«كراجات» خارج الخدمة بسبب الإهمال.. والـ«چابك» يتصدر

تعاني مرائب السيارات الرسمية (الكراجات الرئيسية) للتنقل بين المحافظات وداخلها من الإهمال، نتيجة عدم وجود آلية تنظيمية لحركة سير المركبات وطرق التنقل في البلاد، حيث يعزف غالبية السائقين عن الوقوف في هذه المرائب (الكراجات) لينتظر كل منهم دوره في نقل الركاب بين الأقضية والنواحي أو خارج المحافظة، من أجل التملص من دفع الرسوم.

وبعد العام 2003 تضاعفت أعداد المركبات في العراق وباتت تتخذ من تقاطعات الطرق والأسواق والمناطق ذات الكثافة السكانية موقعا لنقل الركاب بدلا من المرائب الرسمية، ما انعكس بشكل سلبي على المرائب التي بلغ عمر بعضها عشرات السنين، ومن أبرزها النهضة، وعلاوي الحلة، والباب المعظم في جانبي الرصافة والكرخ، والتي باتت شبه مهجورة، في انتشار لثقافة “الجابك” وهي مفردة شعبية تعني قيام صاحب مركبة النقل بالتقاط الركاب من الشوارع، بدلا من انتظارهم في المرائب. 

ويقول أبو جعفر (38 عاما)، سائق إحدى المركبات على خط نقل بغداد- واسط، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مرائب العاصمة بغداد تعاني من الإهمال، إضافة إلى أنها باتت مكانا مهجورا يوحش الداخلين إليه بسبب عزوف أصحاب السيارات والركاب عن استخدامها”.

ويضيف أن “كثرة السيارات باتت مشكلة أساسية، كما أن المرائب الرسمية تفتقر إلى التنظيم، فسائقو الجابك، أصبحوا ظاهرة مزعجة، بل إن البعض منهم يمنعون المواطنين من الوصول إلى المرائب من خلال تقديم إغراءات مثل أن سياراتهم تستخدم التكييف وأسعارهم أقل نسبيا، وكل هذا يجري أمام أنظار الهيئة المسؤولة عن المرائب، بل بالاتفاق معها”.

ويدعو أبو جعفر، مديرية المرور العامة والجهات ذات العلاقة، إلى “ضرورة تشكيل لجان لضبط أصحاب مركبات الجابك، وحصر النقل بالمركبات المتواجدة داخل المرائب الرسمية والعمل على تطوير ثقافة المواطن في هذا المجال”.

وكانت أمانة بغداد قد حددت السعر الرسمي لدخول المركبات إلى المرائب بأسعار أجور تتراوح بين 1000 دينار إلى ثلاثة آلاف بحسب عدد الساعات التي تتواجد فيها المركبة داخل المرآب، في حين هناك مرائب استثمارية تكون أرضها تابعة لصاحب المشروع ويحصل على موافقات رسمية، لكن أجرتها تصل إلى خمسة آلاف دينار.

من جانبه، يشير المواطن رياض الزيادي (40 عاما)، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “المرائب الرسمية تفتقر للإنارة والنظافة، كما أنها بعيدة عن المناطق السكنية، وهذا ما وفر بيئة مناسبة لظهور مرائب فرعية قريبة من مناطق التجمع السكاني، وقريبة من دوائر الكثافة السكانية، تختصر الوقت على العديد من المواطنين”.

ويتابع “العديد من المرائب غير الرسمية تكون تابعة لأحزاب وجهات متنفذة ومسجلة على جميع خطوط البلاد سواء إقليم كردستان أو المحافظات الجنوبية والغربية وحتى وسط البلاد”.

ويكمل الزيادي “غالبية المرائب في العراق، وتحديدا بغداد غير نظامية، وليست وفق الضوابط والمواصفات المطلوبة في التخطيط العمراني، كما يفترض أن تكون هذه المحطات ذات طابع حضاري، كونها تمثل العاصمة بغداد ومكانتها”.

ويفتقر العراق بشكل عام إلى ثقافة النقل العام، وهذا ما تسبب بكثافة غير مسبوقة بأعداد السيارات التي تجاوز عددها وفق آخر إحصائية أكثر من أربعة ملايين سيارة في بغداد فقط.

وبهذا الصدد، يبين مدير الشركة العامة لإدارة النقل الخاص أحمد كريم الموسوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المرائب الرئيسية الموجودة في عموم العراق عددها 217 مرآبا، منها 18 مرآبا موحدا مثل النهضة والعلاوي، وهذه يقبل عليها المواطنون في تنقلاتهم بين المناطق والأقضية والنواحي والمحافظات”.

ويؤكد على أن “قانون الشركة التي تأسست عام 1994، يتضمن فقرات تلزم أمانة بغداد بتخصيص أراضٍ لنا ليتم تشييد المرائب عليها، إلا أن هذه التخصيصات اختفت منذ العام 2003، على الرغم من التوسع الكبير في العاصمة بغداد، ولذا نشاهد انتشار المرائب غير الرسمية الشوارع بحسب حاجة المدينة”.

ويتفق الموسوي، مع الرأي القائل بعزوف المواطنين عن المرائب الرسمية، مستدركا أن “هناك عزوفا قليلا عن مرآب البياع، وهذا لأسباب عدة، منها عدم التعاون منتسبي وزارة الداخلية والمرور مع موظفي النقل الخاص، فهم مدنيون ولا يستطيعون إجبار المواطن والسائق على الدخول إلى المرآب، ولهذا نحتاج إلى تكاتف للجهود بين جميع الأطراف”.

وتحولت أغلب الطرق في العاصمة بغداد، وخاصة القريبة من مراكز التسوق أو العيادات الطبية والمناطق التجارية، إلى ساحات لوقوف السيارات، حيث تقف مجموعة من الشباب وتتحكم بوقوف السيارات وطريقة صفها، ومنح وصولات غير رسمية، وعندما يهم صاحب السيارة بالمغادرة، يطالبونه بأجرة الوقوف التي تتراوح حسب المناطق، بين 2000 إلى 5 آلاف دينار.

وامتدت هذه الظاهرة لتشمل حتى الأزقة السكنية، وتعج وسائل التواصل الاجتماعي، بمناشدات وشكاوى من تحول المساحات التي تتوفر أمام أبواب المنازل في بعض المناطق إلى ساحات لوقوف السيارات، ما دفع بعض أصحاب المنازل إلى وضع كتل اسمنتية أو شواخص أمام منازلهم لمنع استخدامها من قبل أصحاب هذه الساحات.

إقرأ أيضا