الثقافة النيابية لـ\”العالم الجديد\”: العراق سيتحول الى مقصد سياحي بعد عامين بسبب أحداث مصر وسورية

يأمل المهتمون في قطاع السياحة، أن تتحقق زيارة البابا فرانسيس الأول ووفد من حجيج الفاتيكان الى مدينة أور الاثرية في ذي قار بتشرين الثاني المقبل، كأول مجموعة حج مسيحية تسعى الى واحدة من الاماكن المقدسة العراقية في الذاكرة الانجيلية لأول مرة في التاريخ، لتكسر احتكار العراق كمركز للسياحة الدينية إسلاميا، في الوقت الذي انتخب العراق أمس الأحد، نائبا لرئيس الجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية، ونائبا لرئيس لجنة الشرق الأوسط، ورئيسا للجنة السياحة المستدامة في المنظمة.

غير أن العراق ما زال الأضعف نشاطا في خارطة البلدان السياحية، ما يضعه في اختبار صعب أمام قواه \”الترفيهية\” الخائرة، لكن رهانه يقتصر على السياحة الدينية من دول إقليمية مجاورة، وبالرغم من محاولات تجاوز هذه العقدة فانها ما زالت خجولة.

وزار العراق نحو مليوني سائح ديني العام 2012 بحسب وزارة السياحة والاثار، فيما تشير إحصاءات أخرى الى دخول وفود ما يقرب من مليون و800 زائر أجنبي كسياحة دينية، مقابل 145 سائحا أجنبيا توزعوا على 12 فوجا سياحيا أثريا من فرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة وتايوان.

وبدءاً من العام 2009، عاودت شركة هنترلاند للرحلات (Hinterland Travel) البريطانية المملوكة لجيوف هان تنظيم رحلات محدودة الى العراق، بعد أن كانت تنظم رحلات سياحية كبيرة في العام 1970، إلا أن سواح الشركة يمرقون في شوارع بغداد بسرية دون أن يلحظهم أحد بسبب خطورة الوضع الأمني.

وفي 31 تموز الماضي، كانت هناك مجموعة سواح أجانب يرافقهم عناصر أمن عراقيون، في سياق رحلات تدوم من 9 إلى 16 يوماً بأسعار تبدأ من 3 آلاف دولار تقريباً للمدة القصيرة التي تتخللها أيضا كلف الرحلات الجوية ورسوم سمات الدخول، تنظمها الشركة ذاتها.

وتجد لجنة الثقافة والاعلام النيابية في تصريح لـ\”العالم الجديد\” أمس، أن \”الوقت بات موائماً لأن يكون العراق مقصدا سياحيا بعد الذي حصل في سورية ومصر\”، مستدركة \”لكن الشركات السياحية ما زالت متخوفة من الوضع الامني\”.

في عقد التسعينيات الماضي قفز السواح الوافدون للعراق من 547 ألف سائح العام 1990، الى نحو مليون سائح العام 2002، بتصاعد ايرادات ملفت للنظر، ففي العام 1997 كانت الايرادات المتحققة للدولة 13 مليون دولار، لترتفع الى 102 مليون العام 2002، وشكلت السياحة الدينية في العراق نحو 94 بالمائة، من إجمالي حركة السياحة العام 1997 لتصل 99 بالمائة العام 2000، ويأتي معظم الزوار من ايران ثم الهند وباكستان ولبنان وافغانستان، وفقا لدراسة أعدها نبيل جعفر عبد الرضا أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، الذي ينوه بأنه \”في ظل الانفلات الامني تدفق عبر المنافذ الحدودية للعراق نحو ثلاثة مليون زائر في النصف الثاني من عام 2003، بعيداً عن الرقابة مما ادى الى إرباك الامن السياحي، وتبديد موارد السياحة الوافدة\”.

ويسعى العراق الآن الى زيادة عدد السواح الى نحو 6 ملايين كل عام.

عدد السواح بعد أن تراجع الى أقل مما كان في العام 1990، عاد لينتعش بدءا من العام 2007 بتسجيل 500 الف زائر وصولا الى مليون و500 الف في العام 2010، وفقا لوزارة السياحة، على أمل أن يزداد إلى 2,2 مليون سائح في العام 2015، بزيادة تصل الى 4 أضعاف، وباجمالي ايرادات مخمنة تقدر بنحو 1.6 مليار دولار، بعد أن كان نحو 1.2 مليون دولار العام 2010، على أساس أن السائح الواحد يقضي بحدود 7 ليال في العراق لزيارة الأماكن الدينية.

