ارتفاع حاد في عمليات الدفع الإلكتروني بالدينار.. فهل نجح العراق بتحوله؟

يواجه العراقيون صعوبات في التكيف مع نظام الدفع الإلكتروني في ظل بيئة اقتصادية ومصرفية هشة لا تتحمل تبعات هذا القرار ومواكبة الطفرات التكنولوجية في ظل غياب الآليات الداعمة لها وانعكاساتها السلبية على المواطنين.

فبعد مرور يومين من تعطل نظام الدفع الإلكتروني في بعض محطات الوقود، أفادت مؤسسة “عراق المستقبل” للدراسات والاستشارات الاقتصادية، اليوم الأحد، بتجاوز نظام الدفع الالكتروني بالدينار العراقي الترليون، لأول مرة و خلال شهرين.

وفي يونيو حزيران 2023 أعلن البنك المركزي العراقي، دخول قرار مجلس الوزراء العراقي المرقم (23044) للعام 2023 حيز التنفيذ، والمتمثل بزيادة عدد أجهزة الدفع الإلكتروني في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص لتعزيز ثقافة الدفع والتحصيل الإلكتروني، والتقليل من استخدام النقود الورقية في الجباية والتعاملات التجارية.

إذ ذكرت المؤسسة في تقرير لها تلقت “العالم الجديد” نسخة منه، أن “عمليات الدفع بنظام الدفع الإلكتروني بالتجزئة بالدينار العراقي ارتفعت لتصل الى أكثر من 1.2 تريليون دينار عراقي لشهر شباط الماضي 2024 بارتفاع شهري بلغ 15% مقارنة مع شهر كانون الثاني لسنة 2024 وبارتفاع سنوي بلغت نسبته 96% مقارنة مع شهر شباط من سنة 2023”.

وأضافت أن “حجم التعاملات بنظام الدفع الإلكتروني تجاوز حاجز تريليون دينار لأول مرة في شهر كانون الثاني من السنة الحالية ليبلغ ترليون دينار، وارتفع في شهر شباط مجددا ليبلغ 1.16 تريليون دينار عراقي”.

ووفقا للتقرير فإن “هذه الارتفاعات تأتي مع الآليات الجديدة التي تم استخدامها مع بداية السنة في ضرورة التعاملات الالكترونية مع الجهات الحكومية وايضا الاعتماد على الدفع الإلكتروني في مختلف محطات تجهيز الوقود، ومن المتوقع أن يستمر الصعود إذا ما تواصلت حزمة الإصلاحات التي من شأنها زيادة الطلب على الدفع الإلكتروني”.

وتوقعت المؤسسة ايضا ان “تتجاوز عمليات الدفع الإلكتروني خلال الأشهر القادمة لتبلغ 3 تريليونات دينار عراقي عبر منظومة الدفع الالكتروني لتصل الى اكثر من 25 تريليون دينار عراقي خلال مجمل السنة الحالية”.

ووفقا للتقرير، فانه “ليست كل عمليات الدفع الإلكتروني تظهر على هذا النظام فهنالك بعض عمليات الشراء او السحب التي تتم عبر منظومات خاصة بشركات الدفع الالكتروني غير مرتبطة بهذا النظام مما يعني أن حجم التعاملات الالكترونية المالية في ازدياد و هناك توجه حقيقي نحو التغيير نحو الدفع الالكتروني الأمر الذي من شأنه ان يحسن من الشمول المالي في العراق”.

ومنذ اعتماد نظام الدفع الإلكتروني في جميع محطات الوقود يساور القلق العديد من المواطنين لأسباب عديدة أبرزها انعدام الثقة بالنظام المصرفي وغياب الثقافة الإلكترونية وعجز الحكومة في التعامل مع الإشكاليات المرتبطة بهذا القرار.

وسجل عدد من أصحاب المركبات في الكثير من المحافظات ، قبل يومين، محاولات “فاشلة” للدفع عبر البطاقة الإلكترونية أثناء محاولتهم التزود بالوقود من المحطات بالتزامن مع إجبار حكومة محمد شياع السوداني المواطنين على النظام الإلكتروني بدلًا من الدفع النقدي.

يشار إلى أن القطاع المصرفي العراقي مهمل من قبل المواطنين الذين فقدوا الثقة به، وبحسب أرقام البنك الدولي فأن 23 بالمئة فقط من الأسر العراقية لديها حساب في مؤسسة مالية، وهي نسبة من بين الأدنى في العالم العربي، ولاسيما أن أصحاب تلك الحسابات هم من موظفي الدولة الذين توزع رواتبهم على المصارف العامة نهاية كل شهر، لكن هذه الرواتب أيضا لا تبقى طويلا في الحسابات، إذ سرعان ما تتشكل طوابير أمام المصارف من الموظفين الذين يسحبون رواتبهم نقدا ويفضلون إبقاءها في بيوتهم

يذكر أن تجربة الدفع الإلكتروني بدأت في محطات الوقود، وجرى تزويدها بالأجهزة اللازمة، بعد أن حدد البنك المركزي العمولة المستحصلة، خاصة إذا كان الدفع والاستلام بين مصارف مختلفة، وهذا منذ منتصف العام الماضي.

وعلى الرغم من أن بعض المصارف في العراق تصدر بطاقات ائتمانية، إلا أن استخدامها بقي في نطاق محدود، كتسلم حوالات خارجية على سبيل المثال، وعادة ما تكون أجهزة الصراف الآلي قرب فروع البنك فقط، ولا تنتشر في أغلب الأسواق المحلية، ما دفع المواطنين إلى الاعتماد على البطاقات المعبأة مسبقا لاستخدامها في مواقع الإنترنت، كدفع مستحقات أو الشراء.

ويضم العراق، بحسب آخر إحصاء منشور في موقع البنك المركزي العراقي، 80 مصرفا عاملا، منها 62 محليا و18 مصرفا عبارة عن فروع لمصارف أجنبية.

يشار إلى أن مدير الشركة العامة للمنتجات النفطية، حسين طالب، أعلن مؤخرا، عن عدم صدور أي توجيهات بإيقاف التعامل مع الدفع الكاش بمحطات الوقود، مضيفا أن نسبة الإقبال على تفعيل الدفع الالكتروني في محطات تعبئة الوقود تصل بين 30 – 35 بالمئة في الوقت الحالي.

إقرأ أيضا