بعد خلاف استمر لعقدين.. تشكيل لجان حكومية لحل مشكلة نفط كردستان

لا يكاد يمر عام في العراق، إلا ويبرز فيه خلاف بين بغداد وأربيل حول النفط، حيث ان الخلافات مستمرة بين الجانبين منذ قرابة عشرين عاما، لكنها تتراجع أحيانا، ومن ثم تبدأ بالتصاعد شيئا فشيئا بمجرد أن يعود الحديث عن إيرادات نفط الإقليم.

فبعد قرارات المحكمة الإتحادية وتصاعد الخلاف بين بغداد وأربيل، أكد المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد، اليوم الثلاثاء، تشكيل لجان لإيجاد الحلول بشأن نفط الإقليم.

ويشكل النفط “ملفا خلافيا أساسيا” بين الحكومة الاتحادية في بغداد وسلطات إقليم كردستان، إذ ترى أربيل أن بغداد تسعى إلى وضع يدها على ثروات الإقليم النفطية، فيما تطالب الحكومة الاتحادية بأن يكون لها كلمتها في إدارة الموارد النفطية التي تستخرج من كردستان.

إذ قال جهاد ، إن “ملف تسليم النفط المستخرج من إقليم كردستان إلى الحكومة الاتحادية معقد نتيجة تراكمات الأخطاء السابقة”، مبينا، أن “التحديات التي واجهت الحكومة والدولة بشكل عام أسفرت عن قيام الإقليم بتصدير النفط وإبرام العقود دون الرجوع إلى الحكومة الاتحادية”.

وأوضح، أن “الحكومة الحالية وضعت في أولوياتها حل هذه المشكلة وفق الطرق القانونية والدستورية وبما ينسجم مع قرارات المحكمة الاتحادية خدمة للصالح العام”، منبها أن “رئيس الوزراء أوعز لوزارة النفط بتشكيل لجان لزيارة الإقليم والاطلاع وإيجاد الحلول للمشاكل العالقة”.

وأشار إلى أن “وزارة النفط، شكلت لجانا فنية وقانونية وإدارية مشتركة مع الجهات المعنية في الإقليم لدراسة هذه المشاكل من أجل الإسراع في إنجاز هذا الملف المعقد”، لافتا، إلى أن “قانون الموازنة ينص على تسليم النفط المستخرج من حقول الإقليم إلى حكومة المركز وتتولى الحكومة الاتحادية تسليم استحقاقات الإقليم بهذا الشأن”.

وأكد جهاد، أن “هذا لم يتحقق لغاية الآن بسبب طبيعة عقود الإقليم مع الشركات الأجنبية، ما تسبب في إرباك ونقص في الإيرادات المالية التي كان يفترض تحقيقها للموازنة الاتحادية”.

واستطرد، أن “محكمة باريس حكمت لصالح العراق في قضية مخالفة تركيا عندما قامت بتصدير النفط بالاتفاق مع الإقليم دون الرجوع إلى الحكومة الاتحادية وهذا يعد مخالفاً للاتفاق المبرم بين العراق وتركيا”، منبها، أن “الحكومة عملت على حل هذا الملف مع أنقرة وتم الاتفاق على استئناف تصدير النفط”، لكن الأمر يتطلب حل المشكلة داخلياً وخصوصاً مع الإقليم والشركات الأجنبية العاملة فيه.

وتابع جهاد، أن “طبيعة عقود الإقليم هي عقود مشاركة، وهي تختلف عن العقود التي تم إبرامها من قبل الوزارة؛ لأن عقود المركز هي عقود خدمة أي أن تمنح أجوراً لهذه الشركات وهي لا تشارك بحصة أو نسبة من النفط العراقي، بينما عقود الإقليم بصيغة مشاركة أي أن هذه الشركات لها نسبة و حصة في النفط العراقي، وبالتالي هذه مخالفة دستورية وقانونية”، مؤكدا، أن “وزارة النفط حاولت تغيير هذه العقود لكن لغاية الآن لم يتم التوصل إلى حل في هذا الإطار ونأمل بإيجاد الحلول بالحوار والتوصل إلى حلول وفقاً للدستور والقوانين مع وضع المصلحة الوطنية فوق جميع الاعتبارات”.

يشار إلى أن قانون النفط والغاز قد أجري عليه ١١ تعديلاً ولم يصل إلى البرلمان مطلقاً منذ الدورة الأولى لمجلس النواب العراقي في عام 2005، بسبب الخلافات بين بغداد واربيل حول النفط.

وقررت المحكمة الاتحادية العليا في 21 شباط فبراير الماضي، أن الحكومة الاتحادية ستكون المسؤولة عن دفع رواتب الموظفين العموميين في حكومة أربيل، مع خصم المبلغ المدفوع من المنبع في بغداد من حصة حكومة الإقليم، كما يجب على حكومة إقليم كردستان تقديم حسابات شهرية تفصل كل راتب مدفوع. وتعدّ هذه من الناحية الفعلية إعادة ضبط أكثر صرامة لصفقة “مدفوعات الميزانية لعائدات النفط” الأصلية المتفق عليها بين حكومة إقليم كردستان العراق والحكومة الاتحادية في نوفمبر 2014.

ولا توجد إحصائيات حكومية عن النفط المصدر من إقليم كردستان، لكن وزارة النفط العراقية نشرت تحليلا في ايار مايو 2023، قالت إن حكومة الإقليم ارتكبت “مخالفات قانونية وإجرائية” في بيع النفط تسببت بخسائر كبيرة.

وتشكل العوائد المالية لحكومة الإقليم نسبة لا تزيد عن 80 في المئة كمعدل بعد استقطاع كلف الإنتاج (كلفة إنتاج برميل النفط)، بينما تشكل العوائد المالية لجولة التراخيص الأولى والثانية (أقامتها بغداد)  من 94.5 في المئة إلى 96.5 في المئة، وإن كلفة الإنتاج تعادل (4) أضعاف كلف الإنتاج في جولات التراخيص لوزارة النفط الاتحادية. بحسب وزارة النفط

ويصدِّر العراق ما معدله 3.3 ملايين برميل من النفط الخام يوميا، ويشكل الذهب الأسود أكثر من 90 في المئة من موارد الخزينة العراقية.

إقرأ أيضا