منتجات «الإكسباير» تغتال أسواق العراق بذريعة «التنزيلات»

“أي حاجة بـ1000 دينار”، باتت هذه العبارة تتردد على مسامع المواطنين في أغلب الأسواق المحلية، ولطالما يتساءل الكثير عن سبب رخص ثمن هذه البضائع، وخاصة المواد الغذائية منها، لاسيما وأن نظيراتها في المحال الأخرى يكون سعرها الضعف.

هذه التخفيضات الهائلة على بعض المواد الغذائية، والتي أيضا يعمد لها أصحاب الأسواق الكبيرة، حيث يضعون مواد معينة بمدخل المحل بسعر بخس جدا، اتضح أنها مواد منتهية الصلاحية تدخل البلاد نتيجة لـ”الاستيراد العشوائي”، بحسب المتخصصين، وفيما أكدوا أنها جريمة يعاقب عليها القانون، أشارت وزارة التخطيط إلى أن أجهزتها الرقابية تتابع كافة البضائع المستوردة وتخضعها للفحص. 

ويقول أحمد ابراهيم، (37 عاما)، وهو موظف في وزارة الزراعة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك محال خاصة ببيع مواد بسعر تخفيضات، وهذه المحال أتوجه إليها شهريا عندما أستلم راتبي لغرض التسوق، فليس بمقدوري التسوق من المحال الأخرى المعروفة، نظرا لارتفاع الأسعار”.

ويضيف إبراهيم، أن “هذه المحال التي تبيع المواد بسعر مخفض، تناسب مدخولي الشهري، فالوضع المعيشي في بغداد أصبح صعبا، بسبب ارتفاع الأسعار وجشع التجار”، مستدركا “لا أخفي أن العديد من المواد التي أشتريها هي منتهية الصلاحية، لكن ليس لدينا حلول أخرى”.

وتعلن الجهات الرقابية بشكل شبه يومي إتلاف أطنان من البضائع والأدوية الفاسدة التي دخلت إلى البلاد بطرق غير مشروعة، إلا أنها لم تعلن كمية المواد المتلفة بشكل شهري أو سنوي، لكن تؤكد أن حملاتها الصحية الرقابية مستمرة لمتابعة عمل محال بيع المواد الغذائية والأسواق العامة والمطاعم ضمن قانون الصحة العامة.

وشهدت السوق المحلية بعد 2003 دخول الكثير من البضائع مجهولة المصدر والمغشوشة ومنتهية الصلاحية، لاسيما الغذائية منها، في ظل ضعف الدور الرقابي عند المنافذ الحدودية، فيما تصدرت كل من تركيا وايران الدول المصدرة للعراق سواء للمنتجات الغذائية وغيرها، وسبق لـ”العالم الجديد”، وإن كشفت عن دخول أدوية مهربة بثمن بخس عبر إقليم كردستان إلى المحافظات الأخرى، فضلا عن تهريب مواد أخرى ومنها الغذائية عبر المنافذ الحدودية. 

ولم يترك المشرع العراقي، مثل هذه الأمور دون معالجة، حيث يوضح الخبير القانوني علي التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قانون المنافسة ومنع الاحتكار وبيع المواد منتهية الصلاحية رقم 14 لسنة 2010 عاقب في المادة 13 منه، بالحبس 3 سنوات وغرامة تصل إلى 3 ملايين دينار، لمن يتعامل بالمواد منتهية الصلاحية، وهذا بالإضافة إلى العقوبات الواردة في قانون العقوبات وبالمواد 230 و466 منه”.

ويضيف التميمي، أن “ما يجعل الذنب مضاعفا هو عندما يستغل الإنسان أزمات الناس لتحقيق أهداف الخاصة، وهذا ما يعرف بعقاب الضمير”، مشيرا إلى أن “التعاون مع الأجهزة الأمنية والإبلاغ عن من يبيع مواد منتهية الصلاحية، هو مهم للإيقاع بهؤلاء”.

يذكر أن وزارة التجارة، أعلنت في وقت سابق، عن نيتها تشكيل مجلس حماية المستهلك، الذي يهدف إلى ضمان الحقوق الأساسية ورفع مستوى الوعي الاستهلاكي، ومنع كل عمل يخالف قواعد استيراد أو إنتاج أو تسويق السلع أو ينتقص من منافعها أو يؤدي إلى تضليل المستهلك، إضافة إلى حماية المنتجات العراقية من الآثار المترتبة عن الممارسات الضارة في التجارة الدولية مع العراق ومعالجة الأضرار الناجمة عنها، وتوفير بيئة لصناعة وطنية قادرة على المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية.

إلى ذلك، يبين المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مهمة جهاز التقييس والسيطرة النوعية التابع لوزارة التخطيط، هي فحص السلع والبضائع المستوردة في بلد المنشأ، من خلال التعاقد مع شركات عالمية تتولى فحص البضائع واصدار شهادات مصادقة ومطابقة”.

ويتابع “هناك فرق من الجهاز تتابع الأسواق المحلية للتأكد من صلاحية ومطابقة السلع الموجودة للمواصفات العراقية المعتمدة وأنها صالحة للاستعمال”، مؤكدا أن “حالات التزوير وتحدث أحيانا في ورش داخل البلد، وأيضا يتم ضبطها واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق مرتكبيها”.

ومنذ بداية 2020 وحتى بداية 2024، ارتفعت أسعار السلع والخدمات في العراق بنسبة 18 بالمئة، بحسب بيانات الأسعار الصادرة من الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط.

وأكدت مؤسسة عراق المستقبل المعنية بالإحصاءات، في وقت سابق، أن سلعاً مهمة وأساسية للمواطن العراقي شهدت ارتفاعا بنسبة الأسعار بلغت أكثر من 30 بالمئة تصدرتها اللحوم التي ارتفعت بنسبة 36 بالمئة، مقارنة مع 2020 كما ارتفعت أسعار الأسماك والألبان.

يشار إلى أن عضو مجلس محافظة البصرة السابق، أحمد عبد الحسين، كشف خلال وجوده في المجلس قبل حله، عن وجود عمليات فساد وتزوير كبيرة في مستندات البضائع بالموانئ العراقية من خلال التعاون مع بعض الموظفين الفاسدين، ويكون التزوير بتغيير تاريخ صلاحية المواد وشهادة المنشأ للدولة المصنعة للبضائع، بهدف إدخال بضائع رديئة.

إقرأ أيضا