رغم الإجراءات العقابية.. غياب اللياقة البدينة «يهيمن» على المؤسسة الأمنية في العراق

مازالت صورة المنتسب ذي الجسم الرياضي مفتول العضلات ليست مألوفة في صفوف القوات الامنية في العراق، وإن وجدت فهي نادرة، إذ أن الأجسام البدينة والكروش الكبيرة تمثل النمط السائد رغم الإجراءات العقابية.

ومع غياب الإحصائيات الدقيقة بعدد الضباط السمان الخاضعين للفحص والترشيق، وتكتم الوحدات على هكذا بيانات ضماناً للسرية العسكرية، أكدت لجنة الامن والدفاع النيابية، اليوم الاحد، أن غياب اللياقة البدنية يمثل”ثغرة” في منظومة التدريب بمؤسسة أمن العراق.

وغابت ضوابط اللياقة البدنية في الجيش العراقي طيلة أعوام بعد 2003، حتى جاء قرار من رئاسة أركان الجيش في 10 تشرين الثاني 2022 يتضمن فرض تعليمات صارمة بشأن رشاقة الضباط وإخضاعهم لإجراءات قد تصل إلى إحالتهم للتقاعد إذا ما أهملوا الالتزام بالتعليمات.

إذ قال عضو اللجنة وعد القدو، إن “الوزارات الامنية والهيئات الساندة كلها تعمل ضمن مفهوم مؤسساتي معني بـ(أمن العراق) بشكل مباشر وفق صلاحيات كل منها”.

وأشار الى أن “ملف اللياقة البدنية لمنتسبيها تعدّ اولوية، ولاسيما القوات التي تخضع لخطط فصلية وموسمية من خلال دورات رفع اللياقة التي تأخذ ثلاثة أبعاد رئيسية بحكم نوعية القوة”، مبينا انه “هناك فرق بين تدريب قوات النخبة مع تدريب باقي التشكيلات الاخرى”.

واضاف، ان” اللياقة رغم أهميتها لكن التدريب والتخصص طي النسيان”، مشيرا الى أن “التفاعل مع كليهما مهم خاصة وان التدريب في العراق لا يزال تقليدي بسبب عدم وجود البنى الاساسية والتخصيصات المالية الكافية والاسلحة المتطورة التي يمكن من خلالها زيادة قدرة وفعالية القوات الأمنية”.

واوضح ان” قوة وقدرة الجيوش ومنظوماتها لا تقاس باللياقة البدنية لمنتسبيها بل في مدى احترافيتهم في التعامل مع الأسلحة الحديثة والمتطورة التي تقلص الجهد البشري في ابعاد مختلفة وتحول ساحة المعركة الى مجموعة ازرار يمكن ان تحسم 80% من نتائجها دون تدخل العنصر البشري بشكل مباشر”.

وتابع، ان” وزارة الداخلية تبنت خطوات مهمة في تفعيل اللياقة البدنية من خلال مسارات مكافحة السمنة وزيادة وتيرة الدورات التدريبية بنسبة تزيد عن 70% “، مستدركا بالقول “لكن يبقى التدريب على الاسلحة الحديثة واعتماد مبدأ التخصص القتالي أولوية لمؤسسة أمن العراق لأنها هي من تحسم نتائج اي معركة”.

وتتبع المؤسسة العسكرية العراقية معادلة “الطول ناقصاً 100” لقياس الوزن المثالي للضباط والجنود، وهذه المعادلة لا يراعى فيها العمر، على خلاف معادلة “وزن الكتلة” التي استعملت سابقاً لفترة محدودة في تسعينيات القرن الماضي، حيث تقسم البدانة إلى ثلاث فئات في مفاهيم الطبابة العسكرية: الزيادة والسمنة والترهل.

ويستثنى من ضوابط التدريب والترشيق من كانت سمنته ناتجة عن حالة مرضية أو علاج لها، كالغدة الدرقية والربو، إذ يتم وضعهم في قائمة اسمها “خارج الضوابط” بعد التثبت من حالتهم الصحية بواسطة أطباء متخصصين ومحايدين، حيث يستطيع هؤلاء البقاء في الخدمة لكن المناصب القيادية تحجب عنهم.

وفي إجراء “عقابي” حيال الضباط الذين يعانون من السمنة وزيادة الوزن، وجه وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري، في يوليو حزيران 2023 باستبعاد الضباط المشمولين بالترقية منهم.

ويجمع متخصصون في الشأن العسكري على أن زيادة الوزن تقلص مهارات الكفاءة القتالية المتعلقة بالانتشار والتحرك السريع في ميدان القتال عبر الجري والعدو السريع وتغيير الاتجاه والحفر والتسلق والجر والدفع والرفع والتنزيل والتحرك بالأحمال وحمل وسرعة تعبئة الذخائر وإخلاء الميدان من الجرحى والالتحام والاشتباك القريب مع العدو، فضلاً عن المهارات الحركية أوقات الطوارئ من الوثب والدحرجة والالتفاف والانبطاح والرمي.

يذكر أن النظام السابق قد اتخذ قرارات بحق وزراء وقادة عسكريين في تسعينيات القرن الماضي لمعالجة السمنة من خلال إدخالهم في دورات تدريب بدني، إلى جانب حجب مخصصات المنصب عن الضابط الذي لا يستجيب لضوابط الرشاقة والوزن المسموح به، على أن يعاد فحصه مرة ثانية بعد مرور ستة أشهر، وفي حال لم ينقص وزنه يعفى من منصبه، ومن ثم يحال إلى الإمرة أو التقاعد.

إقرأ أيضا