نمو مطرد.. السيارات الصينية تتحول لمنافس عنيد في السوق العراقية

اشتهر سوق السيارات في العراق لغاية العام 2003 بأن السيارات اليابانية هي الأكثر رواجا، تليها الألمانية، ومن ثم الأمريكية، إلى جانب الفرنسية والسويدية بشكل محدود، والروسية والإيطالية التي اقتربت من الانقراض مع نهاية ثمانينيات القرن الماضي، إلا أنه ومنذ العقدين الأخيرين، أخذت السيارات الكورية مساحة ليست بالبسيطة، بل هيمنت على السوق المحلية، لتتصدر إلى جانبها السيارات الإيرانية كمنافس قوي بسبب رخص أثمانها وتوفر أدواتها الاحتياطية بأسعار مناسبة، قبل أن تبرز السيارات الصينية كمنافس شرس لما تطرحه من مواصفات متطورة تنافس فيه كبريات الشركات العالمية.

وبحسب الإحصائيات، فإن العراق استورد في العام الماضي 2023، أكثر من 15 ألف سيارة أمريكية (وارد أمريكي) بقيمة بلغت 229 مليون دولار، في حين يقدر حجم سوق العراق من الاستيراد السنوي بنحو 100 ألف سيارة سنويا، ويبلغ عدد السيارات المسجلة أكثر من سبعة ملايين سيارة.

ويقول أمجد النعيمي، صاحب معرض لبيع السيارات في واسط، خلال حديث لـ”العام الجديد”، إن “مواصفات الصناعات الصينية الجديدة من السيارات تكاد تكون خيالية، كما أن أسعارها تنافسية قياسا بالشركات الأخرى، اليابانية والأمريكية والكورية”.

ويضيف “الشركات التي تبيع السيارات الصينية، تقدم عروضا مغرية منها البيع بالأقساط، إضافة إلى الضمان المقدم لكل سيارة والذي يصل إلى خمس سنوات أو قطع مسافة تقدر بـ100 ألف كيلومتر كضمان للسيارة”.

وكان رئيس مؤسسة “عراق المستقبل” للدراسات والاستشارات الاقتصادية منار العبيدي، قد توقع في وقت سابق، بلوغ عدد سيارات القطاع الخاص في العرق لغاية نهاية 2030 بحدود 9.5 ملايين سيارة في جميع أنحاء البلاد نتيجة الارتفاع الحاصل بأعداد السكان السنوية والتي من المتوقع أن تصل نهاية العام 2030 إلى أكثر من 51 مليون نسمة في العراق.

بدوره يوضح ميكانيكي السيارات، علي الدراجي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “من عيوب السيارات الصينية الجديدة هو أن موادها الاحتياطية غير متوفرة في السوق المحلية، حيث كما هو معروف أن أي إصدار جديد يتطلب فترة من الزمن لغرض توفر مواده تجاريا، والشركات الصينية تحتكر هذه المواد في بداية الأمر لتجبر السائقين على الذهاب لورش الصيانة في شركاتها المنتشرة في العراق”.

ويشير إلى أن “السيارة الصينية إلى حد ما جيدة قياسا بمثيلاتها من الكوري والإيراني وغيرها من الشركات، ولكنها ليست بمتانة الأمريكي والألماني من ناحية الرصانة”.

ويتابع الدراجي “السيارة الصينية وبحسب التجربة الحالية هي مستهلكة للمواد الاحتياطية، إضافة إلى أن أغلب محركاتها (توربو) وهذا يحتاج إلى بنزين محسن”.

وكانت شركة “Focus 2 Move” المتخصصة بتقديم البيانات الخاصة حول السيارات، قد أعلنت في 23 كانون الأول ديسمبر 2023، في تقرير لها، اطلعت عليه “العالم الجديد”، إن سوق مبيعات السيارات في العراق استمر بالارتفاع لشهر تشرين الثاني نوفمبر 2023 بزيادة قدرها 25.2 بالمئة مقارنة بالعام الماضي، مبينة أن شركة كيا جاءت بالمركز الأول من حيث المبيعات، حيث تم بيع 27 ألفا و325 سيارة منذ بداية العام 2023 وحتى شهر تشرين الثاني نوفمبر بزيادة 12.1 بالمئة، تليها شركة تويوتا بمبيعات 26 ألفا و80 سيارة، في حين جاءت هيونداي بالمركز الثالث بمبيعات 12 ألفا و195 سيارة.

وبحسب التقرير أيضا، فقد جاءت MG الصينية رابعا بمبيعات 10 آلاف و779 سيارة، وجاءت بالمركز الخامس شوفرليت بمبيعات 4392 سيارة، وشيري بالمركز السادس 3176 سيارة، ومن ثم جاءت سوزوكي سابعا بـ2927 سيارة.

