معضلة الحوالات قائمة.. الدينار ينتشي “مؤقتا” بتغريدة السفيرة الأمريكية

انخفاض مؤقت يتعرّض له سعر الدولار في السوق العراقية، بفعل تغريدة السفيرة الأمريكية، التي وصفت…

انخفاض مؤقت يتعرّض له سعر الدولار في السوق العراقية، بفعل تغريدة السفيرة الأمريكية، التي وصفت بـ”المُطمئِنة” من قبل متخصصين بالاقتصاد، لكنهم أكدوا من جانب آخر، أن السوق مقبلة على ارتفاع كبير في سعر الصرف في حال لم يجد العراق طريقة آمنة ومنتظمة لتحويل الدولار إلى إيران عن البضائع المستوردة منها، فيما أشاروا إلى أن غياب هذه الآلية سيزيد الاعتماد على “الحوالات السود” التي تتسبب برفع سعر الدولار في السوق.

ويقول الخبير الاقتصادي ناصر الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الانخفاض في سعر صرف الدولار حالياً مؤقت، وجاء بسبب التطمينات الأمريكية الأخيرة التي صدرت عبر تغريدة السفيرة الأمريكية في بغداد، لكن الارتفاع سيحدث وبقوة خلال الفترة المقبلة، خصوصاً مع استمرار الحوالات السود دون وجود أي حلول حقيقية لها من قبل البنك المركزي العراقي”.

ويضيف الكناني، أن “غالبية البضائع في السوق المحلية يتم دفع أموالها عبر الحوالات السود، وهذا يؤكد وجود طلب على الدولار خارج المنصة، ما يسبب حصول شح في الدولار بالسوق ويدفع إلى ارتفاعه، خصوصاً إن لم يتم سد الفراغ الذي تركته العقوبات على 14 مصرفا مؤخرا”.

ويتابع أن “إعلان الجانب الأمريكي متابعته ومراقبته للنظام المصرفي، يعني أن هناك إمكانية كبيرة في فرض عقوبات جديدة على مصارف عراقية أخرى، إذا ما تم اكتشاف تلاعب تلك المصارف في الحوالات الخارجية”. 

وكانت السفيرة الأمريكية في بغداد آلينا رومانسكي، نشرت تغريدة مساء أمس الأول السبت، وكشفت فيها: شاركت أمس (الجمعة) بمكالمة بين وزارة الخزانة والبنك المركزي العراقي (CBI) حول الإجراءات الأمريكية الأخيرة بتقيد 14 بنكاً عراقياً من خدمات الدولار بعد مخاوف تتعلق بغسيل الأموال، واتخذ CBI الإجراءات المناسبة والسريعة.. لم يتم فرض عقوبات على أي من البنوك العراقية.. سنواصل عملنا لتحسين الامتثال لأنظمة AML/CFT ورقمنة الاقتصاد العراقي مع شركائنا في CBI”.

وشهدت السوق العراقية، صباح يوم أمس الأحد، انخفاضا ملحوظا بسعر صرف الدولار، إذ انخفض السعر من 159 ألف دينار لكل مائة دولار إلى 152 ألف دينار.

وتزامنت تغريدة السفيرة الأمريكية، مع بيانات عديدة للبنك المركزي دعا فيها إلى عدم بث الشائعات بشأن سعر الصرف، وعدم طرح توقعات سلبية بشأن مستقبل العملة، غير مبنيّة على أسس علمية.

وتنفذ الأجهزة الأمنية، منذ أيام حملات للقبض على مهربي العملة والمضاربين بها، وقد جرى اعتقال مجموعة بحوزتها 15 مليون دولار، وأخرى بحوزتها 138 ألف دولار، كانت هذه الأموال معدة للتهريب وجزء منها كان من المفترض أن يصل إلى إقليم كردستان.

إلى ذلك، يبين الباحث في الشأن المالي نبيل جبار التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الجانب الأمريكي خلال الفترة الأخيرة أصبح مرنا مع الجانب العراقي، وتغريدة السفيرة الأمريكية فسّرت ما يجري بالتقييد وليس العقوبات”.

