية أثارت جدلاً على مستوى العراق  كون الاقتحام هذه المرة لم يكن من طاقم حماية رئيس وزراء بل من جمهور فوضوي، ومرت الحادثة ايضا مرور الكرام، وسكت مجلس النواب عن حماية “سيادته”.

والمرة الثالثة كانت السبت الماضي (8 ايلول سبتمبر 2018) حينما اقتحمت قوة حماية رئيس مجلس الوزراء مبنى البرلمان بكامل اسلحتها عدة وعدداً في جلسة استثنائية وحساسة لمناقشة وضع محافظة البصرة، وكان بالامكان ان تفشل تلك الجلسة وترتد اثارها خارج اسوار المجلس لتعم الفوضى اماكن اخرى، ليس هذا كل المشهد بل تم الاعتداء بالضرب على عناصر حماية البرلمان وتكسير بابه الرئيسي، ومن ثم الدخول بجعجعة السلاح الى الباحة الرئيسية في موقف ترهيب كل من كان متواجدا، وربما لايصال رسالة ما في وقتها وسط وضع سياسي متأزم واشارات الاتهام تتجه الى رئيس الوزراء بالتقصير في معالجة مشكلة البصرة.

كان يفترض من رئيس الوزراء ان يكون حازماً مع اعمال التخريب اتلتي طالت البنايات والمقرات البصرية، وان تكون فوهة اسلحته باتجاه المخربين وليس باتجاه قوة حماية رسمية ومؤسسة تمتمع بحصانة دستورية وقانونية، وبهذا الاجراء يعد اقتاح المجلس عملاً يخالف الاعراف والقوانين زنها المادة 146/ ثانياً من النظام الداخلي لمجلس النواب التي نصت على “منع إدخال الاسلحة النارية او الجارحة الى بناية المجلس التي تحددها هيأة رئاسة المجلس”.

وهنا لابد من وقفة حازمة تحفظ للمجلس هيبته، وحرمته، وحصانته، من قبل اي جهة تريد استعراض عضلاتها، وبالتأكيد ان هذه المهمة تقع على عاتق هيأة رئاسة المجلس السابقة واللاحقة، كي لا يتكرر مشهد انتهاك آخر وتقضي على ما تبقى كرامة لهذه المؤسسة، فـ(البرلمان بلا حصانة) حتى يتم اثبات العكس.

أقرأ أيضا