وحول الانتشار المفاجئ للسيارات الصينية في إقليم كردستان، يبين أحمد قادر، صاحب معرض سيارات في أربيل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذه السيارات دخلت بمميزات ومواصفات قد لا تكون موجودة في باقي أنواع السيارات من الكورية واليابانية، إضافة إلى أن أسعارها مناسبة إلى حد بالمقارنة مع مثيلاتها من الشركات المذكورة سابقا”.

ويلفت إلى أن “الصين استحوذت على شركات أجنبية كبيرة للاستفادة من التكنولوجيا التي تمتلكها في إنتاج سيارات حديثة أثبتت وجودها في العراق، وحاولت الخروج من السمعة السيئة التي ألتصقت بها من ناحية الصناعات الصينية وردائتها، فقد قامت الصين بتحسين إنتاجها بشكل واضح من خلال طرحها مجموعة سيارات جديدة تختلف بشكل جذري عما كان موجودا في العراق”.

وكانت الشركة العامة لتجارة السيارات في وزارة التجارة، قد أعلنت في أوقات سابقة عزمها إدخال نماذج صينية وكورية من السيارات الهجينة الكهربائية الصديقة للبيئة، وفيما بينت أن المستهلك العراقي تعود على علامات معينة للسيارات يعتمدها في الشراء، وأن إدخال العلامات الجديدة يحتاج إلى مقدمات منها الدعاية والتجربة، أوضحت أن الشركة العامة لتجارة السيارات ذاهبة باتجاه استقدام السيارات الصديقة للبيئة من السيارات ثنائية الأداء التي تعمل بالمحركات الميكانيكية والمحروقات تارة، والكهربائية تارة أخرى.

وفي السياق، يبين الباحث في الشأن الاقتصادي علي كريم إذهيب، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “خلال السنوات الخمس الأخيرة وتحديدا منذ بداية العام 2019 بدأت السيارات ذات المنشأ الصيني تغزو الأسواق العراقية وأصبح لدى العديد من الشركات الصينية المختلفة وكلاء معتمدون في العراق وهذا يدل على الرغبة الجامحة للصين في السيطرة على سوق السيارات”.

وينوه إلى أنه “لا بد من الإشارة لعوامل عدة لسبب هذه الرغبة بالسوق العراقي، وبطبيعة الحال فالمواطن العراقي يعد من مقدمة القوى الاستهلاكية في منطقة الشرق الأوسط، كما أن ⁠السيولة النقدية لم تعد عائقا أمام المستهلك العراقي في شراء منتج معين، بالإضافة إلى ⁠التسهيلات المقدمة من قبل الشركات لمنتجاتها المعروضة في السوق من أقساط ميسرة وسلسة الدفع بالتعاون مع المصارف الحكومية والأهلية”.

ويتابع “هذه أبرز وأهم العوامل التي دفعت الصين لزج شركاتها لصناعة السيارات للعمل بقوة بعد العام 2019 في العراق وبعد جائحة كوفيد 19 أصبحت السيارات الصينية ذات صدارة كبيرة على خارطة تجارة السيارات العالمية حتى وصلت لإنتاج سيارات كهربائية كما في شركة BYD وشركة شاومي”.

ويستدرك إذهيب “وعند قراءة الأرقام نجد السيارات الصينية تحتل المراتب الرابعة والثالثة في مستوى اقتناء السيارات عند سكان الخليج، وهذا الأمر دفع الصين لزيادة حضورها في السوق العراقية، والآن تمتاز سياراتها بجودة عالية وقوة ورصانة كبيرة ومواصفات تضاهي سيارات اليابان وكوريا الجنوبية وأمريكا ربما في بعض الفئات، إضافة إلى أن بعض الفئات الأخرى من السيارات الصينية هي مناسبة جدا لما يبحث عنه المواطن العراقي بأن تكون سيارة اقتصادية وأدواتها الاحتياطية متوفرة بأسعار مقبولة أو رخيصة نوعا ما”.

هذا وأعلن مرصد “العراق الأخضر” المعني بالحفاظ على البيئة، عن ارتفاع مبيعات السيارات الصديقة للبيئة بنسبة 84 بالمئة خلال العام الماضي، فيما أشار إلى أن من أسباب ارتفاع نسبة المبيعات للسيارات صديقة البيئة هي انخفاض أسعارهن، فضلا عن إدراك الناس لأهميتها وتقليل استهلاك المحروقات أكثر من السيارات ذات الاحتراق الداخلي الاعتيادية.

وأفادت وكالة الأنباء الصينية الرسمية “شينخوا” في تقرير سابق لها، بأن السيارات الكهربائية الصينية بدأت بتحقيق موطئ قدم لها بالسوق العراقية لما تملكه من مميزات جيدة وجودتها العالية وملاءمتها للطقس العراقي وخاصة في فصل الصيف الحار.

إقرأ أيضا