ويؤكد التميمي، أن “ارتفاع سعر صرف الدولار خلال الأيام الماضية كان غير مبرر، ولا توجد أي أسباب حقيقية تدفع نحو هذا الارتفاع، فليس هناك مبرر اقتصادي أو تجاري، كما أن بعض الشائعات وبعض آراء المحليين الاقتصاديين، كانت سببا بهذا الارتفاع”، مضيفا أن “إمكانية وصول سعر صرف الدولار في السوق الموازي إلى السعر الرسمي، مرتبط ومرتهن بقضية واحدة، وهي إيجاد آلية من قبل البنك المركزي لضمان استمرار الحوالات لإيران بشكل منتظم لتغطية الاستيرادات المختلفة، وبعكس ذلك، يبقى هناك سعر أعلى في السوق الموازي، كون هناك طلب بالسوق من أجل تسديد هذه المبالغ”.

ويلفت إلى أن “الرقابة الأمريكية على ملف الحوالات في العراق، لن يكون لها أي تأثير بقضية رفع سعر الصرف في السوق الموازي، بل هذه الرقابة سوف تحد بشكل كبير من عمليات التهريب وغسيل الأموال”.

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية، فرضت الأربعاء الماضي، عقوبات على 14 مصرفا عراقيا، بسبب تعاملها بالدولار مع إيران، وهذه المصارف هي: مصرف المستشار الإسلامي للاستثمار والتمويل، مصرف القرطاس الإسلامي للاستثمار والتمويل، مصرف الطيف الإسلامي، مصرف إيلاف الإسلامي، مصرف أربيل للاستثمار والتمويل، المصرف الإسلامي الدولي، مصرف عبر العراق، مصرف الموصل للتنمية والاستثمار، مصرف الراجح الإسلامي، مصرف سومر التجاري، مصرف الثقة الدولي الإسلامي، مصرف أور الإسلامي، مصرف العالم الإسلامي للاستثمار والتمويل ومصرف زين العراق الإسلامي للاستثمار والتمويل.

وقد أصدر البنك المركزي العراقي، يوم الخميس الماضي، بيانا أكد فيه عدم التعامل بالدولار مع المصارف التي فرضت عليها عقوبات، فيما بين أن العقوبات جاءت بعد تدقيق تعاملات هذه المصارف للعام الماضي، كما أشار إلى أن هذه المصارف لها الحرية بكافة التعاملات ما عدا التعامل بالدولار.

وكانت “العالم الجديد”، من أوائل الصحف التي كشفت أن تهريب العملة مستمر، على الرغم من الضوابط على المصارف، ويتم عبر حقائب تنقل براً إلى تركيا وإيران، بعد سحب الدولار من السوق المحلية وليس عبر نافذة بيع الدولار الرسمية، وأطلق عليها متخصصون آنذاك بـ”الحوالات السود”.

من جهته، يشير الباحث في الشأن الاقتصادي همام الشماع، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تغريدة السفيرة الأمريكية، أكدت ما تم هو ليس عقوبات وإنما منع 14 مصرفا من التعامل بالدولار، ولا توجد نية لفرض أي عقوبات على البنك المركزي العراقي، كما روج البعض خلال الأيام الماضية”.

ويلفت الشمّاع، إلى أن “الولايات المتحدة الأمريكية لا تنوي شن أي حرب اقتصادية على العراق والعراقيين، وتغريدة السفيرة طمأنت السوق بهذا الأمر، ولهذا شهدنا انخفاضا ملحوظا في سعر الصرف”، متابعا أن “تدخل الأجهزة الأمنية ومصادرة 15 مليون دولار من المضاربين وغيرهم، جعل الكثير من المضاربين التوقف عن عملهم في هذا الوقت، خشية من الملاحقة الأمنية، وهذا أحد العوامل التي أدت إلى انخفاض سعر الصرف”.

ومنذ أشهر، تدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي بلغ 170 ألف دينار لكل مائة دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه لنظام “سويفت” المالي الدولي.

وقد أصدر البنك المركزي 3 حزم إجراءات للسيطرة على بيع الدولار وضمان عدم تهريبه إلى الخارج، وقلل في بداية الأزمة من مبيعات مزاد العملة، ومن ثم عاود مؤخرا الارتفاع لمستواه السابق والبالغ نحو 300 مليون دولار يوميا.

إقرأ أيضا