«التدوير».. مصطلح جديد يتصدر المشهد السياسي ويعزز التباعد الاجتماعي في ديالى

عادت عجلة مجالس المحافظات إلى الدوران من جديد بعد انقطاع دام لعدة سنوات، ومضت غالبية المحافظات في إتمام تشكيل حكوماتها المحلية، باستثناء، ديالى وكركوك، اللتين ما تزال كتلهما السياسية تصارع من أجل الاستحواذ على مناصب المحافظ ورئاسة المجلس إضافة إلى إدارات السلطات التنفيذية الأخرى، ونتيجة للتعطيل الذي استمر قرابة الثلاثة أشهر، منذ إعلان مفوضية الانتخابات المصادقة على النتائج النهائية، شهدت المحافظتان تقديم مقترحات عدة للتوصل إلى حلول مرضية لجميع الأطراف، ومنها “تدوير المناصب” بين المكونات.

ومصطلح “التدوير” ظهر لأول مرة في كركوك بسبب الصراع الكردي على منصب المحافظ ودخول العرب أيضا على خط المنافسة بعد حصولهم على عدد من المقاعد يساوي مقاعد الكرد، ونص هذا المقترح على أن يحصل العرب على سنتين لإدارة المحافظة، وسنتين للكرد، لينتقل المقترح إلى ديالى التي تعاني الأمر ذاته.

وبهذا الصدد، يقول مصدر سياسي مطلع، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الانسداد الحاصل في ديالى دفع البعض إلى طرح فكرة تدوير منصب المحافظ بين الكتل السياسية، لكن هذا المقترح لم يلق استحسانا من قبل بعض الأطراف السياسية”.

ويضيف المصدر، أن “الأطراف السياسية الرافضة لمقترح التدوير سواء كانت في بغداد أو ديالى، ترى أنه سيساهم في تعزيز التفرقة المجتمعية، خاصة في ديالى التي عانت الويلات من الإرهاب والصراعات الطائفية والتي لم تتجاوزها إلا بشق الأنفس”.

يذكر أن مجلس محافظة ديالى كان قد أخفق في عقد جلسته الأولى لثلاث مرات بسبب الانسداد السياسي وعدم التوافق على منصب المحافظ.

وكانت آخر انتخابات لمجالس المحافظات جرت في نيسان أبريل 2013، وبحسب مفوضية الانتخابات فإن نسبة المشاركة بلغت آنذاك 50 بالمئة، بعدما شارك ستة ملايين و400 ألفا و777 ناخبا فيها من بين نحو 13 مليونا و800 ألف ناخب مسجل.

ومنذ تشرين الثاني نوفمبر 2019 جرى حلّ مجالس المحافظات استجابة لمطالب المتظاهرين الذي اعتبروا أنها “حلقة زائدة ووسيلة للفساد المالي والإداري”، ليستجيب مجلس النواب في حينها ويصوّت على تعديل قانوني أنهى بموجبه عمل المجالس، وتكليف أعضاء البرلمان بمهام مراقبة عمل المحافظ ونائبيه في محافظاتهم.

إلى ذلك، يوضح المحلل السياسي علي البيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “فكرة تدوير المناصب غير منطقية على اعتبار أنها تساوي بين حظوظ الكتل الفائزة بمستويات متقدمة مع كتل أصغر، كما أنها قد تنتج ما يمكن تسميته الانتقام من السلطة، أي أن الكتل التي تحصل على المنصب سوف تستنزفه لتوسيع نفوذها وتحقيق ما تسعى إليه وتسخره لصالحها، بالتالي لن تتمكن من تحقيق الإصلاح في ظل الفترة الزمنية القليلة”.

ويتابع “في مقابل ذلك من يضمن أن لا تنسف الكتلة الجديدة عندما تتواجد في السلطة كل ما قامت به الكتلة السابقة، قد يكون التدوير ممكنا لمعالجة حالة معينة في مرحلة ما، إلا أنه قد يمهد لخيار صناعة عرف سياسي جديد قد ينعكس مستقبلا على مستويات أعلى مثل قمة الهرم والحكومة الاتحادية وعلى مستوى الرئاسات المتقدمة في البلاد”.

ويعبر البيدر، عن مخاوفه من أن “يكون هذا العرف غلطة سياسية وعليه يجب أن تلجأ الأطراف في ديالى إلى التوافق لتحديد عناوين من سيدير المحافظة والأسماء التي ستتواجد في التشكيلة الحكومية وتفضيل المصلحة الوطنية والعامة”.

وكانت أطراف سياسية داخل محافظة ديالى، قد رفضت التجديد للمحافظ السابق مثنى التميمي من تحالف “نبني” بزعامة الأمين العام لمنظمة بدر، هادي العامري، ما اضطر الأخير إلى تقديم محمد العميري، نجل رئيس المحكمة الاتحادية العليا جاسم العميري، كمرشح تسوية، إلا أنه تم رفضه هو الآخر.

بدوره، يرى القيادي في منظمة بدر، محمد البياتي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “موضوع محافظة ديالى يتعلق بخلافات داخلية وتحديدا بين أحزاب الإطار التنسيقي على منصب المحافظ، لذلك لا يمكن تصنيف ما يجري كخرق قانوني لكون مجلسها عقد جلسة وانتخبت بعض الشخصيات لإدارة المناصب المحلية”.

ويشير البياتي، إلى أن “غياب التوافق السياسي هو السبب في تأخير انتخاب محافظ ديالى، والأيام المقبلة قد تشهد انفراجة في أزمة ديالى على اعتبار أن المشكلة سياسية وليست قانونية كما هو الحال في محافظة كركوك”.

وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد أعلنت في 28 كانون الأول ديسمبر 2023، النتائج النهائية مجلس محافظة ديالى المكون من 15 مقعدا، وفاز تحالف ديالتنا الوطني (مثنى التميمي) بـ107 آلاف و554 صوتا بأربعة مقاعد، وتحالف تقدم الوطني (محمد الحلبوسي) بـ79 ألفا و934 صوتا بثلاثة مقاعد، وتحالف السيادة (خميس الخنجر) بـ73 ألفا و890 صوتا بثلاثة مقاعد، وتحالف استحقاق ديالى (تحالف نبني) بـ44 ألفا و195 صوتا بمقعدين، وتحالف عزم العراق (مثنى السامرائي) بـ44 ألفا و61 صوتا بمقعد واحد، وائتلاف الأساس العراقي (محسن المندلاوي) بـ29 ألفا و961 صوتا بمقعد واحد، والاتحاد الوطني الكردستاني بـ28 ألفا و648 صوتا بمقعد واحد.

ودعا محافظ ديالى مثنى التميمي في 3 شباط فبراير الماضي، أعضاء مجلس محافظة ديالى الجديد إلى عقد الجلسة الأولى برئاسة العضو الأكبر سنا تركي جدعان العتبي، لاختيار رئيس المجلس ونائبيه، إلا أن المجلس لم يلتئم لغاية الآن بسبب الخلافات السياسية على منصب المحافظ.

إقرأ أيضا