جردة حساب….أين ذهبت أموالنا؟ (4-10)

ملف محافظة الديوانية (الجزء الثالث)

هذا البحث جزء من كتاب أحاول إنجازه قبل نهاية هذا العام، ولأني أخشى أني لا أستطيع إكماله -كغيره من مشاريع الكتب السابقة- لأسباب مختلفة، ولأن ما وجدته من معلومات حول التخصيصات المالية لمختلف الوزارات والمحافظات والمؤسسات العراقية أثار ذهولي واستغرابي وإستيائي من الطبقة السياسية التي أدارت البلد بعد 2005 ، آليت أن أشارك القراء الأفاضل ما اكتشفته، ليعلموا حجم الأموال التي أهدرت والتي لم يعرفوا مصيرها على مدى عقدين من الزمن.

ثمة ماهو أكثر غرابة في كل ما تقدم عن هذه المحافظة ، والتي تشترك مع باقي محافظات العراق -عدا محافظات إقليم كردستان- في عدم وضوح الصورة فيما يتعلق بالأموال التي خصصت لها على مدى أكثر من عقدين من الزمن، وأين ذهبت وكيف تم إنفاقها؟ لأن واقع المحافظة لا يعكس مقدار المبالغ التي خصصت إلى المحافظة، خاصة وقد علمنا أن حصتها من البترودولار في سنة 2010 لوحدها (2,328,318,720 الف دينار) (ترليونان وثلاثمائة وثمانية وعشرون مليار وثلاثمائة وثمانية عشر مليون وسبعمائة وعشرون الف دينار) وأفترض أن هذه الحصة ثابتة سنوياً منذ ذلك التاريخ إن لم تزد على ذلك، لأن حصة المحافظة من البترودولار تعتمد على ما ينتج من نفط خام وغازفي المحافظة وما يتم تكريره من نفط فيها، ومن الطبيعي أن نفترض إن النفط المنتج في الديوانية في تزايد وليس في تناقص منذ ذلك الوقت، ولكننا ولعدم وجود بيانات بهذا الخصوص سنعتبر حصة المحافظة من البترودولارفي سنة 2010 ثابتة بلا زيادة أو نقصان، ونضربها في عدد السنوات منذ 2010 ولغاية 2023 أي 13 سنة ، فيكون ما دخل المحافظة في هذه الفترة من أموال البترودولار فقط (30,268,143,360 الف دينار) (ثلاثون ترليون ومئتان وثمانية وستون مليار ومائة وثلاثة وأربعون مليون وثلاثمائة وستون الف دينار)، ولا ننسى أن هذا الرقم يمثل أموال إضافية للأموال المخصصة في الموازنة العامة للدولة للنفقات التشغيلية والإستثمارية للمحافظة، أي أن هذا المبلغ بالإضافة إلى النفقات الإستثمارية للمحافظة المثبتة في قوانين الموازنات، بالإضافة إلى حصتها من تخصيصات تنمية الأقاليم، كل تلك الأموال كان يجب أن تنفق في مشاريع لتجديد البنية التحتية للمحافظة ، ومشاريع عمرانية مختلفة للقضاء على كل الأزمات التي تعاني منها القطاعات المختلفة للمحافظة، مثل شحة المدارس، وشحة المستشفيات، ونقص خدمات الصرف الصحي وتوفير مياه الشرب، ناهيك عن إنشاء معامل ومصانع لتوفير فرص عمل للعاطلين عن العمل من أبناءها.

الأرقام أعلاه لا تعكس كل الصورة، فثمة ما لا يمكن تفسيره، سواء في هذه المحافظة أو في غيرها من المحافظات العراقية يتعلق بعدد القوى العاملة فيها، ولكي تكون لدينا صورة واضحة لنتأمل الجدول رقم (1) الذي يمثل القوى العاملة للمحافظات لسنة 2017، والجدول رقم (2) الذي يمثل القو العاملة للوزارات للسنة نفسها، فنلاحظ أن القوى العاملة للمحافظات أكبر بكثير من أغلب أعداد القوى العاملة للوزارات في تلك السنة، وما يبعث على الإستغراب أكثر أن أغلب موظفي دوائر ومؤسسات كل المحافظات يرتبطون بالوزارات الإتحادية مثل وزارة التربية ووزارة الصحة ووزارة الكهرباء والطرق والجسور وغيرها، فكيف يمكن تفسير هذه الأعداد الكبير للموظفين في المحافظات الذين يزيد عددهم عن ملاك الوزارات الإتحادية؟

يزداد الأمر غرابة في قانون الموازنة لسنة 2023، حيث نرى تناقص أعداد القوى العاملة للمحافظات المختلفة إلى مستويات تساوي تقريباً 1/6 من أعدادها في سنة 2017، وبعضها أقل من ذلك بكثير، كما نرى في الجداول أدناه المأخوذة من قوانين الموازنات للسنوات المذكورة، فنرى أن القوى العاملة لمحافظة البصرة كانت (70331 موظف) في سنة 2017، وأصبح عددهم في سنة 2023 (17050 موظف) وكان عددهم لمحافظة بغداد في سنة 2017 هو (222067 موظف)، وأصبح عدده في سنة 2023 (8867 موظف)، وفيما يتعلق بالديوانية نلاحظ أن عدد القوى العاملة فيها لسنة 2017 هو (43952 موظف) وأصبح عددهم في سنة 2023، (3594 موظف) فأين ذهب الفرق؟

جدول رقم (1) القوى العاملة للمحافظات لسنة 2017
جدول رقم (2) القوى العاملة للوزارات الإتحادية لسنة 2017
جدول رقم (3) القوى العاملة للمحافظات لسنة 2023
جدول رقم (4) القوى العاملة للوزارات لسنة 2023

أقرأ أيضا