أراضي اللواء الثامن.. الفساد بعقارات الأنبار يعود للواجهة

مضت أشهر على الكشف عن عمليات فساد مالي وإداري في دائرة التسجيل العقاري بمحافظة الأنبار وملف استثمار أراضي وعقارات الدولة، وما زالت القضية مفتوحة، بل عادت بقوة مجددا بعد قرار صدر مؤخرا من مجلس المحافظة الجديد بإيقاف الاستثمار في الأراضي التابعة إلى اللواء الثامن.

وكان مجلس محافظة الأنبار الجديد، قد صوّت في الرابع من شهر آذار مارس الجاري، على إلغاء منح إجازات الاستثمار في الأراضي التابعة للواء الثامن، لوجود حقوق تصرفية للمواطنين في جزء من الأرض ولم تحسم بعد، وأشار لوجود شبهات فساد وعدم وجود دراسة وتصاميم للبنية التحتية والخدمات المطلوبة.

ويقول القيادي في تحالف الأنبار طارق الدليمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن، “ملف الأراضي وعقارات الدولة في الأنبار، هو واحد من أخطر الملفات وأكثرها  فسادا في المحافظة، فهناك أكثر من 150 ألف قطعة أرض تم فرزها بطريقة غير قانونية، واشتركت بها جهات في الحزب الحاكم بالمحافظة (في إشارة إلى حزب تقدم بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي)”.

ويضيف أن “هذه الأراضي تم بيعها على المواطنين بطريقة مخالفة لقانون فرز الأراضي كونها لم تخضع للمخطط البلدي، وبيعت بطريقة عشوائية، لأنه لم يتم فرز مدارس ورياض أطفال وحدائق ومتنزهات معها، كما أن هذه الأراضي وخاصة الواقعة في ناحية الوفاء بمدينة الرمادي وبمحيط مطار الأنبار لم تصلها الخدمات من الماء والكهرباء”.

ويشير الدليمي، إلى أن “هذه الأراضي بيعت بأسعار زهيدة، وقرار هيئة النزاهة بإيقاف عمليات البيع والشراء، أدى للكشف عن أكبر عملية نصب واحتيال تعرض لها المواطنون الذي اشتروا الأراضي، كونهم دافعوا في القطعة الواحدة بمساحة 200 متر مربع نحو 4 إلى 5 ملايين دينار (2600 إلى 3300 دولار)، ولم تُعد إليهم أموالهم، وأيضا لم تسجل قطع الأراضي بأسمائهم”.

وسبق لهيئة النزاهة، أن أعلنت في 4 نيسان أبريل 2023، عن تنفيذ عملية “كبرى واستثنائية” بمديرية التسجيل العقاري في محافظة الأنبار، أسفرت عن القبض على مديرها وخمسة مسؤولين فيها، بتهمة التلاعب والتزوير في أضابير تمليك عشرات الآلاف من قطع الأراضي.

وتقدر مساحة أراضي اللواء الثامن بنحو 330 دونما، وتمتد من معمل الزجاج في الرمادي، مرورا بجمع القصور الرئاسية على ضفاف نهر الفرات، وصولا إلى الطريق الدولي السريع، وهي منطقة مميزة تقع على ضفاف النهر.

وكانت قوة أمنية قادمة من بغداد في وقت سابق، قد اعتقلت عددا من موظفي دوائر البلدية والضريبة والتسجيل العقاري في الأنبار على خلفية وجود عمليات تلاعب في آلية توزيع قطع أراضٍ تعود للدولة.

بدوره، يوضح المتحدث باسم الحراك الشعبي في الأنبار ضاري الريشاوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحزب الحاكم في الأنبار (ويقصد به حزب تقدم)، منح أراضٍ بطريقة غير قانونية وباعها بأسعار زهيدة في ناحية الوفاء بمدينة الرمادي وقرب مطار الأنبار”.

