زيارة مثمرة أم بروتوكولية.. بماذا سيعود السوداني من البيت الأبيض؟

تصدر إعلان البيت الأبيض عن موعد زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى واشنطن، وسائل الإعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي، وتباينت الآراء حول أجندة هذه الزيارة وما يمكن أن تحققه من مكاسب للعراق، ففيما يرى البعض أنها زيارة ستتضمن التحاور في العديد من الملفات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، يذهب آخرون إلى أنها لن تتجاوز التداولات البروتوكولية، ولن تخرج بجديد على مختلف الأصعدة، وستقتصر على المكسب الإعلامي الذي يعول عليه السوداني كهدف.

وعن مغزى الزيارة، يقول المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي، علي فضل الله، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “السوداني يسعى من خلال زيارته إلى الوصول لتفاهمات متقدمة بشأن إخراج القوات الأمريكية وإنهاء مهام التحالف الدولي، وهذه أبرز الملفات التي سيتم الحوار فيها ما بين الجانبين في البيت الأبيض”.

ويلفت إلى أن “السوداني سيعمل على إقناع الإدارة الأمريكية برفع العقوبات عن بعض المصارف العراقية وكذلك تعزيز العراق بالدولار، خصوصا بعد التزام العراق بالمنصة لبيع الدولار، والسيطرة على السوق بشكل كبير وهناك إشادات دولية بخطوات العراق المالية والاقتصادية”.

ويشدد على أن “زيارة السوداني إلى البيت الأبيض، ستكون زيارة اتفاق وتفاهم ولن تكون زيارة بروتوكولية، بل ستكون زيارة حسم الملفات وستعود بنتائج إيجابية كبيرة، خاصة وأن السوداني وفريقه الحكومي يملكون خبرة بالتفاوض والحوار، ولهم مقبولية دولية”.

وكان البيت الأبيض قد أعلن يوم الجمعة 22 آذار مارس الجاري، أن موعد زيارة رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع  السوداني، إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن، سيكون في 15 نيسان أبريل المقبل، وأكد التزام واشنطن باتفاقية الإطار الإستراتيجي، والعمل على تعميق الرؤية المشتركة لعراق آمن وذو سيادة ومزدهر ومندمج بالكامل في المنطقة الأوسع.

ويوم أمس الأحد، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، إن العنوان الأساس لزيارة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، إلى واشنطن، هو بحث آفاق العلاقة المستقبلية ما بعد التحالف الدولي، ثم الانتقال إلى العلاقات الشاملة بين الطرفين وبينها الجوانب الأمنية والعسكرية والتسليحية.

يشار إلى أن، رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، حاول زيارة واشنطن بعد تسنمه منصبه، إلى جانب زياراته للدول الإقليمية، لكن لم يتم الاتفاق على الزيارة طيلة العام والنصف الماضي.

في المقابل، يرى رئيس المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية غازي فيصل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “زيارة السوداني المرتقبة إلى واشنطن، ستكون بروتوكولية، ولن تكون زيارة اتفاقات جديدة سواء أمنية أو اقتصادية كما يروج البعض لذلك”.

ويضيف فيصل، أن “السوداني يريد من زيارته لواشنطن كسب دعم أمريكي حقيقي لحكومته خاصة بملف الاقتصاد، فهو يريد رفع العقوبات الأمريكية عن بعض المصارف، فهذه العقوبات كان لها تأثيرات سلبية كبيرة على الواقع المالي والاقتصادي للعراق”.

ويشير إلى أن “زيارة السوداني إلى واشنطن لن تشهد عقد أي اتفاق جديد بشأن التواجد الأمريكي، وهذا الملف ستتم مناقشته والحوار بشأنه دون أي اتفاق جديد، خصوصا في ظل عدم وجود أي رغبة أمريكية حقيقية للانسحاب والموقف الأمريكي واضح بهذا الصدد، عكس ما تروج له بعض الأطراف العراقية سواء الحكومية أو السياسية”.

يذكر أن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، التقى في نيويورك يوم 18 أيلول سبتمبر 2023، على هامش حضوره اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ونقل الوزير الأمريكي خلال اللقاء، دعوة الرئيس جو بايدن إلى السوداني لزيارة البيت الأبيض من أجل المزيد من التباحث في العلاقات الثنائية بين البلدين.

وأكد السوداني، خلال اللقاء على أهمية استئناف أعمال اللجنة العراقية الأمريكية المشتركة، فيما يخص اتفاقية الإطار الإستراتيجي بين البلدين، وشدد على أهمية التعاون المشترك في المجال الأمني لمحاربة تنظيم داعش، فيما أشاد بلينكن بالخطوات العملية التي أجراها العراق في سبيل تنويع مصادر الطاقة والاستثمار الأمثل للغاز وتحقيق الاكتفاء الذاتي عبر توقيع عقود مع شركة توتال، والربط الكهربائي مع دول الجوار.

ومؤخرا، أثارت تحركات السفيرة الأمريكية في بغداد ألينا رومانسيكي، واجتماعاتها مع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، والوزراء وزعماء الكتل السياسية، وخاصة قادة كتل الإطار التنسيقي، التساؤلات، ووفقا لتقرير سابق لـ”العالم الجديد”، فقد كشف المتحدثون أن الإدارة الأمريكية سلمت ملف العراق للسفيرة دون تدخل وزارة الخارجية أو الرئيس الأمريكي بشكل مباشر، وذلك ما يضمن لها حرية التحرك والمرونة بإيصال الرسائل، فيما بينوا أن سبب هذه الخطوة هو وضع اشتراطات على السوداني تخص الفصائل المسلحة، قبل أن تعود العلاقة المباشرة مع واشنطن.

من جهته، يوضح الباحث في الشأن السياسي ماهر جودة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “زيارة السوداني إلى واشنطن لها أهمية معنوية بدعم الحكومة العراقية من قبل الإدارة الأمريكية، لكن هذه الزيارة لا تعني أن السوداني سوف يحصل على ما يريد خلال هذه الزيارة، خاصة بما يتعلق بالجانب الأمني والعسكري”.

ويبين أن “السوداني سيناقش مع بايدن الملفات الاقتصادية والأمنية، لكن الزيارة بحسب كل المعطيات لن تشهد توقيع أي اتفاقات جديدة، خاصة وأن الإدارة الأمريكية ممكن أن تتغير ما بعد الانتخابات الرئاسية، ولهذا كل شيء سيؤجل إلى ما بعد الانتخابات”.

ويؤكد أن “زيارة السوداني إلى البيت الأبيض ستكون زيارة بروتوكولية كحال الزيارات التي يجريها أي رئيس عراقي أو غيره، خاصة وأن هذه الزيارة تأخرت كثيرا، وهي زيارة لإعلان الدعم الأمريكي للعراق، بشكل إعلامي، لكن لا دعم حقيقي على الأرض خاصة بالملف الاقتصادي والعسكري”.

وأعلنت الحكومة العراقية في يناير كانون الثاني الماضي، أنها اتفقت مع واشنطن على بدء محادثات حول مستقبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق من أجل وضع جدول زمني لانسحاب القوات وإنهاء مهام التحالف، لكن مع سريان المفاوضات قالت واشنطن إنها لن تنسحب وتخطط لشراكة أمنية دائمة.

إقرأ أيضا