أمس الأحد، أعلن لواء سميسم، وزير السياحة والآثار، في بيان تلقت \”العالم الجديد\” نسخة منه، على هامش المشاركة في الاجتماع الـ38 للجنة منظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط في شلالات فكتوريا بزامبيا، انتخاب العراق \”نائبا لرئيس الجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية، ونائبا لرئيس لجنة الشرق الاوسط، ورئيسا للجنة السياحة المستدامة في المنظمة\”.

ولفت سميسم الى أن \”العراق قدم شرحا وافيا عن دور اللجنة والمنجزات التي قدمها العراق خلال السنوات الماضية لرئاسة اللجنة في دول الشرق الاوسط\”، مشيرا الى أن \”العراق سيبقى يدعم بقوة من اجل النهوض بالواقع السياحي في مناطق الشرق الاوسط\”.

السياحة الترفيهية لا تنشط في العراق، سوى في اقليم كردستان، نظرا للاستقرار الأمني، والطفرة العمرانية والاقتصادية الكبيرة التي حققها في الاعوام العشرة الماضية، وأعلنت الهيئة العامة للسياحة في وزارة البلديات والسياحة بحكومة الاقليم على موقعها الرسمي أن \”الاقليم استقبل خلال أيام عيد الفطر (الماضي) أكثر من 300 ألف زائر ليسجل زيادة في عدد الوافدين بنسبة 21 بالمائة، مقارنة بالعام الماضي\”.

وقبل موسم الصيف الحالي، اعلن في السليمانية تشييد مدينة \”جافي لاند\” للألعاب على انها أكبر المشاريع السياحية في العراق والشرق الأوسط، بكلفة 150 مليون دولار، على مساحة 750 ألف متر مربع، وتضم أيضا 38 عربة معلقة تسع كل منها 8 أفراد ومتحفا لتماثيل الشمع وقاعة لعرض الأفلام السينمائية رباعية الأبعاد.

ويضم متنزه جافي لاند مجموعة من الوحدات السكنية الفندقية لإقامة الزوار الراغبين في المبيت، ويبلغ إيجار الوحدة ذات السرير الواحد 200 ألف دينار (170 دولارا) في الليلة وإيجار الوحدة ذات السريرين 250 ألف دينار (214 دولارا).

وحقق الإقليم قفزة نوعية في قطاع الاقتصاد، وتبلغ نسبة النمو فيه نحو 12%، وفقا للجنة الاستثمار في الاقليم، في حين يتوقع ان تصل نسبة النمو الكلية في بقية انحاء العراق 9% العام 2013، وفقا لصندوق النقد الدولي.

ويجد علي الشلاه، رئيس لجنة الثقافة والاعلام النيابية، في حديث مع \”العالم الجديد\”، ان \”السياحة الدينية في العراق، سياحة نشطة جدا خصوصا بعدما حصل في سورية ومصر، (…) لكن الشركات السياحية ما زالت متخوفة من الوضع الامني\”.

ويبدي الشلاه رغبة العراق واستعداده \”التعاقد مع شركات سياحية، لكن هناك محاذير لديها، ولاسيما الكبيرة نتيجة للوضع الامني\”، مشددا على أن \”المخاوف ستتبدد خلال العامين المقبلين، فالكثير من السواح يرغبون بزيارة المدن الاثرية في العراق، وخصوصا من بلدان اوروبا الغربية\”.

وأعرب عن أمله بـ\”تحقيق محافظة بابل نجاحا في السياحة الدينية ايضا، لجهة وجود مرقد زيد بن علي إمام المسلمين الزيدية،  فهناك رؤية لتفعيل هذا الجانب مع اليمن ودول أخرى تعتنق هذا المذهب لمواصلة العمل على جذبهم الى العراق\”.

وبشأن التشريعات الداعمة للواقع السياحي في العراق، يبين الشلاه ان \”العراق أنجز قانون وزارة السياحة والآثار، وحولها الى وزارة بعد أن كانت هيئة تابعة لوزارة الثقافة، وهناك مسعى لتخفيف القيود على منح الفيزا العراقية للسواح نتيجة التخوف من دخول إرهابيين\”.

إقرأ أيضا