ويؤكد الريشاوي، أن “ملف الأراضي هو الأكثر فسادا وخطورة في الأنبار، ونشد على يد هيئة النزاهة بضرورة المتابعة لهذا الملف، وإيقاف عمليات الفساد الكبيرة، واعتقال المتهمين”.

ويحدد “أخطر ملف” في موضوع قطع الأراضي، بـ”ملف اللواء الثامن، كون هذه المنطقة مميزة، وتم منحها للاستثمار بطريقة تثير الشبهات”.

ولم تقتصر ملفات الفساد في الأنبار على أراضي وعقارات الدولة، فقد سبق أن تم فتح ملف صندوق إعادة إعمار المناطق المحررة لوجود شبهات فساد مالي فيه، وفي 26 شباط فبراير الماضي، عاد ملف الصندوق مجدداً ليكون مادة للتجاذبات بين القوى السنية، بعدما تسنم حزب تقدم بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي مسؤولية الحكومة المحلية في الأنبار، عقب فوزه بانتخابات مجالس المحافظات.

وتأسس صندوق إعادة إعمار المناطق المحررة وفقا للمادة 28 من قانون الموازنة لعام 2015، ليكون جهازا ينسق بين المنظمات الدولية والوزارات العراقية في عمليات إعادة إعمار المناطق والمحافظات التي تعرضت لدمار كبير خلال الحرب على تنظيم داعش بين عامي 2014 و2017.

ويشرح مصدر مطلع، طبيعة ما جرى في ملف قطع الأراضي، لـ”العالم الجديد”، بالقول إن “دائرة عقارات الأنبار قامت بتحويل جنس الأرض من زراعي إلى عقاري، خاصة تلك الأراضي التي تقع في ناحية الوفاء، وهي المقر الرئيس لعشيرة البوچليب”.

ويلفت إلى أن “أصل هذه الأراضي زراعي تملك عشائر المنطقة حق استثمارها، لكن دائرة التسجيل العقاري والطابو وبأمر من الحزب الحاكم في محافظة الأنبار أمروا بفرزها وتوزيعها دون التفاهم مع عشيرة البوجليب التي تسكن المنطقة”.

وفي وقت سابق، كشفت تسجيلات صوتية عن ملفات فساد تحدث بها قائد عمليات الأنبار السابق اللواء ناصر الغنام، وخاصة في منطقة القصور الرئاسية واللواء الثامن.

وفي نيسان أبريل 2023، باشرت اللجنة العليا لمكافحة الفساد برئاسة أبوعلي البصري بالتعاون مع هيئة النزاهة، بفتح ملفات الفساد المالي والإداري في محافظة الأنبار، وأسفرت الحملة عن اعتقال عدد من المسؤولين في المحافظة كان آخرهم مدير هيئة التقاعد في الأنبار.

من جانبه، يشدد عضو مجلس محافظة الأنبار أيوب الحلبوسي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن، “مجلس المحافظة أصدر قرارا بإيقاف الاستثمار في أراضي اللواء الثامن لكون الأمر من واجبه التشريعي والتصدي لأي ملف يشوبه الفساد ولكن بالأدلة، وليس عن طريق التسقيط السياسي الذي تحاول بعض الجهات القيام به”.

ويتابع الحلبوسي، وهو من حزب تقدم، أن “مجلس الأنبار سيتابع ملف الأراضي وسنحقق في الأمر، وأي عمليات غير قانونية سيتم إبطالها، لأن المرحلة الحالية فيها مجلس محافظة ولديه دور رقابي وتشريعي، ولن نرضي بأي عمليات مشبوهة”.

وشهدت محافظة الأنبار أيضا، أشهر عملية فسادا ماليا تتعلق بمؤسسة الشهداء وهيئة تقاعد الأنبار، حيث كشفت تحقيقات هيئة النزاهة عن إدراج أسماء الآلاف من المتورطين مع تنظيم داعش والذين تم قتلهم أو أصيبوا في عمليات تحرير المدن.

إقرأ أيضا