رغم الموازنات «فوق الانفجارية».. 200 دولار فقط حصة الفرد من الخدمات الصحية سنوياً

لم يشهد قطاع الصحة في العراق على مدى السنوات الماضية، إلا المزيد من التدهور، بدءً من تقادم المستشفيات وعدم تأهيلها، وصولا إلى الإهمال في الجوانب الخدمية والسلامة، فضلا عن عدم توفر الأدوية، الأمر الذي يدفع ثمنه العراقيون كل يوم جراء فشل الحكومات المتعاقبة في تحسين هذا النظام المتهالك.

ورغم إقرار العراق موازنات “فوق الانفجارية”، إلا أن رئيس لجنة الصحة النيابية ماجد شنكالي كشف، اليوم الاثنين، عن وجود نقص كبير في التخصيصات المالية لتوفير خدمة صحية جيدة، فيما اشار الى صرف الحكومة (200) دولار ضمن الانفاق الحكومي السنوي للفرد بالخدمة الصحية أي 17 دولار شهريا.

وأعلن موقع “نومبيو” الذي يعنى بالمستوى المعيشي لدول العالم، في آيار 2023، حلول العراق بالمرتبة الثالثة في قائمة أسوأ البلدان من ناحية النظام الصحي بعد بنغلاديش.

إذ قال شنكالي، إن “حجم الانفاق الحكومي بقطاع الصحة قليل جداً، فوزارة الصحة تبلغ تخصيصاتها سنويا (8) مليار دينار، وهذا المبلغ يقسم على أكثر من (40) مليون نسمة، أي انه لكل مواطن (200) دولار وهذه قيمة الانفاق الحكومي السنوي للفرد”.

وأوضح أنه “مع الارتفاع الكبير في اعداد مرضى السرطان، والنقوصات بالعلاجات الخاصة بهذا المرض، وخاصة الحديثة التي كلفتها عالية، وفي ظل غياب التخصيصات اللازمة لتوفيرها فأن هذه العلاجات لم تدخل البلاد لغاية الان”.

وأكد ان “توفير خدمة صحية جيدة، تحتاج الى اضعاف التخصيص المالي، ولهذا الحكومة لجأت لبعض الحلول ومنها الضمان الصحي”.

واشار الى أن “عدد الملاكات في وزارة الصحة وصل الى ما يقارب (600) الف موظف، ورغم ذلك فهناك نقص في الملاكات الطبية خاصة الأطباء والكوادر التمريضية، وباقي الاختصاصات اغلبها زيادة، ولهذا هناك خطة لزيادة اعداد الأطباء والممرضين، عبر قانون التدرج الطبي وغيرها من الخطوات لسد الشاغر الحاصل بهدف تنظيم العمل بالقطاع الصحي”.

وكان أحد الأطباء الاخصائيين في العاصمة بغداد، قد بين في حديث سابق لـ”العالم الجديد”، ان المؤسسة الصحية في العراق لم تتم متابعتها منذ عام 1962 في حين ان المنظومة الصحية في بريطانيا تقوم بعمل متابعة لنظامها كل عامين، وعلى سبيل المثال ان مستشفى القادسية في مدينة الصدر الذي يغطي حوالي اكثر من مليوني نسمة يضم خمسة اطباء اختصاص باطنية فقط، في حين كان لدينا سنة 1989، نحو 13 طبيبا اخصائيا.

وكان مجلس النواب، قد أقر في حزيران يونيو 2023، الموازنة المالية للسنوات 2023 و2024 و2025 بعد مخاض عسير وسلسلة من الجلسات البرلمانية، وعدّت هذه الموازنة هي الأضخم في تاريخ البلاد، إذ تبلغ قيمتها نحو 153 مليار دولار لكل عام.

وبلغت موازنة 2024 نحو 228 تريليون دينار، وعجز 80 ترليونا بحسب وزير التخطيط محمد تميم.

وتظهر بيانات منظمة الصحة العالمية أن الحكومة العراقية أنفقت خلال السنوات العشر الأخيرة مبلغا أقل بكثير على الرعاية الصحية للفرد من دول أفقر كثيرا، إذ بلغ نصيب الفرد من هذا الإنفاق 161 دولارا في المتوسط بالمقارنة مع 304 دولارات في الأردن و649 دولارا في لبنان وفقا لتقرير سابق.

جدير بالذكر، أن عدد الأطباء والممرضات بلغ في العراق مقارنة بعدد السكان أقل بكثير من دول أخرى، بل إن عددهم أقل بكثير من دول أفقر مثل الأردن وتونس وفقا لتقرير رويترز، ففي العام 2018، كان لدى العراق 2.1 ممرضة وقابلة لكل ألف نسمة مقارنة مع 3.2 في الأردن و3.7 في لبنان، وذلك وفقا لتقديرات كل بلد.

وبلغ عدد الأطباء 0.83 فقط لكل ألف نسمة، أي أقل بكثير من الدول المماثلة في الشرق الأوسط، فقد بلغ العدد في الأردن على سبيل المثال 2.3 طبيب لكل ألف نسمة.

يذكر أن العراق فقد مئات الأطباء، بسبب الظروف الأمنية أو تفشي ظاهرة الاعتداء عليهم من قبل ذوي المرضى، وخاصة الذين يتوفون نتيجة لأسباب طبيعية، ويتم تحميل الطبيب المسؤولية، وهو أمر تمنعه السلطات بشدة وتوجه القوات الأمنية باعتقال المعتدين، إلا أن الأمر لم يتوقف.

يشار إلى أن أغلب العراقيين باتوا يتجهون إلى خارج العراق لغرض تلقي العلاج، وخاصة إجراء العمليات الصعبة، ومن بين الدول إيران وتركيا والهند، وغالبا ما تأتي نصيحة السفر من قبل الأطباء أنفسهم، في حال وجدوا الحالة المرضية صعبة وتحتاج إلى أجهزة وعلاجات وإمكانيات كبيرة.

إقرأ أيضا